في 2010 تميزت الدورة الجنائية بمجلس قضاء العاصمة لسنة ,2010 بعدد كبير من القضايا المهمة والثرية التي جلبت إليها انتباه الرأي العام الوطني ووسائل الإعلام، فبعدما تراجعت قضايا الجماعات التابعة لتنظيم ''الجيا''، برزت قضايا جديدة في إطار ما يعرف بجماعات الدعم والإسناد ولم يتوقف رصيد الدورة في معالجة قضايا الإسناد ليضاف إليها قضايا البارا ومحمد الشلفي والقعقاع أمراء كتائب الغرب إلى جانب إدانة مغتربين ببريطانيا وفرنسا كانوا يخططون للقيام بعمليات داخل الوطن. على غرار مغاربة وموريتانيين مروا على محكمة الجنايات، لتظل قضايا التفجيرات التي مست العاصمة سنة 2007 معلقة إلى إشعار لاحق.. ووسط كل هذا وذاك فتحت غرفة الاتهام بالمجلس أهم قضيتين إحداهما زعزعت عرش المديرية العامة للأمن الوطني، بعد أن قتل مديرها العام العقيد تونسي على يد أحد إطارات المؤسسة في سيناريو لم يتوقعه أحد، ليستمر بفضيحة التحقيق مع المدير العام لسونطراك والتحقيق مع المكلف بالاتصال في مشروع الطريق السيار شرق - غرب، فيما كانت نهاية 2010 سعيدة لإطارات ''لاكنان'' بعد أن برّأتهم العدالة من التهم الموجهة إليهم سابقا. من جهتهم، قيم بعض رجال القانون الذين التقتهم ''البلاد''، السنة القضائية الحالية بأنها كانت مميزة من جميع النواحي، وثرية سواء من ناحية معالجة العدالة لكبرى الملفات المتعلقة بالفساد، الإرهاب، الاتجار بالمخدرات، تبييض الأموال أو من ناحية القوانين والعقوبات التي دخلت حيز التطبيق إلى جانب عصرنة القطاع ودخول قانون الإجراءات المدنية والإدارية الجديدة حيز تنفيذ وكذا فتح ملف مكافحة الفساد على مصراعيه. تفجيرات 2007 لم تجد طريقها للبت...والقعقاع يتحدث عن مجازره أمام المحكمة تراجع عدد قضايا الإرهاب التي عالجتها محكمة الجنايات بمجلس قضاء العاصمة بشكل ملحوظ مقارنة بالسنوات الفارطة، ماعادا قضايا التفجيرات التي مست العاصمة ,2007 كتفجيري مقري كل من المقاطعة الشرقية للشرطة القضائية، وفرقة الدرك الوطني بباب الزوار بتاريخ 11 أفريل ,2007 حيث بقي ملف تفجيرات قصر الحكومة، والمجلس الدستوري قيد التحقيق القضائي مؤجلا إلى إشعار لاحق. أهم ما ميز السنة فيما تعلق بالإرهاب الدولي، معالجة العدالة الجزائرية لأول مرة ملفات لجزائريين مغتربين جزائريين شاركوا في عمليات إرهابية بالخارج خاصة بريطانيا وفرنسا وتم إلقاء القبض عليهم بمجرد دخولهم التراب الوطني وارتبطت معظم التهم الموجهة للمتهمين في قضايا بجماعات الدعم والإسناد والانخراط في جماعة إرهابية تنشط داخل وخارج الوطن والقتل العمدي مع سبق الإصرار والترصد وحيازة سلاح وذخيرة حربية فيما تراجعت قضايا الأعمال الانتحارية. كما تميزت 2010 بعودة محاكمة بعض أعضاء الحزب المحظور الذين كانوا خارج الوطن بينهم نجل رابح الكبير أبرز قيادي في الحزب المحل إلى جانب محاكمة أحد مرتكبي مجزرة بن طلحة التي راح ضحيتها 550 مواطنا، ومجزرة الرايس التي خلفت أزيد من 300 ضحية، إضافة لمجزرة سيدي امحمد بالبليدة والتي كانت حصيلتها 450 