قدم الباحث الجزائري الدكتور الرشيد بوشعير محاضرة بعنوان “الرواية الخليجية.. إلى أين” و ذلك حلال الحفل الذي نظمته إدارة الثقافة والفنون في هيئة أبوظبي للثقافة والتراث في المسرح الوطني بأبوظبي . وجاء في تقديم الشاعر الفلسطيني سامح كعوش للمحاضر أن الرشيد بوشعير قدم للمكتبة العربية مؤلفات في النقد فاقت العشرين كتاباً، منها “دراسات في الرواية العربية”، و”الشعر العربي الحديث في منطقة الخليج”، و”صراع الأجيال في الرواية الإماراتية”، و”مساءلة النص الروائي في أعمال عبدالرحمن منيف”، و”النكوص الإبداعي في الأدب”.وأضاف كعوش “كما قدم الرشيد بوشعير تجربة ثرية في الشعر والنثر معاً، حيث أصدر مجموعات قصصية، منها “الرجل الذي انتحل اسم برينو”، و”الظل الباهت”، وفي المسرح “المخدوع”، و”القاطرة”، وفي الشعر “حفر على جدار عام جديد”، و”رماد الأعشاب”. وتحدث كعوش عن السيرة العلمية للباحث بوشعير كونه أستاذاً للأدب العربي في جامعة الإمارات العربية في العين، وله تجربة في الحقل المعرفي. مع مشاركات في النشاطات الإبداعية والمؤتمرات الثقافية. ثم استهل الدكتور الرشيد بوشعير محاضرته بالتأكيد على صعوبة الإحاطة بالمنتج الخليجي والتنبؤ بما ستؤول إليه خطوات الرواية مستقبلاً، حيث قال “إن التنبؤ مهما كان مبنياً على مؤشرات علمية يظل عرضة للخطأ، وتنكّب جادة الدقة”.وأشار إلى تنبؤات “فوكوياما” بنهاية التاريخ ومدى صوابها، وقال “أياً ما يكون الأمر، فإن أي ناقد أو مؤرخ للأنواع الأدبية لن يقدم على التنبؤ بمستقبل نوع أدبي، كنوع الرواية، من دون إطلالة مبتسرة على ماضي ذلك النوع أو حاضره”. ومن خلال هذا المفهوم استعرض بوشعير مجموعة من الإرهاصات والمؤشرات المهمة، والتي لخصها في عشر نقاط، وهي أن الرواية الخليجية ترهصُ بالانتقال من الشفوية إلى الكتابية “التدوين”، عبر العناية بالتفاصيل والتحليل السيكولوجي، مقابل الأحداث المروية، ومن الروايات التي خضعت لهيمنة السرد من مثل أعمال عبدالله الطائي وعبدالقدوس الأنصاري وراشد عبدالله في “شاهنده”، وعبدالعزيز البشري في “ريح الكادي” ورجاء عالم في “طريق الحرير”، ومن الأعمال التي تخلصت من الشفوية لطالب الرفاعي وحسن الشيخ وعلي أبو الريش وتركي الحمد. وأكد بوشعير المؤشر الثاني، وهو الانتقال من الرواية الكتابية إلى الرواية السمعية البصرية “الرقمية”، خاصة رواية “بنات الرياض” لرجاء الصانع، وثالثاً الانتقال من الرواية الضخمة “الملحمية” إلى الرواية القصيرة مثل “مدن الملح” لعبدالرحمن منيف، و”النيل يجري شمالاً” لاسماعيل فهد اسماعيل، ورابعاً الانتقال من اللغة المثالية المعجمية إلى اللغة الهجينة، ومثاله على ذلك رجاء عالم في “طوق الحمام”، وبنات الرياض للصانع، حيث استفادت الرواية في لغتها من الشعر الحداثي، وخامساً مواصلة الرواية الخليجية في تمثل تقنيات الرواية الحداثية أو ما بعد الحداثة التي لخص خصائصها بتيار الوعي والفلاش باك والاستباق والمونتاج السينمائي والأحلام والرسائل، ومثالها أعمال علي أبو الريش وعبده خال ومحمد الدويحي وعلي الشودي، وسادساً اتجاه الرواية الخليجية نحو طرح القضايا الاجتماعية والسياسية والفكرية الأكثر إثارة للحساسية، ومثالها “ترمي بشرر” لعبده خال، وصبا الحرز في “الآخرون”، وظبية خميس في “الحياة كما هي”، وابتعاد الروائيين عن المرموزات الذي أصبح أسلوباً كلاسيكياً، وسابعاً تأنيث الرواية الخليجية، حيث صار المتلقي يبحث عن معاناة المرأة في الرواية، ومن هنا أصبح الإقبال على قراءة أعمال الأنثى يتعاظم. كما تطرق بوشعير إلى مفهوم رواية الخيال العلمي ووصفها ب”رواية المستقبل”، واستشهد برواية الكويتية طيبة أحمد الإبراهيم، وأشار تاسعاً إلى التخلص من الذاتي “السيري” والمحلي إلى البعد الإنساني الذي بدأ يطرأ على الرواية الخليجية، مثل بعض أعمال عبده خال وعبدالرحمن منيف وتركي الحمد، وتحدث عاشراً عن هوية الرواية الخليجية التي لخصها بتناولات الصحراء والبحر وخصائص اللغة، ومنها مدن الملح لمنيف، وفوزية شويش السالم، وعبدالله خليفة، وراشد عبدالله، وعلي أبو الريش، وبدرية الشحي، الذين طرقوا هذه الموضوعات بكثافة.