انطلاق أشغال الدورة غير العادية لمجلس جامعة الدول العربية على مستوى القمة بالقاهرة    عطاف يعقد بالقاهرة لقاء ثنائيا مع نظيره الموريتاني    المطالبة بمضاعفة الجهود لضمان ممارسة الشعب الصحراوي لحقه في تقرير المصير    زروقي يبحث سبل التعاون في مجال المواصلات السلكية واللاسلكية مع نظيريه الصومالي والموزمبيقي    العدوان الصهيوني على غزة: ارتفاع حصيلة الضحايا إلى 48405 شهداء و111835 جريحا    المغرب: حرية التعبير أصبحت جريمة في البلاد في ظل التراجع الخطير للحريات العامة    الجزائر تعرب عن قلقها إزاء تفاقم الوضع الإنساني في فلسطين والإنتهاكات الممنهجة في الصحراء الغربية    رمضان 2025 : الديوان الوطني للخدمات الجامعية يسطر برنامجا خاصا لفائدة الطلبة    نشرية خاصة : أمطار رعدية مرتقبة على عدد من ولايات الوطن ابتداء من يوم الثلاثاء    وزارة التربية الوطنية تعلن عن رزنامة الامتحانات للسنة الدراسية 2025/2024    المهرجان الثقافي الوطني للعيساوة بميلة: انتقاء 14 فرقة وجمعية للمشاركة في الطبعة ال14    كرة القدم : انطلاق المرحلة الثالثة من تكوين مشغلي نظام حكم الفيديو المساعد "الفار"    جامعة باتنة 1 تتحصل على براءتي اختراع جديدتين    كرة القدم/ تصفيات كأس العالم 2025: المنتخب الوطني للإناث يباشر معسكره التحضيري تحسبا لمقابلة بوتسوانا    التلفزيون الجزائري يحيي السهرات الغنائية "ليالي التلفزيون" بالعاصمة    ضرورة تعزيز دور الجامعة في مجال الاقتصاد المبتكر    الرئيس تبون يقرر عدم المشاركة شخصيا في القمة العربية    باتنة تحي الذكرى 67 لاستشهاده البطل بن بعطوش    خنشلة : أمن دائرة بابار توقيف شخص و حجز مخدرات    باتنة : الدرك الوطني بالشمرة توقيف عصابة سرقة المواشي    إحباط تهريب كميات من المواد الغذائية    الأونروا) تعلن استمراريتها في تقديم الخدمات الصحية بغزة    الجزائر لها دور ريادي في مجال الذكاء الاصطناعي بإفريقيا    سعيود يترأس اجتماعا ليرى مدى تقدم تجسيد الترتيبات    الغذاء الأساسي للإعلام في علاقته مع التنمية هو المعلومة    غويري سعيد بقيادة مرسيليا للفوز ويشيد بثقة دي زيربي    مدرب بوتسوانا يتحدى "الخضر" في تصفيات المونديال    "سوناطراك"- "إيني".. رضا تام لمستوى علاقات الشراكة    الخطط القطاعية ستكون نواة صلبة لترقية الصادرات    قانون المنافسة لمكافحة المضاربة والاحتكار وحماية المواطن    دوريات تفتيشية مفاجئة على الإطعام بالإقامات الجامعية    البطل العربي بن مهيدي فدائي ورجل ميدان    حجز 2 مليون كبسولة من المؤثرات العقلية    بيوت تتحول إلى ورشات لإنتاج "الديول" و"المطلوع"    صيام بلا انقطاع بفعل الفزع والدمار    رئيس الجمهورية يستقبل نائب رئيس الوزراء الإيطالي    