ضحية. الإرهابي المكنى ''القعقاع'' وهو من منطقة الشبلي بالبليدة ويبلغ من العمر 47 سنة، ألقي عليه القبض في 2005 من طرف مصالح الأمن حين قصد المتهم مستشفى الحراش لغرض معالجة إصابة برجله بعدما تعرض لانفجار قنبلة بالجبال، وبعد امتناع العيادات الخاصة عن مداواته، حيث كان مرفوقا بإرهابيين اثنين مسلحين لتأمين تنقله، وساعة إلقاء القبض عليهئضبط بحوزته على قنبلة ومسدس، حيث اعترف بالتحاقه في 1996 بالمسلحين النشطين ''بكتيبة الحق'' تحت إمرة المكنى ''مصعب'' هذا الأخير قتله عنتر زوابري بعد خلاف بينهما، والكتيبة كانت تنشط بمنطقة بوفرة والأربعاء بالبليدة، فاستهل ''القعقاع'' نشاطه بتخريب المنشآت العمومية من جسور وسكك حديدية وأعمدة الكهرباء، ليزداد نشاط الجماعة بشاعة ودموية بفتاوى ''أبو المنذر'' مفتي المسلحين، فقاموا بين سنوات 1996و2005 باغتيال حوالي 50 عسكريا بالجيش والحرس البلدي والاستيلاء على زيهم وأسلحتهم وسرقة أدويتهم وتفجير إقامتهم. كما شارك في عملية قتل 19 طفلا تتراوح أعمارهم بين الثلاث والأربع سنوات، الخطف والاغتصاب الجماعي ل30 فتاة وقتلهن، منهن واحدة لا تتعدى 14 من عمرها، فمثلا 13 إرهابيا اغتصبوا فتاة لا تتعدى 19 من عمرها، وفتاة أخرى اختطفوها رفقة سبع أخريات قتلن في عملية إرهابية راح ضحيتها 48 مواطنا، أما هي فمكثت عندهم حوالي شهرين، فناهيك عن الاغتصاب الجماعي الذي تعرضت له فكانوا يجبرونها أيضا على الطهو والسقي، لكنها استطاعت الفرار منهم واللجوء لثكنة قريبة، كما قاموا بقتل نساء رفقة أبنائهن• تفاصيل مجازر ''الجيا'' تكشف لأول مرة أمام العدالة إلى جانب الإرهابي الخطير المدعو محمد الشلفي الذي كان ينتمي لتنظيم ''الجيا؛ والذي كشف عن قرى بأكملها أبادتها جماعة أبو ياسين انتقاما على قتل عنتر زوابري واغتصاب جماعي، ذبح وحرق مداشر والاعتداء على جماعة بن عائشة بعد إعلانها للهدنة• المكنى بأبو بكر كشف أمام محكمة الجنايات عن أبشع المجازر والاعتداءات التي كانت ترتكب في حق الابرياء العزل من طرف عناصر ''الجيا'' بإمرة عنتر زوابري آنذاك عبر محور غليزان معسكر وعين الدفلى والشلف وصولا إلى البليدة، إلى جانب اغتصاب جماعي للنسوة والذبحئ والقتل رميا بالرصاص ونصب الكمائن والحواجز المزيفة لقتل أعوان الجيش والأمن. كما أظهر الملف مدى بشاعة التنظيم، حيث لم يتوان عنتر زوابري في قتل أطفال الإرهابيين وزوجاتهم بحجة أنهم يعيقون سير الجماعة خلال الهروب من تنشيط عناصر الجيش لجبال الشريعة والشلفوغليزان. التفاصيل المروعة التي سردها المتهم (ب.محمد) البالغ من العمر 37 سنة من منطقة الشلف بدأت ساعة إلقاء القبض عليه في 01 ديسمبر 2004 في اشتباك مع مصالح قوات الأمن، حيث أسفرت العملية الميدانية على توقيفئ المتهم الذي كان بحوزته مسدس آلي من نوع ''أسترا'' عيار 9 ملم، كما تم حجز رخصة سياقة مزورة تحمل اسم المدعو (ي.بن عودة) الذي اغتالته الجماعات الإرهابية وعليها صورته والقضاء على الإرهابي المدعو (ش.