فتحت استقالة الأمين العام للتجمع الوطني الديمقراطي ، أحمد اويحيى نهاية الأسبوع الماضي، شهية المعارضة في جبهة التحرير الوطني التي تسعى منذ سنتين لتنحية الأمين العام عبد العزيز بلخادم من منصبه و اعتبر عبادة عبد الكريم عضو الحركة التقويمية في الحزب ، أن تنحي أويحيى من منصبه يفتح آفاقا جديدة أمام المعارضة في جبهة التحرير، لتحقيق هدفها ، مشيدا بقرار الأمين العام للأرندي الذي فضل حسبه التضحية بدل التسبب في انشقاق داخل حزبه.وأضاف قارة الذي عمل في حكومة اويحي منتصف العشرية السابقة ، أن هذا الأخير رجل دولة، يعرف قيمة نفسه، معتبرا أياه خرج منتصرا بقراره الاستقالة في ظروف مريحة ، بعد استرجاع حزبه للأغلبية في مجلس الأمة وتعزيز وجوده في المجالس المحلية. و لفت إلى أن أمين عام الأرندي فضل التنحي في هذه المرحلة، قبل دورة المجلس الوطني للحزب، رغم انه منتخب من قبل مؤتمر الحزب وليس من قبل المجلس الوطني. ووقفت المعارضة في جبهة التحرير الوطني أمس في اجتماع لها بالعاصمة، على التحضيرات لموعد اجتماع اللجنة المركزية لجبهة التحرير الوطني، المقرر أواخر الشهر الجاري. و بحسب عبد الكريم عبادة ، فان اجتماع قيادات محلية، و إطارات في الحزب العتيد لا يحوزون على عضوية اللجنة. و حضر خصوم بلخادم لائحة ، اتهام ضده تتضمن جردا بما اسموه كل الخروقات، التي ارتكبها خلال توليه لمهامه منذ المؤتمر العاشر للحزب، و تعتزم المعارضة اطلاق حملة توقيعات لمناضلي الحزب، للمطالبة بتنحية بلخادم من منصبه دون رجعة، ومحاكمته سياسيا و بالمقابل شرع أمين عام الافالان في الإعداد لدورة اللجنة المركزية، و مناقشات مع فعاليات في الحزب، من أعضاء المكتب السياسي، و اللجنة المركزية وبرلمانيين، لبحث سبل الخروج من الوضع القائم في الجبهة. و من جهة أخرى يعقد المكتب السياسي اليوم الأحد اجتماعا وصف بالحاسم، للنظر في البدائل المتاحة، ومنها فكرة تنحي الأمين العام ، و هو مقترح يروج له الوزراء أعضاء المكتب السياسي، الذين يسعون حسب مصادر في الحزب لإقناع بلخادم بهذا الخيار و يدعو تيار في جبهة التحرير إدخال تغييرات على تركيبة المكتب السياسي، من خلال إدماج بعض رموز المعارضة في عملية اتخاذ القرار واستغلال نتائج انتخابات مجلس الأمة، لسحب البساط من تحت إقدام أعضاء في المكتب ، أصبحوا يشكلون سلطة مضادة للامين العام، أو يتآمرون عليه، في حين يرى أعضاء آخرين أن الحل يكمن في الذهاب إلى مؤتمر استثنائي. قالت مصادر مقربة من بيت التجمع الوطني الديمقراطي أن أعضاء المكتب الوطني و عددهم 15 عضوا يحضرون لخليفة أويحيى شريطة أن لا يكون من أعضاء جبهة الإنقاذ خاصة و أن أي أمين عام سيكون من جبهة إنقاذ الأرندي معناه القضاء سياسيا على كل من ميلود شرفي و عبد السلام بوشوارب و محمد الطاهر بوزغوب وبدرجة أقل شهاب صديق على إعتبار أن هذا الأخير كان من معارضي أويحيى. ومن جهة أخرى يخطط أعضاء جبهة إنقاذ الأرندي إلى ضرورة تقديم مرشح لهم و ذالك من اجل التخلص من بقايا أويحيى و هي تلك المتمثلة في أعضاء مكتبه الوطني و المنسقين الولائيين الذين عينهم أويحيى . و في هذا السياق تعيش عائلة التجمع الوطني الديمقراطي أوضاع أقل مايقال عنها تراجيدية بعد أن أخلطت إستقالة أويحيى كل شيئ. منذ 1999 تاريخ بداية عهد أويحيى في قيادة التجمع، يكاد الأرندي يكون الحزب الوحيد الذي لم يعترض أبدا على نتائج الانتخابات على أيّ مستوى كان، ولا يردّ إلا نادرا على الاتهامات التي توجه له باستمرار، مثلما حصل تماما خلال الأزمة التي سبقت انسحاب الرجل. وكل هذا ساهم في تحقيق هامش واسع من المناعة الداخلية للحزب عجلت بفشل كل محاولات التمرد كما حدث قبل عشرة أعوام من الآن عندما أراد بعض الأعضاء القياديين على غرار بن دريهم ونويصر في .2003 من الواضح أن رضوخ احمد أويحيى لمعارضيه في التجمع يحمل أكثر من إشارة إلى ما يُحاك للمرحلة المقبلة، فالظروف المحيطة بالبلاد تدفع دفعا نحو تغيير الوجوه فضلا عن تغيير السياسات، غير أن هذا كله قد يفسّر مسارعة أويحيى إلى الاستقالة لعلّ الأشهر التي تفصلنا عن الانتخابات الرئاسية تكون كافية لإعادة رسم صورة جديدة لرجل قد يكون صالحا لتولي منصب الرئاسة أو على الأقل لتسخين السباق نحو قصر المرادية، بما يعني أن استقالته من قيادة »الأرندي« يُمكن أن تكون بمثابة إيذان ب مهمة جديدة تنتظر أويحيى في قادم الأسابيع أو الأشهر استكمالا للمهمات التي بدأها منذ سنوات.