لقي إعلان الرئيس الامريكي رونالد ترامب الاعتراف بالقدس عاصمة لاسرائيل استنكارا وتحذيرا فلسطينيا واقليميا ودوليا من تداعيات هذه الخطوة التي تعرقل عملية السلام بين الفلسطنيين والاسرئيلين وتزيد من تأجج التوتر في منطقة الشرق الاوسط فيما يستعد مجلس الامن الدولي لعقد اجتماعا طارئا لبحث التطورات المتعلقة بهذا الشأن . وقد توالت ردود الافعال الدولية المنددة باعلان الرئيس الأمريكى , في كلمة له من البيت الأبيض امس الأربعاء, رسميا أن القدس عاصمة لإسرائيل و أمر وزارة الخارجية بالبدء في اجراءات نقل السفارة الأمريكية إليها, وذلك رغم كل التحذيرات التي أصدرها الفلسطينيون والمجتمع الدولي من خطورة هذ الاجراء حيث قال ترامب وهو يعلن المدينة المقدسة عاصمة للمحتل الاسرائيلي ان "ذلك قد تأخر كثيرا" على حد قوله وأعتبر ان هذا "لا يمس بالوضع النهائي للتسوية بين الفلسطينيين والإسرائيليين". وفي هذا السياقي اكد الرئيس الفلسطيني محمود عباس في كلمة متلفزة امس ان اعتراف الرئيس الأمريكي بالقدس عاصمة لإسرائيل "يمثل إعلانا بانسحاب الولاياتالمتحدةالأمريكية من ممارسة الدور الذي كانت تلعبه خلال العقود الماضية في رعاية عملية السلام" مضيفا إن هذا الإعلان يمثل "تقويضا متعمدا لجميع الجهود المبذولة من أجل تحقيق السلام". من جهتها, أعلنت حركة "فتح" الدخول في إضراب شامل في مدينة الخليل بالضفة الغربية يبدأ يوم الخميس ضمن الفعاليات التي ترعاها الحركة في مواجهة نية الإدارة الأمريكية لنقل سفارتها إلى القدس, فيما قال القيادي في حركة المقاومة الإسلامية "حماس" صلاح البردويل إن "المظاهرات الغاضبة خطوة من سلسلة خطوات سننطلق بها ومعنا الدول العربية والإسلامية ضد أي قرار أمريكي يتخذ بشأن مدينة القدس". و دعا القيادي في حركة "الجهاد الإسلامي" خالد البطش الى ضرورة "سحب الاعتراف بإسرائيل والخروج من اتفاق (أوسلو) الذي وقعته منظمة التحرير الفلسطينية مع إسرائيل عام 1993". وعلى صعيد ردود الفعل الدولية عبرت الجزائر عن إدانتها للقرار الأمريكي للاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل معتبره اياه "انتهاكا صارخا" للوائح مجلس الامن الدولي ذات الصلة و الشرعية الدولية وذلك باعتباره "يقوض إمكانية بعث مسار السلام المتوقف منذ مدة طويلة". وبدوره وصف الرئيس الفرنسي, إيمانويل ماكرون القرار الأمريكي, خلال زيارته أمس للجزائر ب "المؤسف" ملحا في هذا الصدد على ضرورة "الحل القائمة على دولتين" , فيما اكدت رئيسة الوزراء البريطانية تريزا ماي في لندن "إنها لا تتفق مع قرار الولاياتالمتحدة بنقل سفارتها إلى القدس والاعتراف بالقدس كعاصمة لإسرائيل قبل التوصل إلى اتفاق الوضع النهائي" معتبرة أن "القرار لا يخدم آفاق السلام في المنطقة" . واكدت وزيرة الخارجية الكندية كريستيا فريلاند إن "موقف بلادها الثابت هو أن وضع القدس المحتلة لا يمكن حله الا في إطار تسوية عامة للصراع الفلسطيني-الإسرائيلي" . وعلى صعيد متصل أدانت إيران بشدة قرار الرئيس الأمريكي معتبرة إياه بأنه "يشكل انتهاكا صارخا للقرارات الدولية" وقرارا "استفزازيا وطائشا لن يساعد على تحقيق السلام والاستقرار في المنطقة". اقليميا أدانت كل من لبنان والمملكة العربية السعودية والاردن والعديد من الدول الاخرى قرار الرئيس الامريكي باعتباره يمثل خرقا لقرارات الشرعية الدولية وميثاق الأممالمتحدة . اما الامين العام لمنظمة الامم المتحدو انطونيو غوتيريس فقد قال في مؤتمر صحفي "إن القدس هي قضية وضع نهائي يتعين أن تحل عبر المفاوضات المباشرة بين الجانبين على أساس القرارات ذات الصلة الصادرة من مجلس الأمن الدولي والجمعية العامة للأمم المتحدة" . و أعرب الاتحاد الأوروبي عن قلقه البالغ إزاء إعلان ترامب الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل وتداعياته على أفق السلام , حيث قالت فيدريكا موغرينى, الممثلة الأعلى للسياسة الخارجية والأمنية بالاتحاد في بيان صحفي, إن "موقف الاتحاد الأوروبي ثابت", مؤكدة أنه "سيواصل ودوله الأعضاء احترام توافق الرأي الدولي بشأن القدس والذي يجسده, في جملة أمور, قرار مجلس الأمن رقم 478, بما في ذلك بشأن موقع ممثليهم الدبلوماسيين إلى أن يتم حل الوضع النهائي للقدس". بدوره أعرب رئيس مفوضية الاتحاد الإفريقي موسى فكي محمد, عن قلقه "بالغ" إزاء القرار الأمريكي في حين ذكرت الصين أن "وضع القدس حساس ومعقد" وحثت جميع الأطراف المعنية على توخي الحذر من أجل تحقيق السلام والهدوء في الشرق الأوسط.