يونس)، واسترجاع مسدسه فيما تمكن إرهابي ثالث من الفرار. وقد اعترف المتهم عند مصالح الضبطية القضائية عن الكثير من الوقائع المروعة، بدأها بتجنيده في شهر مارس من سنة 1998 ضمن صفوف الجماعة الإسلامية المسلحة من طرف الإرهابي المكنى ''أسامة''، الذي رتب له لقاء مع بعض الإرهابيين على مستوى الجهة الشمالية لبلدية تلاسمية الواقعة بولاية الشلف، حيث شرح له الإرهابيون بعض أمور الدين والفقه، وطلبوا منه الالتحاق بالجماعات الإرهابية من أجل الإطاحة بالنظام السائد في الجزائر فوافق على العرض، وبعد حوالي أسبوع توجه إلى المكان المتفق عليه فوجد إرهابيين في انتظاره، ثم توجه رفقتهما إلى ملجئهما الكائن بواد الرمان الشلف، حيث وجد 70 إرهابيا تحت إمرة ''أبو ياسين كانوا كلهم مدججين بالأسلحة، وبعد استقباله من طرف أمير الكتيبة تم تسليمه بندقية مضخية، وتم تدريبه على استعمال السلاح والقتال. وخلال تواجده مع الجماعة الإرهابية تنقل أميرهم الإرهابي رفقة 20 إرهابيا من جماعته من اجل وضع كمين لأفراد الحرس البلدي، وأثناء تلك العملية تم اغتيال ثلاثة أفراد من الحرس البلدي والاستيلاء على ثلاث بنادق نصف آلية، وخلال شهر ماي من سنة 1998 تنقل رفقة كل من الأمير المكنى ''أسامة'' وآخر يدعى''إسماعيل''، إلى بلدية الصبحة بالشلف مشيا على الأقدام دام ليلتين، وهذا من أجل القيام بسلب الأموال والمؤونة من القرى، واستهل مهمته باقتحام أحد المنازل والاستيلاء على مبلغ مالي معتبر من صاحبه، واغتيال شخصين تاركين للصلاة، حيث قام بذبح أحدهم بوحشية وقتل الآخر رميا بالرصاص، وبعد هذه العملية أصبح محل ثقة من طرف الجماعة، وفي أواخر سنة 1998 قدم إلى مركزهم ثلاثة إرهابيين حاملين رسالة من الأمير عنتر زوابري، يحثهم فيها على الاستمرار في تنفيذ المجازر والعمليات ضد قوات الأمن في تلك المنطقة، وكذلك من أجل تنفيذ فتوة عموم الردة على الشعب الجزائري. نهاية سنة سعيدة لإطارات ''لاكنان''.. كما تميزت نهاية السنة القضائية باستفادة إطارات ''لاكنان'' من البراءة بعد 05 أيام من المحاكمة عن تهمة وضع سفينة في حالة سيئة وغير مجهزة بصورة كافية تحت التصرف والسماح بإبحار سفينة انقضى سند أمنها على عرض الدورة الجنائية، وفي محاكمة أسالت الكثير من الحبر واستقطبت اهتمام الصحافة، والشارع الجزائري على حد سواء، أجاب الإطارات الستة عن أسئلة القضاة حول الأسباب التي أدت إلى غرق السفينة ووفاة 16 بحارا من طاقمها بعد سلسلة من التأجيلات حيث كشفت جلسة المحاكمة أن السبب الحقيقي وراء هذه الكارثة هو افتقار دولة المليون شهيد إلى وسائل الإنقاذ وعدم قدرتها على مواجهة أي كارثة طبيعية دون اللجوء إلى المساعدات الأجنبية على غرار كارثتي زلزال ماي 2003 وفيضانات باب الوادي نوفمبر .2001 كما كشفت المحاكمة عن عدم تحمل مسؤولين كبار في الدولة مسؤوليتهم واكتفوا بتقديم إطارات الشرطة الوطنية للنقل البحري إلى العدالة ككبش فداء بعدما تحولوا في ليلة وضحاها من شهود إلى متهمين بعدما توعد الرئيس بمحاسبة المتسببين في الكارثة لتهدئة الرأي العام وعائلات الضحايا. ضباط وأعوان شرطة.. وقفوا