نالت مسرحية "لقاء في سيرتا" لمسرح سكيكدة الجهوي التي عرضت على خشبة مسرح قسنطينة الجهوي إعجاب الجمهور بالنظر لموضوعها المتعلق بمرحلة هامة من تاريخ عاصمة نوميديا. و يتناول العرض المسرحي الذي أخرجه عز الدين عبار عن نص لشهلة حركات حياة الأميرة القرطاجنية صوفونيسبا إبنة هسدروبل جيسكو التي تجد نفسها في قلب المكائد السياسية فتصبح مضطرة للاختيار بين حبها و وطنها. و يفتح الستار على قصر قرطاج حيث تجبر صوفونيسبا المعروفة بجمالها و بحبها لماسينيسا ملك نوميديا على الزواج من صيفاكس و هو ملك نوميدي آخر و ذلك من أجل إبرام تحالف بين والدها و صيفاكس اللذين وقفا إلى جانب القرطاجنيين عشية حرب خاضوها ضد روما العدو اللدود لقرطاج. و في خضم حرب المصالح التي لا تنتهي يقدم ماسينيسا دعمه لسكيبيون الجنرال الروماني الذي يلحق هزيمة نكراء بقرطاج وسط استياء كبير لصوفونيسبا التي تقمصت دورها دليلة نوار و التي كانت تخشى أن يلحق بها نفس مصير المنهزمين و أن يتم اقتيادها إلى روما بعد القبض على صيفاكس الذي لعب دوره عبد الرؤوف بوفناز. و تواجه هذه الأميرة خلال تلك الفترة العصيبة التي تكون فيها محتارة بين قلبها و وطنها مأزقا حقيقيا إلا أن اقتراح ماسينيسا الذي أسند دوره لأحمد عزيلة فتحي الارتباط بها و تتويجها ملكة لسيرتا أزال عنها المخاوف. و من مشهد إلى آخر يثير الممثلون تفكيرا عميقا حول سبب الحروب و الاستسلام و التضحية و إغراءات السلطة حيث تتداخل و تختلط المكائد السياسية و الإستراتيجيات و المصالح. و يسدل الستار عندما تفضل صوفونيسبا التي لم تستطع مسامحة ماسينيسا الذي ضحى بقرطاج الموت على أن تقع بين أيدي أعدائها الرومانيين. و نجح الممثلون ال12 الذين أدوا أدوار هذه المسرحية التي قدمت باللغة العربية الفصحى في شد انتباه الجمهور منذ مشهدها الأول و تمكنوا من نقل الكم الهائل من العواطف الذي يتضمنه النص إلى الخشبة. و عقب العرض صرح المخرج أن مسرحية "لقاء في سيرتا" هي لحن لقسنطينة مشيرا إلى أن إقتباس مرحلة هامة من تاريخ سيرتا العتيقة على الخشبة يعد "دعوة" للمثقفين من أجل الاهتمام أكثر بتاريخ هذه المدينة العريقة و بالشخصيات التي غيرت مجراه. و سيتم عرض هذه المسرحية التي أنتجها مسرح سكيكدة الجهوي و المندرجة في إطار برنامج دائرة المسرح لتظاهرة "قسنطينة عاصمة الثقافة العربية لعام 2015" و التي أعد السينوغرافيا الخاصة بها عبد الرحمن زعبوبي خلال الأيام المقبلة عبر عديد ولايات البلاد.