أفادت مصادر مطلعة أن مصالح الأمن شرعت منذ مدة في تحقيقات موسعة بشأن شكوك تحوم حول تورط شخصيات محلية بارزة في إدارة شبكات للاتجار وتهريب المخدرات.. هذه الشخصيات تكون قد غيرت من نشاطها القائم في الواجهة على تبيض الأموال بمجرد شعورها بأنها تحت أعين المجهر وهو ما زاد من تأكيد تلك الشكوك القائمة على وجود يد طويلة في إغراق الجزائر بالسموم. هذه العمليات الكبرى التي تديرها شبكات تملك علاقات جد وطيدة بأطراف مهمة وهو ما كشفت عنه العديد من القضايا المطروحة للتحقيق. وترى جهات رسمية أن تورط شخصيات محلية في إدارة عمليات كبرى لتهريب المخدرات بات شبه مؤكد على ضوء عدة معطيات. ويقول مصدر مطلع في لقاء خاص مع البلاد إن عمل كافة المصالح المختصة لازال جاريا بشأن طبيعة هذه الشكوك التي تحوم حول أكثر من اسم يشكل محور تحقيق حول وقوف هذه الأسماء من الشخصيات المحلية وراء عمليات تهريب المخدرات. ويرى ذات المصدر أن التضييق على نشاط التهريب خاصة تجارة المخدرات أدى إلى خلق توترات على مستوى العديد من المناطق بتلمسان، حيث قامت هذه الأطراف بإثارة حفيظة الشباب والمواطنين من عدة مشاكل قائمة للضغط على السلطات العمومية التي تكون قد تلقت إشارات واضحة في هذه السياق وكما كشفت عن ذلك التحقيقات التي قامت بها مصالح الأمن على مستوى المناطق التي عرفت تلك التوترات. رصاص طائش.. وبوليس وراء القضبان؟؟ في سنة 1999 تلقى محافظ المصلحة الجهوية لمكافحة المخدرات بتلمسان رصاصة في الرأس بمكتبه دون أن يتوصل التحقيق إلى معرفة الأسباب الحقيقية والجهة التي تقف وراء ذلك وفي الخارج كانت العشرات من السيناريوهات تنسج حول النهاية المأساوية لواحد من أبرز ضباط مكافحة المخدرات بالغرب الجزائري. أغلق ملف مقتل أو انتحار هذا الضابط دون تعليق يذكر خصوصا وأن القضية لم تكن مرتبطة بعمل إرهابي. بعد ذلك بنحو 6 سنوات كشفت تحقيقات أمنية قامت بها بعض الجهات الأكثر تخصصا عن تورط العديد من ضباط الشرطة وإطاراتها والبالغ عددهم نحو 10 من رجال الأمن في قضية تهريب أكثر من 200 كلغ من الكيف. وكانت شهادة فتاة أمام قاض التحقيق لمحكمة الرمشي قد أكدت تورط رئيس الأمن الولائي السابق الذي كان مكلفا بالإشراف على محاربة العصابات المنظمة وقد تم توقيف رئيس الأمن الولائي وإحالته على التحقيق ثم إيداعه الحبس الاحتياطي. وفي هذا السياق وإزاء الغموض الذي يكتنف الكثير من تفاصيل لازالت القضية مؤجلة لجدولتها أمام محكمة الجنايات وفي اتصال ل البلاد بمصدر قضائي لدى مجلس قضاء تلمسان، أفاد هذا الأخير أن سبب التأجيل يعود إلى الطعن بالنقض الذي تقدم به رئيس الأمن الولائي الذي طلب الإفراج المؤقت، وهو ما يستدعي عدم جدولة القضية إلى غاية الفصل في الطلب. هذا ونشير إلى أن نحو 10 من رجال الأمن جلهم من الضباط متهمون في قضية محاولة تهريب أكثر من 200 كلغ من المخدرات بمغنية وهي القضية التي دفعت إلى إحداث تغييرات جذرية على مستوى أمن ولاية تلمسان وباقي محافظات الشرطة مباشرة بعد تعيين العميد أول صالح نواصري على رأس الولاية الذي باشر عدة تغييرات جوهرية -بحسب بعض المصادر- بغرض استعادة ثقة المواطن في جهاز الأمن الوطني بهذه الولاية الحدودية. الأمن المغربي متورط حتى النخاع عندما نتحدث عن تجارة المخدرات على الحدود الغربية بين الجزائر والمغرب، فإن تناميها وخطرها لم يأت من فراغ. لقد كشفت الفضائح المتتالية عن تورط بارز للكثير من القيادات الأمنية