استهل الرئيس عبد العزيز بوتفليقة ترأسه أول اجتماع للوزراء منذ أكثر من ثلاثة أشهر ليوجه تعليمات إلى الحكومة الجديدة تلخصت أساسا في الصرامة في معالجة الملفات المطروحة بين أيديها مثل المشاكل اليومية للمواطنين ومواجهة مختلف الآفات الاجتماعية من رشوة وفساد واستغلال للمال العام، وشدد على بذل المزيد من الجهد قصد إنهاء المشاريع التنموية في آجالها المحددة. وكشفت توجيهات الرئيس بوتفليقة في أول اجتماع للوزراء في عهد رئاسة أحمد أويحيي للجهاز التنفيذي أنه ينتظر من الحكومة الجديدة أو بالأحرى من رئيسها الجديد بأن ينتقل إلى مستوى "السرعة الفائقة" فيما يخص تنفيذ المشاريع المسجلة في البرنامج الخماسي، وتجاوز حالة الركود النسبي التي ميزت العمل الحكومي في السنتين الأخيرتين ويتضح ذلك في كون بيان رئاسة الجمهورية الذي توج أشغال المجلس جعل تلك التوجيهات في مقدمة نص البيان مما يؤكد أهميتها من ناحية ترتيب الأولويات بالنسبة لرئيس الجمهورية، ولم يشر نص البيان إلى تهاني قدمها الرئيس بوتفليقة إلى الحكومة الجديدة القديمة كما كان الحال في المناسبات السابقة عندما يتم إجراء تعديل أو تغيير حكومي بل أشار البيان بوضوح إلى أن رئيس الجمهورية اغتنم انعقاد الاجتماع الأول لمجلس الوزراء بعد التعديل الحكومي الأخير "ليحض الحكومة على بذل المزيد من الجهود في نهوضها بمهماتها" في إشارة واضحة إلى أنه يريد أن يرى فريقا حكوميا منسجما قادرا على رفع تحدي بلوغ الأهداف التي حددها في برنامجه الانتخابي لعهدته الرئاسية الثانية. وما يترجم هذه الرغبة أكثر هي تلك التوجيهات التي أسداها إلى الطاقم الحكومي وكانت بلغة واحدة وهي دعوتهم إلى اتباع الصرامة في التعامل مع كل الملفات. وفي هذا السياق قال أن أهمية مرحلة إعادة البناء التي تشهدها الجزائر وجسامة الآمال التي يعقدها الشعب عليها تفرض على جميع المسؤولين في الدولة وأعوانها على كافة المستويات أن يبذلوا قصارى جهودهم من أجل إنجاز المهام المنوطة بهم. وأضاف الرئيس بوتفليقة أن هذا الأمر "ينطبق على تنفيذ برنامج التنمية الخماسي الذي يعدّ التزاما لا بد من الوفاء به في الآجال المحددة على أقصى تقدير" في إشارة إلى أنه يريد رؤية المشاريع المبرمجة تنجز قبل الآجال المحددة. وبعد توجيهاته أوضح أنه يريد كذلك أن يرى "الإصلاحات المقررة لمختلف القطاعات" تطبّق في آجالها المحددة، وأبرز في نفس السياق ضرورة الاستماع إلى انشغالات المواطنين والتكفل بمشاكلهم الموضوعية في الوقت المناسب تفاديا للاضطرابات، إضافة إلى تعزيز هيبة الدولة وسيادة القانون في جميع الظروف. وشدد على أنه "لن يتساهل فيما يخص ضرورة إعمال الصرامة في تسيير موارد الدولة ووسائلها والحزم في محاربة كافة الآفات التي تهدد بإلحاق الضرر بالبلاد، سواء تعلق الأمر بالمتاجرة بالمخدرات أو الرشوة والفساد والمساس بأملاك الدولة والمال العام وغيرها من التصرفات التي باتت غير مقبولة أكثر من أي وقت مضى" في تلميح واضح إلى حالات الإختلاس التي تتعرض لها أموال عمومية بتورّط من أعوان الدولة في أغلب الأحيان. وتشير تعليمات وتوجيهات الرئيس بوتفليقة في أول مجلس وزراء يعقده مع رئيس الحكومة العائد أحمد أويحيي أن الوقت حان "لربط الأحزمة" وتغيير طريقة العمل والآداء من خلال الإبتعاد عن أساليب التأجيل والتردد في تطبيق المشاريع التنموية واتخاذ القرار من جهة وفي حل مشاكل المواطنين وفرض سيادة القانون خاصة بعد الاحتجاجات التي بدأت تتصاعد هنا وهناك لمختلف الأسباب. ويتضح من هذه التوجيهات أن ما كان يقوله رئيس الحكومة الجديد في وقت سابق من كلمات وعبارات تشير كلها إلى أنه جاء لفرض الصرامة في العمل الحكومي حيث شدد في أول اجتماع للحكومة يوم 28 جوان الماضي على وجوب وجود تضامن بين الطاقم الحكومي، وفرض المزيد من الصرامة في الآداء، ما هي في الأصل إلا إسقاطات لما كان يريد أن يحدثه الرئيس بوتفليقة من خلال إجرائه للتعديل الحكومي، وتفضيله لعودة أويحيي إلى قيادة سفينة الحكومة وهو المعروف بصرامته في التعامل سواء مع أعضاء الطاقم أو أعوان الدولة. ويتبين من سلسلة التوجيهات التي أسداها الرئيس بوتفليقة أن كلّ القرارات المتخذة من طرف أحمد أويحيي في الأيام الأولى من تسلمه مقاليد الحكومة لم تكن مبادرة شخصية بقدر ما كان تصرفه تنفيذا لتعليمات مباشرة من الرئيس. فليس من باب الصدفة أن يجتمع رئيس الحكومة الجديدة مع مدير الأمن الوطني علي تونسي ومدير الدرك الوطني أحمد بوسطيلة لدراسة كيفية التعاطي مع حالات الشغب، ونفس الشيء ينطبق على الإجراءات المتخذة من أجل بعث المشاريع الإستثمارية المتعثرة أو التكفل بالمشاكل الاجتماعية المرتبطة بغلاء أسعار المواد الإستهلاكية.