تكريم 12 خاتما لكتاب الله    السيادة للعروض المسرحية    إطلالة مشرقة على الجمهور بعد سنوات من الغياب    رمضان فرصة لإزالة الأحقاد من النفوس    عادل عمروش مدرب جديد لمنتخب رواندا    موسم الحج 2025: السيد سعيود يسدي تعليمات للتكفل الأمثل بالحجاج على مستوى المطارات    اليوم العربي للتراث الثقافي بقسنطينة : إبراز أهمية توظيف التراث في تحقيق تنمية مستدامة    المدية: وحدة المضادات الحيوية لمجمع "صيدال" تشرع في الإنتاج يونيو المقبل    فتاوى : المرض المرجو برؤه لا يسقط وجوب القضاء    وزارة الثقافة تكشف عن برنامجها خلال شهر رمضان    وزارة الثقافة والفنون: برنامج ثقافي وفني وطني بمناسبة شهر رمضان    كرة القدم داخل القاعة (دورة الصحافة): إعطاء إشارة انطلاق الطبعة الرابعة سهرة اليوم بالقاعة البيضوية بالعاصمة    كانت تعمل بيومية الجمهورية بوهران    يخص الطورين من التعليم المتوسط والثانوي    أوغندا : تسجل ثاني وفاة بفيروس "إيبولا"    عبد الباسط بن خليفة سعيد بمشاركته في "معاوية"    صلاة التراويح    مولودية الجزائر تعزّز صدارتها    ذهب الظمأ وابتلت العروق    بحث سبل تعزيز ولوج الأسواق الإفريقية    شهر رمضان.. وهذه فضائله ومزاياه (*)    العنف يتغوّل بملاعب الجزائر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



قضية دارفور ضخمت للتغطية على جرائم في مناطق أخرى
نشر في المستقبل يوم 09 - 11 - 2008

يوجه‮ السيد محمد‮ يوسف عبد الله،‮ وزير الثقافة والشباب والرياضة السوداني‮ الذي‮ زار الجزائر أواخر الشهر الماضي‮ انتقادات شديدة للولايات المتحدة الأمريكية وللمحكمة الدولية‮. ويعلق في‮ حواره ل‮ "‬المستقبل‮"‬،‮ أمالا كبيرة على المبادرة العربية الإفريقية لتسوية أزمة دارفور التي‮ يقول إن الجزائر تساهم فيها مساهمة فاعلة مثلما تساهم‮ الزاوية التيجانية في‮ الحوار الدار فوري‮ - الدرافوري‮ . كما‮ يتحدث‮ الوزير ابن إقليم دارفور،‮ وأحد أعضاء وفد الحكومة السودانية المفاوض مع الحركات المسلحة عن آخر التطورات في‮ السودان وفي‮ منطقة دارفور وعن سر اهتمام إسرائيل بسكان دارفور‮ .‬
تقومون بزيارة الجزائر هذه الأيام‮ - أواخر شهر أكتوبر الماضي‮ - بصفتكم وزيرا للثقافة والشباب والرياضة،‮ فهل تحمل هذه الزيارة الجديد في‮ مجال التعاون الثقافي‮ بين الجزائر والسودان ؟
التعاون الثقافي‮ بين البلدين وثيق جدا،‮ وقد ساهمت السودان في‮ تظاهرة‮ "‬الجزائر عاصمة الثقافة العربية‮ "‬بأكبر وفد عربي،‮ بسبعين مشاركا‮. وسنشارك في‮ المهرجان الإفريقي‮ الذي‮ ستحتضنه الجزائر العام المقبل‮.‬
نحن في‮ السودان نعطي‮ اهتماما خاصا للتعاون مع الجزائر‮. وهناك عديد من الاتفاقيات بين البلدين نتمنى أن تتم ترجمتها عمليا في‮ الآجال القريبة لتستجيب لتطلعات الشعبين‮ .‬
