مرت السنة القضائية 2010، ككل السنة لكن الجديد في هذه السنة أنها عرفت العديد من القضايا المهمة والمميزة ولعل ملفات الفساد،الإرهاب، الاتجار بالمخدرات، تبييض الأموال، قضايا القرن لكن ملفات سونطراك، الطريق السيار شرق غرب وكذا قضية مقتل تونسي لا تزال قيد، وبالرغم من هذه القضايا المهمة غير أن القضايا الاجتماعية هي أيضا أخذت أبعادا خطيرة وكان لها نصيبا آخرا خلال الدورة الجنائية الماضية وكان لتطور الجريمة خطرا كبيرا على المجتمع الجزائري، وأصبح على المسؤولين والقانونيين وضع حدا لهذه المسألة، لكن نعود ونؤكد خلال هذا الملف الذي سيحصد أهم القضايا الجنائية التي عرفها مجلس قضاء الجزائر أن القضاء تطور بفعل عصرتنه وتكوين قضاته. البراءة للمتهمين في قضية سفينة بشار بعد سلسلة التأجيلات التي عرفتها القضية والضجة الإعلامية التي مني به الملف القضائي لإطارات لاكنان ، استفادوا من البراءة بعد 05 أيام من المحاكمة بعد متابعتهم بجناية وضع سفينة في حالة سيئة وغير مجهزة بصورة كافية تحت التصرف والسماح بإبحار سفينة انقضى سند أمنها على عرض الدورة الجنائية، وفي محاكمة أسالت الكثير من الحبر واستقطبت اهتمام الصحافة، والشارع الجزائري على حد سواء، أجاب الإطارات الستة عن أسئلة القضاة حول الأسباب التي أدت إلى غرق السفينة ووفاة 16 بحار من طاقمها حيث كشفت جلسة المحاكمة أن السبب الحقيقي وراء هذه الكارثة هو افتقار دولة المليون شهيد إلى وسائل الإنقاذ وعدم قدرتها على مواجهة أي كارثة طبيعية دون اللجوء إلى المساعدات الأجنبية على غرار كارثتي زلزال ماي 2003 وفيضانات باب الوادي نوفمبر 2001 ، كما كشفت المحاكمة عن عدم تحمل مسؤولين كبار في الدولة مسؤوليتهم واكتفوا بتقديم إطارات الشرطة الوطنية للنقل البحري إلى العدالة ككبش فداء بعدما تحولوا في ليلة وضحاها من شهود إلى متهمين بعدما توعد الرئيس بمحاسبة المتسببين في الكارثة لتهدئة الرأي العام وعائلات الضحايا. حكم البراءة التي أصدرته محكمة الجنايات نهاية شهر نوفمبر كان وقعه خفيفا على عائلات الضحايا الذين كان أملهم الوحيد في القضية هو رفع قيمة التعويض ومطالبة شركة التأمين بالتكفل بهم خاصة أن البحارة الذين ابتلعتهم مياه البحر في 2004 البعض منهم كان غير مؤمن والمنحة الشهرية المقدرة ب10 آلاف دينار لا تلبي الشيء القليل من مطتلبات الحياة. "محمد الشلفي" واعترافاته الخطيرة عن جماعة أبو ياسين وانتقامها لقتل عنتر زوابري قضايا الإرهابية بالرغم من تراجعها خلال سنة 2010 غير أن بعضها شد انتباه الكثير من الحضور وأسال الحبر ولعل أبرزها ملف احد عناصر الجماعة الإسلامية المسلحة التي كانت تنشط سنوات العشرية السوداء والمعروفة بتنظيم الجيا المدعو "ب.محمد" المكنى بابو بكر أو محمد الشلفي أمام محكمة الجنايات أبشع المجازر والاعتداءات التي كانت ترتكب في حق الأبرياء العزل من طرف عناصر الجيا بإمرة عنتر زوابري آنذاك عبر محور غليزان معسكر وعين الدفلى و الشلف وصولا إلى البليدة، إلى جانب اغتصاب جماعي للنسوة والذبح والقتل رميا بالرصاص ونصب الكمائن والحواجز المزيفة لقتل أعوان الجيش والأمن ، كما اظهر الملف مدى بشاعة التنظيم حيث لم يتوان عنتر زوابري في قتل أطفال الإرهابيين وزوجاتهم بحجة أنهم