كثيرة هي الأخطاء الطبية التي تضع حد لحياة المرضى،أو تتسبب لهم في عاهات مستدامة أو تفقدهم للأبد عن ذويهم ،وانتشرت هذه الظاهرة بشكل رهيب في الآونة الأخيرة، مما استدعى بالمسؤوليين إلى دق ناقوس الخطر في الجزائر، وفي لحظة إهمال ،ولا مسؤولية تنجم عواقب وخيمة جراء هذه الأخطاء الناجمة عن التقصير أو الإهمال أو عدم بذل عناية للازمة من قبل الطبيب أو الفريق الطبي مما يؤدي بالمرء إلى مالا يحمد عقباه ،انه موضوع هام ،ومحزن في نفس الوقت بسبب أطباء لايعلمون ما خطورة ما يخلفونه من أخطاء ولابد من دراسة الأسباب لإيجاد الحلول حتى ننقص نوعا ما من هذا المشكل العويص إذن هي قضايا تتردد عبر مجلسنا محاكمنا أصبحت يوميا يذكر فيها متقاضون لكن نتأسف لجهل العديد من الضحايا خطورته وعدم التبليغ عن المتسببين في الكثير من الأحيان، ولعل الجديد في الملف أن عمادة الأطباء الجزائريين قالت، مؤخرا، إن 600 قضية تم رفعها سنة خلال أربع سنوات• والرقم على ضخامته لا يعبّر بدقة عن كارثة الواقع الطبي الذي تعددت فيه الأخطاء لتتحوّل إلى خطايا•وليس غريبا أن تكون أربع حالات خطأ من أصل خمسة تسجل في المستشفيات العمومية، مع أن العيادات الخاصة يعمل فيها الأطباء أنفسهم الذين يشتغلون بالتوازي مع تلك المستشفيات، وفي كثير من الحالات يلجأ البعض منهم إلى إقناع المرضى بضرورة إجراء العملية في عيادة الطبيب الخاصة، ولا يبقى في المستشفى إلا بعض ''الزوالية'' الذين تصبح أجسادهم حقول تجارب للأطباء المتربصين، وقد يقضي الكثير منهم في غياب الطبيب، وتسجل في الأخير الحالة في إطار ميتة طبيعية مع أنها ليست كذلك. ولئن كان رقم 600 حالة خطأ طبي كبيرا ومرعبا بالفعل، فإنه في النهاية لا يعبّر بدقة عن الواقع الطبي في الجزائر، فالكثير من الأخطاء خاصة في المستشفيات الصغيرة بالمناطق النائية، تدفن مع جثث أصحابها ولا تجد من يبلغ بها، ويبدأ الأمر مع أخطاء في تشخيص الأمراض، يجر إلى عمليات جراحية في العضو الخطأ وتتبعها متاعب صحية للمريض قد تنتهي بوفاته دون أن يكون على علم بالأمر• وفي كثير من الحالات يلجأ بعض المحسوبين على الطب إلى المتاجرة بأجساد مرضاهم خاصة ممن يمتلكون بعض المال، وفي حالات طبية ميئوس منها (بعض الأورام السرطانية)، يقنع الطبيب مريضه بإجراء عملية جراحية مقابل مبالغ كبيرة، وتجرى العملية الجراحية التي لا أمل فيها، ويموت المريض بعد ذلك بساعات أو بأيام ويحصل الطبيب الجراح على مستحقاته كاملة، وتصنف الحالة في إطار ''القضاء والقدر''. وتعددت هذه الحالات إلى درجة تكاد تكون قاعدة، وكثير من الأطباء أصبحت لهم سوابق، لكن دون أن يحاسبهم أحد أو يطالبهم القانون. وأمام هذا الحال، أصبح من الضروري طرح الموضوع في سياق آخر غير سياق الأخطاء، والخطأ في النهاية غير مقصود، وهو استثناء، لكن ما يحدث عندنا يتجاوز كل ذلك إلى أخلاق الطبيب مع كثرة منتحلي الصفة حتى من حملة الشهادات، والبعض منهم يحمل شهادات مزوّرة• لكن سنعرج في بادئ الأمر على بعض العينات التي تناولتها محكمة بئر مراد رايس ولعل العينات التي بين أيدينا تعتبر مثالا حيا