يروي الفيلم الفرنسي “أومبلين” معاناة الأمهات السجينات اللواتي يلدن أطفالهن وراء القضبان، حيث تسرد أطوار الفيلم رحلة كفاح امرأة شابة مسجونة للحفاظ على ابنها بجوارها، الأمر الذي عقدته القوانين الفرنسية وشكل لها هاجسا نفسيا عقد حالتها، ورغم ما وصل إليه الغرب من رقي في مجال حقوق الإنسان وتجسيده على الواقع، يكشف الفيلم الفرنسي “أومبلين” لمخرجه ستيفان كازيس عن مأساة حقيقية لأم عانت وضحت حتى تعيش وابنها خارج أسوار السجن، فحملها من مغتصبها لم يشفع لها لتتنصل من قسوة قوانين السجن في الكثير من المرات، وتحيل المشاهد للتساؤل بعمق هل للرضيع ذنب حتى يعيش حياة لا تشبه حياة كل الأطفال؟ بدأ الفيلم، الذي دخل المنافسة الرسمية لمهرجان الجزائر الدولي للفيلم سهرة اليوم الخميس بقاعة الموقار، بمشهد دافئ جمع الأم التي تدعى “أومبلين” بابنها “لوكا”، مزجها بموسيقى حالمة، إلا أن المشهد ما لبث حتى انكسر وأصبح مؤلما عندما فتحت حارسة السجن باب زنزانتها وأخذ الولد، وينتهي الفيلم بالمشهد عينه، بيد أن الأم أومبلين ضمت ابنها عازمة على بناء كل شيء من جديد وقد خرجت من محنة السجن ولن يفرقهم أحد.
أومبلين شابة في العشرين تعرضت للاغتصاب وقتلت مغتصبها، ما جعل القضاء يحكم عليها بثلاث سنوات سجن، ولم تكن تعرف أنها حامل إلا بعد حين، فقررت تسخير حياتها لابنها والصمود أطول مدة ممكنة لتحتفظ به، حيث سمح لها القاضي بتربيته حتى بلغ ال18 شهرا، وبعدها يمكن لصديقتها “ريتا”، أن تأخذه وتهتم به ولكن تصطدم الأم بخذلان صديقتها المقربة، الأمر الذي جعل القاضي يأخذ الابن لتتبناه عائلة غنية، إلى حين أن يتحسن سلوك أومبلين الفض، فقد تحولت إلى كائن خطير بسبب ابنها، كانت تريد له الراحة وتحسين أدنى حد من الرفاهية غير أنها لم تهتد إلى الطريقة الجيدة. في السجن، حيث جرت معظم أطوار القصة وتصويرها، تعرفت أومبلين على نزيلات مثلها لهن أبناء، إذ تعاضدن معا لإحياء حفل عيد الميلاد، وعملت باجتهاد حتى تغير من سلوكها العدواني، فالقاضي وضع لها هذا الشرط ليعيد زيارات ابنها لها، فهي لا تتواني لدحض الاضطهاد الذي واجهته من قبل الحارسات أو النزيلات، فوفقت في ذلك وتم الإفراج عنها نظير التطور المذهل الذي قطعته في سبيل فلذة كبدها. لم يكن لأومبلين عائلة عدا والدها المسجون، وغداة خروجها من السجن عرفت الشابة أهمية الأسرة في حياة الفرد، فزارت والدها وطلبت منه أن يكون جدا جيدا للوكا وفور خروجه هو الأخر طلبت أن يلتحق بهما ويشكلون أسرة متماسكة. واعتمد المخرج ستيفان كازيس على لقطات مقربة، تبرز الوجوه عن كثب بهدف تقريب حدة المعاناة لدى المتلقي، وحوار الفيلم كان مقتضبا مفعما بالمشاعر، وأخذ الطفل لوكا حيزا مهما في مدة العمل (95 دقيقة)، وذلك لهز أحاسيس المتفرجين ببراءة الولد من حياة لم يخترها.