--- اجتماعات لمجلس الامن و الجامعة العربية ومنظمة المؤتمر الاسلامي لبحث الاجراء الامريكي---
يعقد مجلس الامن الدولي غدا الجمعة اجتماعا طارئا لبحث مسألة القدس غداة اعلان ترامب رسميا القدس عاصمة لاسرائيل بطلب من ثماني دول عقد هذا الاجتماع منها اربعة اوروبية (السويد و فرنسا و ايطاليا و بريطانيا) و اثنين من امريكاالجنوبية (بوليفيا و الاوروغواي ) و اثنين من افريقيا (مصر و السنيغال). و طلبت هذه الدول بان يفتتح هذا الاجتماع بعرض من طرف الامين العام للامم المتحدة انطونيو غوتيريس الذي أعلن معارضته "لأي إجراءات أحادية يمكن أن تعرض آفاق تحقيق السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين للخطر". و في هذا الاتجاه تسعى الجامعة العربية الى عقد اجتماع على مستوى وزراء الخارجية العرب في دورة غير عادية يوم السبت المقبل, بناء على طلب فلسطين للنظر في التطورات الخاصة بشإن اعتراف الولاياتالمتحدةبالقدس عاصمة للاحتلال الإسرائيلي. ويأتي هذا الطلب بعقد الاجتماع الطارئ استنادا للقرارات الصادرة عن مجلس جامعة الدول العربية على مستوى القمة والوزاري في دوراته المتعاقبة. ودعا الرئيس التركي رجب طيب اردوغان ايضا قادة منظمة التعاون الاسلامي إلى عقد اجتماع في اسطنبول يوم 13 ديسمبر لبحث التحرك الامريكي المحتمل للاعتراف بمدينة القدس عاصمة لاسرائيلي حسبما صرح به المتحدث باسم الرئاسة ابراهيم كالين. و قال كالين إن اردوغان "وجه الدعوة إلى قادة المنظمة التي تضم 57 دولة مسلمة للاجتماع لاتخاذ إجراء مشترك وزيادة التنسيق بين الدول المسلمة" موضحا ان الاعتراف بالقدس عاصمة لاسرائيل ونقل السفارة الامريكية من تل ابيب الى القدس "خطأ فادح". و كان اردوغان قد حذر اول امس الثلاثاء من ان تركيا" قد تقطع العلاقات الدبلوماسية مع اسرائيل اذا ما اعترفت الولاياتالمتحدةبالقدس عاصمة لاسرائيل".
--- غضب الشارع الفلسطيني ---
وفور الاعلان عن الاجراء الامريكي , تظاهر مئات الفلسطينيين في مدينة غزة, رفضا لأي قرار أمريكي محتمل بشأن تغيير الوضع القائم في مدينة القدس الفلسطينية. وانطلق المتظاهرون من ساحة (السرايا) وسط المدينة وصولا إلى ساحة (الجندي المجهول) غربها, بدعوة من (القوى الوطنية والإسلامية), حسب مصادر إعلامية فلسطينية. ورفع المشاركون في المظاهرة ,الأعلام الفلسطينية ورايات الفصائل الفلسطينية ولافتات كتب عليها (إلى ترامب القدس خط أحمر), (سنحمي القدس بأرواحنا وأجسادنا). و أعلنت القوى الوطنية والإسلامية في مدينة القدس الإضراب العام والشامل في القدس المحتلة, احتجاجا على القرار الامريكي, مشددة على ان " القدس عاصمة الشعب الفلسطيني ودولته المستقلة". وذكرت وكالة الأنباء الفلسطينية أن حالة من الغضب والاحتقان تسود المدينة المقدسة برمتها, في حين فجر شبان الأحياء والبلدات المقدسية غضبهم بمواجهات بدأت عقب انتهاء خطاب ترامب في العديد من الأحياء المجاورة والمتاخمة للقدس القديمة ويتوقع أن تمتد لتعم كافة أنحاء المدينة. في الوقت نفسه, عمت شوارع وأحياء محافظة /خان يونس/ جنوب قطاع غزة مسيرات منددة بإعلان الرئيس الأمريكي . كما نظمت حركة فتح والقوى الوطنية في محافظة /قلقيلية/ مسيرة غاضبة احتجاجا على قرار ترامب , ورفع المشاركون خلالها الأعلام الفلسطينية والشعارات المنددة بقرار الرئيس الأمريكي , مؤكدين تمسكهم بالقدس عاصمة لدولة فلسطين رافضين كافة المواقف التي تمس المدينة المقدسة.