على واقع هؤلاء تعالج المحاكم يوميا العديد من هذه القضايا وآخرها ما استعرضته محكمة الدليل ببئر مراد رايس خطأ طبي يضع حدا لحياة سيدة الأخطاء الطبية مصطلح يجهله الكثير من المواطنين فمن بين الضحايا الكثيرة في المجتمع يجهلون متابعة الطبيب قضائيا كما أن غياب الثقافة القانونية وسط أفراد مجتمعاتنا أدى بالكثير إلى التستر عن هذه الجريمة الشنعاء، ومن بين الأخطاء المرتكبة من قبل بعض الأطباء تتعلق بأمراض النساء والتوليد وفي هذا الصدد مثلت المدعوة" ب بوعزو" تعمل في مصلحة الإنعاش بمستشفى بني مسوس، أمام هيئة المحكمة من اجل مواجهة تهمة الخطأ الطبي المؤدي إلى الوفاة والتي راحت ضحيتها سيدة كانت بصدد وضع مولودتها. تداعيات قضية الحال حسب زوج الضحية الذي سرد ،وبكل حرقة المأساة التي عاشها بعد أن فقد شريكة حياته سنة 2006، عندما كانت زوجته حامل وكانت تستشير لدى طبيبة خاصة مختصة في أمراض النساء والتوليد، وعند اقتراب موعد الولادة أكدت لها أن حملها صعب وبالتالي لا يمكنها الولادة طبيعيا، وحررت لها رسالة تفيد بضرورة خضوعها لعملية قيصرية للولادة، وبعد تنقل الضحية لمستشفى بني مسوس لوضع مولودتها أخبروها أنها ليست بحاجة للعملية وتم تحويلها لجناح التوليد، ونظرا لصعوبة الولادة قامت المتهمة باستعمال الأدوات والأجهزة التي تساعد على إخراج الجنين، مما تسبب للضحية في جروح بالغة أدت على نزيف حاد وهو ما سبب لها الوفاة، المتهمة أنكرت ما نسب إليها . بسبب الإهمال تعرضت للاستئصال الرحم تعددت حالات الأخطاء الطبية، ومن كثرتها بدا أن الموضوع لم يعد جديدا إلا من حيث الأرقام، حيث أصبح يقابله مفهوم الأخلاق الطبية الغائبة التي تحوّل من خلالها جسد المريض إلى وسيلة للكسب المادي السريع، طالما أن شماعة ''القضاء والقدر'' منصوبة في كل مستشفى وفي كل مصحة وهو حال قضية الحال أين سردت علينا كيف تعرضت لاستأصل الرحم في عيادة دفعت لها أكثر مما تستحق، من أجل ضمان ولادة آمنه أطوار القضية تعود إلى شهر نوفمبر 2010 لما كانت الضحية تزاول علاجها لدى الطبيبة المختصة في مكتبها بشكل عادي إلى غاية وصول موعد الولادة أين قامت الطبيبة بالتكفل بالعملية بعيادة خاصة كلينيك السعادة وبعدها تعرضت الضحية إلا ما لم يكن في الحسبان ،وأتناء الولادة كان هناك صعوبات كبيرة في وضع مولودها الذي كان وزنه تمانو مئة كيلو غرام مما استدعى استعمال جهاز حديدي من اجل إخراج المولود بدل من القيام بعملية جراحية ،وهو الأمر الذي تسبب لضحية بنزيف داخلي وتعفن على مستوى الرحم بعد الولادة بربع ساعة بدأت الأعراض تظهر من ارتفاع درجة الحرارة ،والغثيان انتفاخ في البطن وغيرها ،وبعدها جاء البروفيسور ،وحرر لها شهادة خروج دون أن تقوم بأي تحاليل بغرض أنها بصحة جيدة وليست بحاجة إلى البقاء على الرغم من حالتها الصحية التي كانت يومها خطيرة وبعد خروجها من العيادة واصل الألم و تدهورت حالتها وكانت هناك أوجاع لم تفارقها ،ولهذا اضطر زوج الضحية نقلها إلى مستشفى جهاز إخراج المولود باستعماله تسبب بجرح الرحم وحسب ما جاء على لسان المتهمان أنكروا ما نسب إليهم