قال المخرج الفرنسي ستيفان كازيس أن فيلمه الروائي الطويل الموسوم ب”أومبلين” لا يمكنه أن يكون إلا فيلما روائيا على الرغم من إمكانية انجازه كوثائقي. دافع المخرج على قناعته بأهمية العمل الخيالي ومدى المتعة الكبيرة التي يجدها فيه، مبرره في ذلك إمكانية استقطاب أكبر للجمهور بما في ذلك الأمهات السجينات موضوع عمله السينمائي. وأوضح المخرج، في ندوة نقاش نشطها صبيحة اليوم الجمعة، بأن العمل كوثائقي سيلغي رأي الشريحة المستهدفة في فيلمه وهن الأمهات السجينات وأوضاعهن داخل السجون مع أولادهن من الرضع، أما العمل الروائي فيتيح استقاء آراء الجميع والأكثر من ذلك يحيل المشاهدين إلى الإحساس بواقعية الأحداث والتأثر بها بشكل أعمق من الفيلم التسجيلي أو الوثائقي. بخصوص مدى قدرة الخيال على تشويه الحقائق، أكد المتحدث أن الحقيقة غالبا ما تكون أكثر مرارة من الخيال، قائلا: “سمعت قصصا مريعة لسجينات أشد قسوة من قصة أومبلين”، وتابع يقول: “هناك خطابات مختلفة ومتناقضة بخصوص الأمهات السجينات، فنجد من كادت أن تنتحر وبالمقابل هنالك من أعربت عن سعادتها في تربية ابنها بالقرب منها”. وعن الفيلم وفكرته، كشف المخرج أنه يعود لسنة 2002، لما أراد أن يخرج فيلما يتناول قضية حساسة تخص حياة الأطفال بالسجن، واستغرق سبع سنوات لكتابة السيناريو، ودام العمل بالمجمل 10 سنوات، واستلهم شخصيات عمله من الواقع بعد دراسة وأبحاث دقيقة وعلمية تخص علم الاجتماع وعلم النفس، وجمع لشهادات حية عن الأمهات السجينات. وتم اختيار الممثلة ميلاني تيري لتؤدي دور البطولة، وقد أبهرت المخرج، وقال بخصوصها أنها أخضعت للاحتكاك بالرضع السبعة على اختلاف أعمارهم حتى يكون الأداء أكثر انسجاما ويألف هؤلاء الأطفال حضن الممثلة ميلاني، وقد أدت دورها ببراعة ولبست شخصية أومبلين بدقة واحترافية عالية.
وعرف الفيلم صدى واسعا بفرنسا، وتأثرت به عدة جمعيات حقوقية، ومنها من ذهب إلى المطالبة بتغبير الأوضاع بالسجون الفرنسية للتخفيف من معاناة الأطفال وأمهاتهن، وعلى إثره نال الفيلم عدة جوائز، أهمها جائزة الحقوق والعدالة التي يمنحها القضاة ورجال القانون بفرنسا، وكانت له عدة مشاركات في مهرجانات عالمية ناجحة.