تقومون بزيارة الجزائر هذه الأيام‮ - أواخر شهر أكتوبر الماضي‮ - بصفتكم وزيرا للثقافة والشباب والرياضة،‮ فهل تحمل هذه الزيارة الجديد في‮ مجال التعاون الثقافي‮ بين الجزائر والسودان ؟
التعاون الثقافي‮ بين البلدين وثيق جدا،‮ وقد ساهمت السودان في‮ تظاهرة‮ "‬الجزائر عاصمة الثقافة العربية‮ "‬بأكبر وفد عربي،‮ بسبعين مشاركا‮. وسنشارك في‮ المهرجان الإفريقي‮ الذي‮ ستحتضنه الجزائر العام المقبل‮.‬
نحن في‮ السودان نعطي‮ اهتماما خاصا للتعاون مع الجزائر‮. وهناك عديد من الاتفاقيات بين البلدين نتمنى أن تتم ترجمتها عمليا في‮ الآجال القريبة لتستجيب لتطلعات الشعبين‮ .‬
كيف ترون الحركة الثقافية في‮ الجزائر،‮ وكيف تقدمون لنا الحركة الثقافية في‮ السودان ؟
نلاحظ أن الجزائر تقدم دعما ماليا كبيرا للعمل الثقافي،‮ ونحن في‮ السودان نسعى للاستفادة من التجربة الجزائرية‮.‬
فعلى سبيل المثال،‮ نرى أن الممارسة المسرحية في‮ الجزائر‮ غنية جدا حيث أن المسرح منتشر في‮ كل الولايات والمناطق في‮ الجزائر‮. ولديكم أيضا اهتمام‮ واضح بالشعر الذي‮ تنظم له أمسيات ومنديات عبر كل أيام السنة،‮ كما أن هناك اهتماما بالفنون التي‮ تتقدم بطريقة واضحة وتعطي‮ بذلك تواصلا بالمنطقة العربية‮.
ونحن في‮ السودان أخذنا بالتجربة الجزائرية من ناحية الدعم المالي‮ للنشاط الثقافي،‮ وقد بدأنا العمل بهذا بالقدر الذي‮ يحقق الوئام والانسجام بين فئات المجتمع في‮ السودان،‮ باعتبار أن السلام والاستقرار في‮ السودان من الأولويات في‮ المرحلة الحالية‮. كما ننوه بالتجربة الجزائرية التي‮ تعمل على جعل الكتاب في‮ متناول المواطن،‮ وقد عمدنا الى الاستفادة منها‮ .‬
أما بالنسبة للتجربة الثقافية في‮ السودان،‮ فإنها تتميز بالتنوع حيث أنها تأخذ أشكالا مختلفة نظرا لاتساع البلاد وتعدد مكونات المجتمع،‮ وهناك عمل واضح في‮ مجال الفنون التشكيلية والشعر بصفة خاصة حيث تنظم بانتظام مهرجانات للشعر والشعراء‮. كما أن هناك مجهودات بارزة في‮ مجال الحفاظ والتوثيق على التراث‮ الثقافي‮ السوداني‮. إضافة الى توجه واضح نحو الاهتمام بالصناعات الثقافية ونتوقع أن‮ يزدهر هذا القطاع قريبا لتدارك النقص الموجود في‮ المجال السينمائي‮ وفي‮ مجال طباعة الكتب وهما المجالان اللذان‮ يعرفان تأخرا كبيرا في‮ السودان‮. فصناعة الكتاب تكلفتها عالية جدا في‮ السودان حيث تبلغ‮ ثلاث أضعاف عن تكلفتها في‮ الدول الأخرى‮ .‬
هل توجد فرص للتعاون بين الجزائر والسودان في‮ المجال الاقتصادي؟
حقيقة هناك اتفاقيات تعاون بين البلدين في‮ أكثر من مجال،‮ ونتوقع أن‮ تلعب الجزائر دورا أكبر وأهم خلال المرحلة المقبلة لما لها من‮ تجربة وخبرة في‮ معالجة قضايا مثل التي‮ نعاني‮ منها الآن في‮ السودان،‮ وهناك مشاورات‮ بين الرئيسين الجزائري‮ والسوداني‮ بهذا الخصوص،‮ نتمنى أن‮ يكون لها انعكاس‮ جيد على الوضع في‮ دارفور‮.‬
