تباينت الآراء حول تتويج الفيلم المصري، "نوارة" بجائزة الوهر الذهبي للطبعة التاسعة من مهرجان وهران الدولي للفيلم العربي، وهذا رغم إجماع أغلبية المتابعين على أحقيته بأن يكون أحسن عمل مشارك ضمن فئة الأفلام الروائية الطويلة. الاختلاف في المواقف جاء نتيجة جودة الأفلام المتنافسة، حيث كان واضحا أن الجائزة الأولى ستتراوح بين أفلام معينة لا غير، وهي فيلم البئر للطفي بوشوشي، الفيلم المغربي "مسافة ميل بحذائي"، للمخرج سعيد خلاف، أو الفيلم اللبناني "كثير كبير" للمخرج الشاب 'ميرجان بو شعيا'، وفيلم نوارة للمخرجة المصرية ' هالة خليل'. الأكيد أنه من الصعب الاختيار بين الأفلام السالفة الذكر، خاصة وأنها لاقت قبول وتفاعل إيجابي من الجمهور الذي حضر العروض، إلا أنه من الواضح أن لجنة تحكيم هذه الفئة والتي يرأسها الإسم الكبير 'محمد ملص'، اختارت بعناية الفيلم الأجدر بالتتويج، وفق معايير موضوعية صارمة، جعلت الفيلم المصري الأحق بوهر وهران. فإذا اعترفنا بجودة الأفلام، نلاحظ بالموازاة تفوق فيلم نوارة على منافسيه، في نقطتين رئيسيتين، وهما، أنية الموضوع ، وواقعية الطرح والتناول، ففيلم البئر، ورغم قوته، واقعيته وبنائه المتكامل، جماليا، فنيا وتقنيا، إلا أن نوارة يمكن أن تكون قد تفوقت، بموضوعها الراهن، وتسليطها الضوء على تبعات ما يسمى بالربيع العربي، وما تأتى منه على مستوى المواطن البسيط، ورغم أن الأحداث تدور في مصر، إلا انه يمكن إسقاطها على كافة أرجاء الوطن العربي وساكنته، هذه الرقعة الجغرافية التي تعتبر التيمة الرئيسية التي تأسست عليه الطبعة التاسعة لمهرجان وهران السينمائي. أما فيما يخص واقعية البناء والحبكة، ففيلم نوارة، كان وفيا لهذا المعيار رغم أنه فيلم خيالي، فالقصة كانت أقرب لحياة أي مواطن أو مواطنة... يتنقلون في حياتهم العادية بين عائلاتهم، وعملهم، في مواجهة واقع جديد فرضه الحراك الذي شهدته مصر في السنوات الأخيرة، هنا حاولت المخرجة أن تتشبت بالموضوعية وعدم االإنحياز لطرف على حساب الأخر، ورغم صعوبة المأمورية إلا أن 'هالة خليل' وفقت إلى حد بعيد في هذا الالتزام، هذا التوجه وبالمقارنة مثلا بالفيلم المغربي، مسافة ميل بحذائي، نجد مخرج هذا الأخير قد غامر بإقحام مشاهد مسرحية خيالية، في الأحداث، هذا الخيار المبرر، ورغم قيمة الفيلم، رجح ربما الكفة لنوارة. ذات الشيء قد نلاحظه في الفيلم اللبناني كثير كبير، الذي يعتبر كوميديا سوداء تصور واقع أغلب الدول العربية، فكرته، وأحداثه تتلخص في تحول تاجر مخدرات إلى منتج سينمائي، ثم رجل سياسي، هذا الطرح الذي هو ربما يصور بصدق الواقع ويحمل رمزية عميقة، إلا أن حياة الخادمة نوارة، كانت أكثر واقعية من حياة زياد تاجر المخدرات، الذي تحول إلى نجم في عالم السينما، ثم إلى مترشح انتخابي، فقط لأنه قرر في لحظة ما، أن يلج عالم الفن السابع، ليتمكن من تهريب ممنوعاته في علب أشرطة التصوير.