يعيقون سير الجماعة خلال الهروب من تنشيط عناصر الجيش لجبال الشريعة والشلفوغليزان ، كما تضمن ملف المتهم ، الكثير من التفاصيل عن الجرائم البشعة التي ارتكبتها جماعة الأمير "أبو ياسين" التابعة للجيا والناشطة بمنطقة الشلفوالبليدة والتي تنوعت بين الذبح والاختطاف والاغتصاب الجماعي وإبادة قرى بأكملها ردا على اغتيال أمير الوطني للجيا. تراجع في قضايا الارهاب من جهة أخرى سجلت برامج القضايا التي عالجتها المحاكم والمجالس القضائية عبر التراب الوطني خلال 2010، تراجعا ملحوظا لقضايا الإرهاب في الجنايات، وماعدا بعض قضايا التفجيرات التي مست العاصمة 2007، كتفجيري مقري كل من المقاطعة الشرقية للشرطة القضائية، وفرقة الدرك الوطني بباب الزوار بتاريخ 11 افريل 2007، فقد بقى ملف تفجيرات قصر الحكومة، والمجلس الدستوري قيد الحقيق القضائي مؤجلا إلى إشعار لاحق . من أهم ما ميز السنة فيما تعلق بالإرهاب الدولي، معالجة العدالة الجزائرية لأول مرة ملفات لجزائريين مغتربين جزائريين شاركوا في عمليات إرهابية بالخارج خاصة بريطانيا وفرنسا وتم إلقاء القبض عليهم بمجرد دخولها التراب الوطني وارتبطت معظم التهم الموجهة للمتهمين في قضايا بجماعات الدعم والإسناد والانخراط في جماعة إرهابية تنشط داخل وخارج الوطن والقتل العمدي مع سبق الإصرار والترصد وحيازة سلاح وذخيرة حربية فيما تراجعت قضايا الأعمال الانتحارية. كما تميزت 2010 بعودة محاكمة بعض أعضاء الحزب المحظور الذين كانوا خارج الوطن من بينهم نجل رابح الكبير ابرز قيادي الحزب المنحل إلى جانب محاكمة أحد مرتكبي مجزرة بن طلحة التي راح ضحيتها 550 مواطن، ومجزرة الرايس بأكثر من 300 ضحية، إضافة لمجزرة سيدي أمحمد بالبليدة وكانت حصيلتها 450 ضحية الإرهابي المكنى "القعقاع" وهو من منطقة الشبلي بالبليدة ويبلغ 47 سنة، ألقي عليه القبض في 2005 من طرف مصالح الأمن المكافحة للإرهاب، حيث قصد المتهم مستشفى بالحراش لغرض معالجة إصابة برجله بعدما تعرض لانفجار قنبلة بالجبال، وبعد امتناع العيادات الخاصة عن مداواته، حيث كان مرفوقا بإرهابيين اثنين مسلحين لتأمين تنقله، وساعة إلقاء القبض عليه ضبط بحوزته قنبلة ومسدس حيث اعترف بالتحاقه في 1996 بالمسلحين النشطين "بكتيبة الحق" تحت إمرة المكنى "مصعب" هذا الأخير قتله "عنتر زوابري" بعد خلاف بينهما، والكتيبة كانت تنشط بمنطقة بوقرة والأربعاء بالبليدة، فاستهل "القعقاع" نشاطه بتخريب المنشآت العمومية من جسور وسكك حديدية وأعمدة الكهرباء، ليزداد نشاط الجماعة بشاعة ودموية بفتاوي "أبو المنذر" مفتي المسلحين، فقاموا بين سنوات 1996و2005 باغتيال حوالي 50 عسكريا بالجيش والحرس البلدي والاستيلاء على زيهم وأسلحتهم وسرقة أدويتهم وتفجير إقامتهم . كما شارك في عملية قتل 19 طفلا تتراوح أعمارهم بين الثلاث والأربع سنوات، الخطف والاغتصاب الجماعي ل30 فتاة وقتلهن، منهن واحدة لا تتعدى 14 من عمرها، فمثلا 13 إرهابيا اغتصبوا فتاة لا تتعدى 19 من عمرها، وفتاة أخرى اختطفوها رفقة سبع أخريات قتلهن في عملية إرهابية راح ضحيتها 48 مواطنا، أما هي فمكثت عندهم حوالي شهرين، فناهيك عن الاغتصاب الجماعي الذي تعرضت له فكانوا يجبرونها أيضا على الطهي والسقي، لكنها استطاعت الفرار منهم واللجوء