بالمغرب في المتاجرة بالمخدرات، آخرها قضية شبكة الناظور التي تورط فيها 100 شخص أغلبهم مسؤولون أمنيون وتتكون -حسب المصادر المغربية التي نشرت الأسبوع الماضي حيثيات هذه القضية- من 29 فردا من البحرية الملكية، و17 من الدرك الملكي، و23 من القوات المساعدة، وعنصر واحد من القوات المسلحة. وذكرت المصادر أن من بين هؤلاء ضابط برتبة رائد في البحرية، إلى جانب ضابطين ساميين في الجهاز نفسه،. ويتابع هؤلاء بتهم تكوين عصابة إجرامية، والاتجار الدولي في المخدرات، والارتشاء، وعدم التبليغ عن وقوع جناية وهذا بعد اعتقال 15 منتسبا للدرك الملكي في سبتمبر ,2008 وفي وقت سابق من خريف 2006 كان تحقيقا قضائيا بالمغرب كشف عن تورط مدير أمن القصور الملكية في شبكة دولية للمتاجرة بالمخدرات بالدار البيضاء.مثل هذه المستجدات والقضايا المطروحة أظهرت خطورة الاختراق الذي يمس الأجهزة المكلفة بمحاربة الظاهرة وفي المغرب يبدو الوضع شبه مألوف، كون تجارة المخدرات التي تعيل عشرات الآلاف من العائلات تكاد أن تكون أمرا واقعا له ارتباطاته السياسية والاجتماعية بنظام المخزن نفسه. البنوك في قفص الاتهام اعترف إطار من القرض الشعبي بولاية تلمسان، أن الإجراءات المتخذة في مجال مكافحة تبييض الأموال سواء الناتجة عن الإرهاب أو تجارة المخدرات جد ثقيلة وفي تدخل سابق له أمام مختلف الإطارات الأمنية بتلمسان بمقر أمن الولاية، فإن البنوك أو المكتب الخاص يتلقى الإشعارات المستعجلة بشكوك تكون تحوم حول أي حركة للأموال بالوكالات البنكية.. هذا المكتب يتلقى المعلومات فقط دون أن يتخذ إجراءات حينية يمكن أن تضع اليد على أي عملية مالية مشكوك فيها. وتفيد شهادات الكثير من الإطارات العاملة في القطاع المالي، أن المنظومة المالية الرقابية أو أمن البنوك جد هش فيما يتعلق بمراقبة تبييض الأموال والعمليات المرتبطة بتجارة المخدرات على الرغم من رصد عدة حالات بتلمسان أي على مستوى الوكالات المالية الوطنية والعربية والأجنبية التي تملك فروعا بتلمسان. هذا الوضع أدى إلى إحداث ثغرات في مجال مراقبة المال المشبوه والجهات التي تقف وراءه سواء من الداخل أو الخارج. أرقام مرعبة لكنها مملة.. لم تعد الأرقام تثير الكثير من الفضول لدى الرأي العام الوطني بشأن حجز المخدرات على طول السنة وعلى امتداد الحدود المشتركة بين الجزائر والمغرب. إن تلك الأرقام المنشورة من حين لآخر تحولت إلى تحصيل حاصل كون الظاهرة لها امتدادات خطيرة من الصعب الوقوف عليها في ظرف قصير. وبرغم أن قانون مكافحة التهريب بدا أكثر صرامة بدليل أن آخر حكم في قضية تهريب 450 كلغ من الكيف غيابيا كان المؤبد في حق بارون مخدرات. فيما تم الحكم ب10 سنوات على 3 متورطين آخرين بتهمة الوقوف وراء عملية التهريب بمغنية السنة الماضية، برغم هذا الحكم الذي صدر الأسبوع الماضي عن محكمة الجنايات لمجلس قضاء تلمسان، فإن الجانب الردعي لم يخفف من حدتها بل يتطلب الأمر دراسة متأنية لأسباب الظاهرة التي تتنامى يوميا، حيث حجزت مصالح الدرك الوطني قبل أسبوع أكثر من طنين من المخدرات على محور واحد وفي ظرف 48 ساعة فقط وهو ما يؤكد أن الظاهرة أكثر خطورة مما نتصور. وعليه، فإن الأرقام المرعبة التي تنشر من حين لآخر حول حجز المخدرات من لدن مختلف المصالح الأمنية الساهرة على حماية الاقتصاد الوطني من شرطة ودرك وجمارك، هذه الأرقام مع تكرارها لم تعد بإمكانها منح تفسير واضح للأسباب والعوامل وكيفية الحد منها