من جرم ، . هذه الحالات التي ذكرناها ليست سوى نموذج عن تفشي الظاهرة في المجتمع ولعل الحالات التي يتعرض لها المواطنون كبارا وصغارا ورضعا، بالمستشفيات والعيادات الخاصة خير دليل اكبر خطأ طبي يحرم شاب من العمل ويسبب له إعاقة دائمة بالرغم من أن بعض الأشخاص تقدموا إلى الجهات القضائية ووقفوا أمام دور القضاء كضحايا لكنهم يعانون الأمرين حيث الكثير منهم لم يتلقوا التعويضات لحد الساعة ولعل الاحتجاجات الكثيرة والمتكررة التي قام بها عائلات ضحايا الأخطاء الطبية خير دليل على تفاقم الوضع ومن بين العينات الكثيرة في المجتمع حال الشاب الذي روى لنا مأساته المؤلمة والحسرة و الألم باديان على وجهه بعدما شعر بألم طفيف على مستوى الحوض، وبسبب الإهمال والتلاعب بصحته وجد نفسه يصارع الألم طوال حياته ،بل معاق بالرغم من أن حالته الصحية كانت لبأس بها قبل الحادثة من بين آلاف الضحايا الذين عانوا ومازالوا يعانون من الأخطاء الطبية التي ارتكبها ولازال يرتكبها بعض الجراحين والأطباء بالمستشفيات العمومية عقوبات صارمة صنفها المشرع الجزائري لمرتكبي هذه الجريمة تلجأ العديد من الضحايا إلى العدالة قصد معاقبة الجاني الذي ألحق لهم أضرار و لمعرفة رأي القانون في هذا الشأن اتصلنا بالأستاذة تواتي فاطمة الزهراء التي عبرت لنا على أسفها للانتشار الشديد للأخطاء الطبية خاصة خلال السنوات الأخيرة لذلك نظم المشرع الجزائري قطاع الصحة بثلاثة مراسيم تنفيذية (المرسوم رقم(97/465) المؤرخ في 02/12/1997 و المرسوم رقم 97/466 الصادر في 02/12/1997 و المرسوم رقم 97/467 و التي صدرت في الجريدة الرسمية رقم(97.81) ،و ذلك باعتبار المستشفيات مؤسسات إدارية تقوم بنشاط طبي تقني يقوم به تقنيون مختلفون من حيث التكوين من أجل تقديم خدمات صحية علاجية للمرض ،ولكن قد تلحق هذه الخدمات أضرار بالمرضى من جراء عدم العلاج أو خطأ في العلاج أو التأخير فيه و على الرغم من حقيقة وقوع الضرر يصعب تحديد قيام المسؤولية من عدمها باعتبار أنها أمور تقنية لذلك فرق الفقه و القضاء الإداريين بين العمل الطبي و العمل العلاجي حيث أن العمل الطبي هو الذي يقوم به طبيب أو جراح أو مختص و يتميز بصعوبة جدية تتطلب معرفة عميقة ودقيقة وواسعة ومهارات تشترط انقضاء الخطأ الجسيم لقيام مسؤولية المستشفى في التعويض عن الضرر مثل:الخطأ في تشخيص المرض أو سوء اختيار العلاج المناسب أو خطأ تنفيذ عملية جراحية أو عملية تقنية معقدة.... إلخ أما العمل العلاجي فهو يقوم به ممرض تقني في الصحة و يشترط الخطأ البسيط لتحميل المسؤولية لتعويض عن الضرر مثل الأخطاء المتعلقة بعملية الحقن و تنظيف الجروح .....إلخ كما يمكن أن تقوم عملية المستشفى على أساس الخطأ البسيط إذا كان الضرر ناتج عن سوء التنظيم و التسيير مثل التأخير في الاستقبال المرضى أو سوء استعمال أو خلل في العتاد الطبي أو انعدام المراقبة الطبية. حيث أن مناط المسؤولية يقوم على أساس المادة 124 من القانون المدني حيث تؤكد في فقرتها أن كل فعل أيا كان يرتكبه الشخص بخطئه و يسبب ضرر للغير يلزم من كان سبب في حدوثه بالتعويض .