لثكنة قريبة، كما قاموا بقتل نساء رفقة أبنائهن. البارا لغز يحير العدالة.... ملف اختطاف السياح الألمان من الصحراء الجزائرية سنة 2002، الملف الذي ذكر فيه عبد الرزاق البارا ما يعرف ب"عمار صايفي" الرأس المدبرة لعملية الاختطاف، لم يتابع في القضية ، ورغم القبض عليه، وذكر اسمه في قرار الإحالة غير أنه أسقط اسمه من الجدول وكذا من المحاكمة واللغز الذي يحير العدالة يظل مصيره مجهولا إلى يومنا هذا، قضية البارا و الاختطاف تشابهت إلى حد كبير لفضية حسان حطاب ، لكن ما ميز المحاكمة هوالحاح المحامين على حضور "البارا" المحاكمة للإدلاء بأقواله عن عملية الاختطاف، لكن يبدو أن مصير المظلي السابق المكنى "البارا" أو "بن لادن الجزائر" الذي قال البعض "انه صناعة مخابراتية"، سيبقى مجهولا خاصة وان أسمه ورد كمتهم غير موقوف في قضية إرهابية ورد فيها أيضا اسم حسان حطاب كمتهم موقوف في الوقت الذي استفاد فيه من المصالحة الوطنية ، مما سيضع العدالة أمام اختبار صعب، يفرض عليها الخوض في ملف الاختطاف دون ذكر "الرأس المدبرة" له، ليظل الملف الذي اصطلح على تسميته ب"ملف البارا" الذي أوكل للعدالة الجزائرية معالجته بكل "نزاهة"، من أكبر الملفات التي يمكن أن تهز مصداقية هذا الجهاز وتعيد التشكيك في استقلاليته. محاكمة لعناصر شرطة متورطون في قضايا قتل وسرقة ما ميز سنة 2010 أيضا ضلوع عناصر في الشرطة وسلك الأمن الوطني في قضايا سرقة، قتل وكذا اعتداءات جنسية. على صعيد أخر احتلت قضايا التعدي على الأصول والقضايا الأخلاقية الصدارة في برامج القضايا التي عالجتها العدالة هذه السنة، والتي ضربت فيها العدالة بيد من حديد في وسط من جردوا المجتمع من مبادئه، ومن سولت لهم أنفسهم الاعتداء على من أوصى الله بهم خيرا، بالمقابل سجلت السنة تراجع قضايا القتل العمدي نع سبق الإصرار والترصد، غير أن التي لفتت الانتباه قضايا تورط فيها أعوان شرطة فعوض القيام بمهامهم وحماية المواطنين وممتلكاتهم أصبحوا مصدر خوف لعدد الجرائم التي تورطوا فيها، فعلى سبيل المثال تمت إدانة شرطي من باب الوادي بالسجن 15 سنة أقدم رفقة أربعة من أصدقائه على اقتحام شقة رعيتين مصريتين ينشطان في مجال بيع النسيج بالعاصمة ومحاولة الاستيلاء على حقيبة فيها مبلغ 80 مليون سنتي بعد أن غطى وجهه بجوارب نسائية كما قام بإطلاق عيار ناري بسلاح الخدمة أصاب احد الضحايا بجروح خطيرة. كما تمت متابعة شرطيان بالأمن الحضري بالرويسو قاما باعتقال مواطن وحجزه بدون إذن من السلطات وتعذيبه وتهديده بالقتل بعد أن باعا أحدهما هاتف نقال معطل الأمر الذي جعلت هيئة المحكمة تدينهما بأقصى عقوبة، كما عالجت العادلة أيضا قصية شرطي بميناء العاصمة متهم محاولة القتل العمدي التي أفضت إلى فقدان بصر احد العينين التي راح ضحيتها شاب حاول الحرقة بعدما اكتشف الشرطي قام بمطاردته وأطلق عليه الرصاص ما جعل الشاب يسقط أرضا ويصاب على مستوى عينه ما جعل هيئة المحكمة تدينه ب20 سنة سجنا نافذا. كما تم أيضا الفصل في قضية شرطي اقتحم محل مجوهرات بشارع ديدوش بالعاصمة وحاول قتل صاحبه من أجل الحصول على طاقم من الذهب ليهديه لخطيبته وغيرها من القضايا التي تورط فيها عناصر شرطة استغلوا وظيفتهم ليكونوا خطر حقيقي يهدد حياة المواطنين.