تم تكريم مسيري دار النشر البرزخ ''سفيان حجاج'' و''سلمى هلال'' بالعاصمة الهولندية أمستردام، في احتفال خاص بالقصر الملكي من قبل الملكة الهولندية، حيث استلما جائزة مؤسسة الأمير كلاوس التي تبلغ قيمتها مائة ألف أورو بعد تتويجهما سبتمبر الفارط. عن هذا التتويج ومواضيع أخرى، يحدثنا ''سفيان حجاج'' خلال هذا اللقاء الذي يكشف فيه ل''الحوار'' عن جملة مشاريع النشر، ولعل أهمها تخصيص سنة 2011 للاحتفال بالعيد السبعين لميلاد الروائي رشيد بوجدرة من خلال إعادة نشر أبرز أعماله. عشر سنوات من العطاء في عالم النشر. هل نستطيع الحديث اليوم عن احترافية دار البرزخ مقارنة بمنافسيها في السوق؟ بدأت مغامرة النشر والكتاب قبل عشر سنوات، حيث وضعت ''البرزخ'' أولى خطواتها على مسيرة النشر الأدبي العام 2000، حاولنا خلالها أن نؤسس لنفس جديد ضمن منظومة وخريطة النشر في الجزائر ووضعنا نصب أعيننا دراسة أكثر بالأصوات الإبداعية الشابة من الجيل الجديد التي تكتب باللغتين، حيث نشرنا الأعمال الروائية والشعرية والقصصية للعديد منهم نذكر على سبيل المثال ''أرخبيل ذباب'' للروائي بشير مفتي، احميدة العياشي، عدلان مدي.. وتثمينا لهذه التجارب فتحنا مجالا لأهم الكلاسيكيات الجزائرية من خلال ترجمتها، من ضمنها أعمال الروائي الراحل محمد ديب، المبدع رشيد بوجدرة، الروائي أمين الزاوي، الروائية ''مايسة باي''. ونحن نحيي العيد العاشر لتأسيس البرزخ، فخورون جدا بهذه المناسبة، كوننا جمعنا بين التعريف بالأسماء الأدبية الجديدة والمتحركة في فضاء الإبداع والتي لها حضورها في الساحة الادبية، إلى جانب الحفاظ على المرجعية الأدبية عندنا من خلال ترجمة أهم إنتاج أدبي لنخبة من أهم الأسماء التي أثرت المشهد الكتابي في الجزائر وساهمنا في اكتشاف العديد من المواهب مثل المهدي اشرشور ومصطفى بن فوضيل وحبيب أيوب، بشير مفتي، علي مالك، حكيم ميلود، عبد الوهاب بن منصور، وعدلان مدي ويوسف زيرم وشوقي عماري والمهدي أشرشور، وسميرة نقروش، وعلي مالك وعبد الرزاق بوكبة، وحبيب أيوب، ومايسة باي، وكوثر عظيمي. هل تعتبرون أن دار البرزخ قد تموقعت في سياق حركة النشر الجزائرية والعربية؟ مع مرور 10 سنوات على إنشاء دار النشر البرزخ أعتقد أننا أثبتنا وجودنا على الساحة الثقافية الجزائرية وساحة النشر الأدبي بصفة خاصة، وهي مجازفة حقيقية وربما لم نحقق الكثير مما رسمناه ضمن إستراتيجية الدار لتوسيع دائرة النشر والترجمة. ومازالت رحلتنا متواصلة وهي بمثابة رهان كان صعب التحقيق لولا إيماننا برسالة النشر وأهميته في بناء الثقافة والفكر، خاصة في ظل الظروف التي يعيشها الناشر في مقدمتها مشكل التوزيع وهو أساسي، ضف إلى ذلك مشكل المقروئية وتراجعها في المجتمع الجزائري وسعر الكتاب. تم، مؤخرا، تفعيل المركز الوطني للكتاب. هل تعتقد أن ذلك سينعش قطاع صناعة الكتاب بالجزائر؟ بالتأكيد نرحب بهذا التأسيس الجديد، المركز الوطني للكتاب مكسب لكل الفاعلين والناشرين في الجزائر وصناع الكتاب، فلا أحد ينكر الجهود التي تبذلها وزارة الثقافة طيلة العشرية الماضية لتحريك ملف النشر والكتاب. وأرى أن الخلل يتعلق بفعالية دور النشر التي تشكل خارطة النشر الجزائري وربما حان الوقت لنحاسب أنفسنا جميعا، وهو مؤشر إيجابي خاصة، بالنظر لمنظومة الجهود التي تبنتها الوزارة الوصية. والأكيد أن المرصد الوطني للكتاب سيعمل حتما على تدعيم وتحديث قطاع صناعة الكتاب في الجزائر، وذلك في انتظار التعرف على الطاقم واسترتيجيته والميزانية المخصصة له ودور الناشرين. توجتم مؤخرا بجائزة مؤسسة الأمير كلاوس. هل كنتم تنتظرون هذا التتويج؟ بكل صراحة لم نتوقع التتويج بجائزة مؤسسة الأمير كلاوس الهولندية وكانت مفاجأة كبيرة وتوقعت أن يفوز بها الخليج العربي أو لبنان مثلا، حيث كانت اللجنة تعمل في صمت وبسرية على مدار 3 سنوات وتابعت اللجنة منشوراتنا وخطواتنا في عالم النشر. شخصيا استغربت أن تأتي الجائزة من فضاء ليس له علاقة تاريخية وسياسية عريقة بالفرانكوفونية بصفته أنجلوفوني له تقاليد التعامل أكثر مع المشرق العربي منها لبنان ومصر مقارنة بالعلاقات التي تربطنا بالفضاء الفرانكفوني كما لايوجد بها جالية مغاربية كثيفة. أصدقكم القول إني ربما كنت أفكر في جائزة فرنسية بحكم اللغة وعلاقاتنا التاريخية، لهذا أعتقد أن الجائزة موضوعية كافأت العمل بكل موضوعية ونزاهة. وأؤكد أننا كنا نجهل هذه المتابعة التي انطلقت منذ 3 سنوات لكل مسيرتنا. وأشير إلى أنه منذ العام 1997 تمنح مؤسسة الأمير كلاوس جوائز سنوية لفنانين، مثقفين ومنظمات ثقافية من مختلف الاهتمامات في إفريقيا وآسيا وأمريكا اللاتينية والكاريبي. إلى أي مدى سيخدمكم هذا التتويج الذي تنافست حوله أكبر دور النشر العربية والإفريقية؟ إنجاز كبير لنا كناشرين جزائيين، فالفوز بالجائزة يؤكد أن الجزائر قادرة على إنتاج النخب والمبدعين وقادرة على تقديم أشياء نوعية فيها طموح وتقول بكل حرية ومسؤولية إبداعها كما تسمع الصوت العربي والإفريقي في العالم. وأهدي هذه الجائزة لكل المبدعين الشباب، خاصة أن بيان المؤسسة القائمة على الجائزة كان قد أكد أن دار ''البرزخ'' للنشر المستقلة في الجزائر قد أتاحت منبرا متفردا للأجيال الجديدة من الكتاب الجزائريين وفتحت آفاقا جديدة للحوار وتبادل الآراء في الجزائر وبين الجزائر والعالم الخارجي. وجاء في تقرير لجنة التحكيم أن عدد إصدارات ''البرزخ'' قد بلغ ما يفوق 110 كتاب وكلها مؤلفات عالية الجودة مضمونا وشكلا ونوعا وأخذت الرواية والشعر حصة الأسد في النشر، بالإضافة الى ميادين أخرى كالفكر الفلسفي والعمران والتصوير الفوتوغرافي والمسرح والتاريخ وعلم الاجتماع والترجمات والمقالات السياسية وغيرها من الأعمال. بالإضافة إلى ذلك نشرت ''البرزخ'' أعمالا لمؤلفين من إفريقيا باللغة بالفرنسية، وقامت بترجمة أعمال أدبية فرنسية إلى العربية ونسجت شبكة للتبادل في مجال النشر مع البلدان العربية والإفريقية والأوروبية، كما ساهمت وبجهد كبير في تنشيط وتنظيم حلقات نقاش واسعة وقراءات شعرية متنوعة وأقامت معارض للفنون التشكيلية وشاركت في العديد من المعارض الوطنية والدولية. إضافة لمد الجسور بين الثقافات واللغات وإلهام وتحفيز الطاقات الإبداعية الكامنة في الجزائر. ماذا عن اختياركم استضافة الروائية اللبنانية ''رشا الأمير'' في غمرة الاحتفال بهذه المناسبة؟ للاختيار دلالة ورمزية ويؤكد انفتاح الناشر والإبداع الجزائري على باقي التجارب في العالم، وبالنظر لتجربتها الثرية في مجال الإعلام والرواية والنشر لنا الشرف أن تشاركنا الروائية اللبنانية المتميزة رشا الأمير التي تمتلك دار نشر الجديد منذ 20 عاما وتفرد تجربتها، حيث نشرت ديوانين للشاعر الفلسطيني الراحل محمود درويش ونخبة من الكتاب الجدد. استضفناها في جلسة أدبية ثرية بمكتبة الشهاب وكانت المناسبة لتقديم الطبعة الجزائريةالجديدة لروايتها المثيرة ''يوم الدين'' لتتزامن والاحتفال بعيد الميلاد العاشر لدار النشر البرزخ وربما ذلك راجع إلى تشابه تجربتي الدار في بعض الجوانب. ماذا عن مشاريع الدار في 2011؟ نخصص سنة 2011 لتكون سنة المبدع والروائي الكبير رشيد بوجدرة وذلك إحتفاء بعيد ميلاده ال70، حيث ستكون أعماله من جديد محور النقاش من خلال إعادة النشر والترجمة لأهم رواياته. كما ستتابع الدار تكريس جهودها للتعريف بالأصوات الجديدة وتشجيع النشر الأدبي كناشر متخصص في الأدب المعاصر. وضمن المشاريع ترجمة ثلاثية الراحل محمد ديب يوقعها الثنائي سعيد بوطاجين ولياس تلالي. فضلا على ذلك سنعيد خال 2011 نشر مذكرات سياسية حول مرحلة الثورة. وبخصوص تظاهرة تلمسان عاصمة الثقافة الإسلامية اقترحنا على الوزارة ترجمة إلى العربية لنص الفيلسوف الدكتور مصطفى الشريف بعنوان الشرق والغرب وإصدار كتاب فاخر للفنان التشكيلي العالمي رشيد قريشي حول الصوفية في الإسلام يتضمن 14 نصا لكبار المتصوفة العرب المسلمين بتقنية تشكيلية حروفية، على غرار جلال الدين الرومي ورابعة العدوية، سيدي بومدين الغوث، التيجاني وغيرهم، وسيتم نشر روايات الروائي الشاب سليم باشي. بعيدا عن النشر. ماذا عن جديد إنتاجك الأدبي كروائي؟ سأنتهي قريبا من كتابة روايتي الجديدة التي ستكون جاهزة خلال سنة 2011، بعد أن قطعت فيها نسبة 90 بالمئة من الكتابة.