في 2010 أمام القاضي ك''متهمين'' من جهة ثانية، احتلت قضايا التعدي على الأصول، والقضايا الأخلاقية الصدارة في برامج القضايا التي عالجتها العدالة هذه السنة، والتي ضربت فيها العدالة بيد من حديد في وسط من جردوا المجتمع من مبادئه، ومن سولت لهم أنفسهم الاعتداء على من أوصى الله بهم خيرا. بالمقابل، سجلت السنة تراجع قضايا القتل العمدي مع سبق الإصرار والترصد، غير أن الذي لفت الانتباه قضايا تورط فيها أعوان شرطة فعوض القيام بمهامهم وحماية المواطنين وممتلكاتهم أصبحوا مصدر خوف لعدد الجرائم التي تورطوا فيها، فعلى سبيل المثال تمت إدانة شرطي من باب الوادي بالسجن 15 سنة، إذ أقدم رفقة أربعة من أصدقائه على اقتحام شقة رعيتين مصريتين ينشطان في مجال بيع النسيج بالعاصمة ومحاولة الاستيلاء على حقيبة فيها مبلغ 80 مليونا بعد أن غطى وجهه بجوارب نسائية كما قام بإطلاق عيار ناري بسلاح الخدمة أصاب أحد الضحايا بجروح خطيرة. كما تمت متابعة شرطيين بالأمن الحضري بالرويسو قاما باعتقال مواطن وحجزه بدون إذن من السلطات وتعذيبه وتهديده بالقتل بعد أن باع أحدهما هاتفا نقالا معطلا الأمر الذي جعل هيئة المحكمة تدينهما بأقصى عقوبة، كما عالجت العدالة أيضا قضية شرطي بميناء العاصمة متهم بمحاولة القتل العمدي التي أفضت إلى فقدان بصر إحدى العينين التي راح ضحيتها شاب حاول الحرفة بعدما اكتشف الشرطي قام بمطاردته وأطلق عليه الرصاص ما جعل الشاب يسقط أرضا ويصاب على مستوى عينه ماجعل هيئة المحكمة تدينه ب20 سنة سجنا نافذا. كما تم أيضا الفصل في قضية شرطي اقتحم محل مجوهرات بشارع ديدوش بالعاصمة وحاول قتل صاحبهئ من أجل الحصول على طاقم من الذهب ليهديه لخطيبته إلى جانب ضابط شرطة بالمطار الدولي هواري بومدين سمح لعناصر من شبكة تزوير دولية بالفرار إلى الخارج والنجاة من العقوبة. إصلاحات وهياكل تعزز بها قطاع العدالة وانتهت السنة القضائية 2010 بالإصلاحات التي عرفها القطاع هذه السنة، والقوانين المعتمدة دخول قانون الإجراءات الإدارية والمدنية الجديد حيز التطبيق، حيث حققت العدالة الجزائرية هذا العام أهم إنجاز بخصوص تسليم الأوامر الاستعجالية خلال يوم النطق بها مباشرة، إلى جانب تكوين قضاة أكفاء، قادرين على تحمل المسؤولية وهذا بتوظيف 1500 قاض جديد تنفيذا لأوامر رئيس الجمهورية، إذ تم رفع عدد القضاة إلى 50 بالمائة وهو الإجراء الذي يعد أحد أسس تطوير العدالة. كما عكفت المصالح المعنية بتسليم الوثائق على مستوى جميع الجهات القضائية بناء على تعليمة وزارية قصد تسهيل الإجراءات القضائية للمواطنين من خلال فتح مداومات يومي الجمعة والسبت لتلبية الطلبات المتزايدة للمواطنين خاصة فيما يتعلق باستخراج شهادة الجنسية وصحيفة السوابق القضائية، حيث تمت تلبية طلبات 77,95 بالمائة من طالبي وثيقة الجنسية و52,97 بالمائة بالنسبة لصحفية السوابق العدلية، حيت تم تسليم 678141 شهادة جنسية من مجموع 705610 طلبات استقبلتها المصالح المعنية و1076461 شهادة صحيفة السوابق العدلية من مجموع 1099529 طلب.