لا يزال ملايين الجزائريين يستحضرون ذاكرة مونديال إسبانيا 1982، إذ عاشوا فضيحة دوّت في ملاعب العالم، بالرغم من أن منتخب" الخضر" تمكن خلال دورة البرازيل 2014 من تحقيق قفزة نوعية ببلوغه للدور الثاني، لكن بقيت مرارة الإقصاء غير الرياضي في “خيخون”، تؤلم الجزائريين وعارها يلاحق الألمان الذين أهينوا على يد جيل ذهبي من “الأفناك” يقودهم ماجر وبلومي وعصاد. **اعترافات متتالية لصانعي الفضيحة ولعل الاعترافات المتتالية لصانعي فضيحة، حرمان أول منتخب عربي من التأهل إلى الدور الثاني في كأس العالم، ضمدت بعض الشيء جراح الجزائريين، الذين ما زالوا يتلذذون بما فعله ماجر وبلومي وعصاد وزيدان في “خيخون” إلى درجة أن الفضائيات الجزائرية تستغل كل مناسبة لإعادة بث المباريات القديمة، ومعها مهزلة مباراة ألمانيا الغربية والنمسا، وهي المسرحية الكروية التي كانت سببا في قطع الطريق أمام محاربي الصحراء فاسحة المجال أمام الجرمانيين للتأهل معا.
1-الأسطورة شوماخر: “خجلت من نفسي بعد مهزلة لقاء النمسا” يعد تصريح الحارس الأسطوري لمنتخب ألمانيا هارالد شوماخر، من أقوى الاعترافات بمهزلة “خيخون” في جوان 1982، حيث قال الحارس القوي خلال زيارته الأولى إلى الجزائر شهر ديسمبر 2008: “خجلت من نفسي بعد مباراتنا ضد النمسا واليوم وجب منا تقديم الاعتذارات لمنتخب الجزائر ولكل الجزائريين لأن ما فعلناه غير لائق ولا يشرف أي رياضي”.
وتحدث شوماخر مطولا مع مدرب منتخب الجزائر في تلك الحقبة، خالف محيي الدين، وقدم له باسمه الشخصي الاعتذارات، مضيفا أمام مرأى ومسمع الصحفيين الجزائريين: “لقد كنتم تستحقون التأهل وأديتم مشوارا هائلا في المونديال وتفوقتم علينا، ونحن الذين كنا أبطال أوروبا وما قمنا به ضد النمسا أمر غير رياضي ولا يشرف”.
وكان هارالد شوماخر الحارس الأول لمنتخب ألمانيا في تلك الفترة، وفوجئ رفقة زملائه لما شاهده في أول مباراة ضد الجزائر عندما أطاح بهم ماجر ثم بلومي في مباراة أسطورية بملعب المولينون بخيخون، حينها فازت الجزائر بهدفين لهدف ودخلت التاريخ من أوسع الأبواب.
2-المدافع بريغل: “عار علينا لما قمنا به ضد النمسا” بعد سنتين من اعترافات الحارس شوماخر، جاء الدور على المدافع القوي بريغل الذي قال في حوار جريء : “أشعر بالندم لما فعلناه، فقد كنا فائزين بهدف لصفر ضد النمسا وتوقفنا عن اللعب حتى لا تقصى النمسا، وكان بمقدورنا تسجيل هدفين أو ثلاثة لكننا اتفقنا على عدم إضافة الهدف الثاني حتى نتأهل معا ضد الجزائر، وهذا عار علينا وسيبقى يلاحقنا طوال حياتنا”.
كما واصل المدافع الملقب بالدبابة في ألمانيا آنذاك: “خسارتنا ضد الجزائر في المباراة الأولى سببت لنا صدمة عنيفة، ولكن ذلك لا يبرر ما فعلناه مع النمسا، فسلوكنا غير رياضي ولا يمكن تبريره لأن ما قمنا به أمر سيئ ولا يمت للرياضة بصلة”.
