عمّت ايقاعات فانتازيا التاريخ وعبقه التراثي ونوتات موسيقى الطوارق الحالمة في صورة انسياب حبات رمل على جسد الجبل الهقاري الأسكرامي الشامخ ، أين استمتع جمهور قاعة الحاج عمر أمس وضمن يوميات " فنون القول " المدرجة في سياق البرنامج الثقافي للمهرجان الوطني للمسرح المحترف وعلى مدار 45 دقيقة من الزمن الركحي النابض بالقول والحكي الشعبي التراثي المشبع بمعاني الحياة والإحتفال مع العرض الفني المتميز الموسوم " أغاني الرمال ". قادة بن شميسة ، المخضرم اليافع في طلّته تمازجت فرقته و تقاسمت معه فضاء الروح و الرّكح مع نخبة من المواهب على غرار رضا عمراني ، مجرام مراد ، موسى نون، سليم قتون ،محمد بهاء الدين ، ماحي صديق ، ليبني فيه حكاية من عمق التراث الشعبي الشفوي التارقي تلك الأيقونة التي توارثها الأجيال والتي تروي الشجاعة والبطولة وانتصار الخير على أنياب الشر حيث يتمكن البطل " إلياس " من تخطي كل الصعاب والكمائن التي ينسجها البعض من أجل إسقاطه ولم تتمكن حتى أفضع عصابات الصحراء أن تسقطه في حبال فتحول إلى رجل أسطوري قوي بنيته الخالصة وحبه للخير. العرض كان متكاملا و تميّز بعناصر الفرجة ومتعة الإنصات لروح الشعر الشعبي الغائر بالوعي وبالإيقاع الموسيقى التارقي والقارقابو القادم من أغوار آلات عتيقة تحكي حلمها وتعزف ألم أوتارها بنزيفها كما تدعم الرؤية الجمالية للعمل بتقديم لوحات تشكيلية مادته تعرض عبر تقنية الحاسوب ضمن فضاء الركح كما أضفت رقصات العرائس التي حركها الثنائي قادة ومحمد بن شميسة المجسدة لرقصة المحارب " تاكوبا " حياة على العرض بفصل تصاميم الملابس وإسقاطات الإضاءة بالشموع الخافتة وروائح البخور والتجول بكل حرية في زوايا العرض حيث تتحول الجمهور إلى جزء من العمل الإبداعي ومحركا له وكونا من الرقص والموسيقى المعبقة بالتراث الجزائري الأصيل ، وارتفعت وتصاعدت وتيرة التناغم مع رقصات وأهازيج القرقابو لفرقة الأصالة من سيدي بلعباس بعناصرها الشابة والعاشقة للموسيقى هي وقود الممارسة الفنية الواعية