وأشاد بريغل بتغيير الفيفا لبرنامج المباريات الأخيرة لكل المواجهات في الدور الأول، قائلا: “لو لعبت مباراتنا ضد النمسا ومباراة الجزائر ضد التشيلي في توقيت واحد لما فعلنا ذلك لأننا كنا في حاجة إلى هزم النمسا بهدفين لضمان التأهل، واكتفينا بهدف واحد حتى نؤهل معنا جيراننا النمساويين وهذا غير رياضي”.
3- شتيليكي: “تأثرنا كثيراً ولم ننم تلك الليلة” وبعد تصريح بريغل في افريل 2010 جاء الدور على لاعب الوسط شتيليكي سنة 2013 ، حين أجرى حوارا مطولا خلال فترة تواجده في قطر، كاشفا عن حيثيات مباراة العار التي سميت ب”فضيحة خيخون” قائلا: “ما قمنا به غير لائق وسيبقى وصمة عار في جبيننا وفي سجل ألمانيا، وتأثرنا كلنا بعد نهاية المباراة، لأن جماهير ملعب خيخون شاهدت الفضيحة على المباشر، والصفير والرايات البيضاء كانت مشهدا مؤثرا جعلنا لا ننام في تلك الليلة، ولو تعود بنا عجلة التاريخ إلى الخلف فلن نكرر هذا السيناريو المخجل”.
وأشاد شتيليكي بالمنتخب الجزائري لتلك الحقبة قائلا: “أبهرنا ماجر ورفاقه بأدائهم العالمي وكأنهم كانوا أبطال أوروبا، فقد شاهدنا منتخبا جزائريا يلعب كرة عالمية وفازوا علينا عن جدارة واستحقاق، وللأسف نحن استخدمنا طرقا غير رياضية لإقصائهم من الدور الثاني وهذا لا يشرفنا”.
4- فوستر: “ما قمنا به لإقصاء الجزائر سنة 82 سلوك غير أخلاقي” وقبيل الموعد التاريخي الثاني بين ألمانياوالجزائر في المونديال خلال دورة البرازيل صيف 2014، أجرت يومية “لوباريزيان” الفرنسية حوارا مع المدافع الألماني كارل هانز فوستر وعادت به 32 سنة الى الوراء للحديث عن مهزلة المولينون فاعترف فوستر قائلا: “أعتذر لماجر ورفاقه ولكل الجزائريين، وما قمنا به في 1982 لم يكن نزيها وحان الوقت كي نعتذر كلنا لما قمنا به في تلك المباراة اللئيمة”.
وواصل فوستر الذي لعب ضد الجزائر وعانى الويلات من هجومات ماجر ومرزقان قائلا: “لقد قمنا بشيء غير نزيه وذهبنا بعيدا في سلوكنا ضد النمسا، ولا يمكننا وصف ذلك سوى بالسلوك غير الأخلاقي”.
كما أشار فوستر إلى ردة فعل المتفرجين بقوله: “لم نحترم الجماهير التي حضرت المباراة وتنديد العالم لما قمنا به هو صفعة لنا. أتمنى أن يتقبل الجزائريون اعتذاراتنا رغم أنها جاءت متأخرة”.
**توبة الألمان ستستمر والتاريخ أنصف الجزائر توبة اللاعبين الألمان ستستمر حتما، لا سيما أن عددا من عناصر تشكيلة يوب ديرفال، التي لعبت نهائي مونديال 1982 وعجزت عن الفوز ضد الجزائر في لقائها الأول بصدد إصدار مذكراتها، وكثير من اللاعبين الذين شاركوا في المهزلة أنّبهم الضمير، ويفضلون إعلان توبتهم وهم على قيد الحياة على أن يحكم عليهم التاريخ إلى الأبد. وبالمقابل سيظل الجزائريون يحتفظون بالذكريات الجميلة لهذا المونديال، أين صنعوا الفرجة وروضوا أقوى منتخب أوروبي في تلك الحقبة وحصدوا انتصارين في الدور الأول ضد ألمانيا والتشيلي، وهو ما لم يفعله أي منتخب عربي لحد الساعة.