يعرف سكان دارفور بانتمائهم الى الزاوية التيجانية التي‮ يوجد مقرها الرئيسي‮ في‮ الجزائر،‮ كيف تنظرون الى هذه المسألة من حيث المساهمة في‮ حل الأزمة القائمة في‮ هذا الإقليم ؟
يمكن للطرق الصوفية الموجودة في‮ الجزائر مثل التيجانية،‮ القادرية والشاذلية أن تلعب دورا مهما في‮ دارفور‮. وقد كان للشيخ موسى زيارة إلى دارفور خلال الفترات السابقة،‮ وشكل وجوده قاعدة حوار لمجموعة من فرقاء دارفور،‮ ونتمنى أن‮ ينعكس هذا ايجابيا على الحوار القادم‮. فهناك مؤتمر لما‮ يعرف ب‮" الحوار الدارفوري‮ _‬‮ الدارفوري‮ " ويمكن للزاوية التيجانية في‮ الجزائر وفي‮ السودان وفي‮ غرب إفريقيا عموما أن تؤثر في‮ هذا الحوار وتشكل قاعدة لإزالة بعض الغموض والرواسب التي‮ تراكمت في‮ الفترات السابقة‮ .
سيادة الوزير،‮ باعتباركم أحد أعضاء الوفد المفاوض لحكومة الوحدة في‮ قضية دارفور مع الحركات المعارضة،‮ ما هي‮ آخر التطورات في‮ هذه القضية في‮ ظل مبادرة الرئيس السوداني‮ ؟‮
بداية أقول إن قضية دارفور تم تضخيمها بشكل كبير للتغطية على أحداث ساخنة في‮ مناطق أخرى من العالم،‮ وقد لعب الإعلام دورا كبيرا في‮ هذه العملية التي‮ تشرف عليها بعض الدول الكبرى ومن بينها الولايات المتحدة الأمريكية،‮ حيث تتم محاولات التغطية على ما‮ يجري‮ من جرائم ضد الإنسانية في‮ العراق منذ خمس سنوات،‮ وكذلك للتستر على ما‮ يجري‮ في‮ أفغانستان وفي‮ فلسطين من عمليات قتل وتخريب وتشريد للسكان‮.‬
اما بالنسبة لمبادرة الأخ الرئيس عمر البشير أو ما‮ يعرف ب‮ "‬مبادرة‮ أهل السودان‮"‬،‮ جاءت بعد فشل جهود الأمم المتحدة في‮ إيجاد تسوية في‮ منطقة دارفوروعدم توصل الأطراف الدولية الى‮ إيجاد حلول لها‮. وقد أخذت عملية التحضير لهذه المبادرة‮ بعض الوقت حيث أنها ظهرت في‮ شهر مارس الماضي،‮ لكن موعد الإعلان‮ الرسمي‮ عنها‮ تأخر حتى تم عقد ملتقى في‮ مدينة كنانة السودانية ما بين‮ 10‮ و‮ 22‮ ‬من شهر أكتوبر الماضي‮ حيث تم تحديد أهم القضايا التي‮ ستصبح أساسا وأرضية للنقاش بين الحكومة والحركات المسلحة‮.‬
وأهم هذه القضايا هي‮ قضية الأمن والسلاح،‮ وقضية النازحين واللاجئين الذين تأثروا بالحرب‮. كما نالت قضية التأثيرات الخارجية حصتها من اهتمام اللجنة،‮ وخصص لقضية التنمية والاعمارفي‮ المنطقة اهتماما خاصا‮ . كما افرد للإعلام جانبا بارزا من الاهتمام‮.‬
وقد شكلت في‮ هذا الإطار،‮ سبع‮ لجان لمناقشة هذه القضايا،‮ يرأسها أعضاء من الأحزاب السودانية باعتبار أن‮ المبادرة تمثل الأحزاب والغرض منها هو إيجاد إجماع وطني‮ حول معالجة أزمة دارفور،‮ وكذا تحديد‮ المشكلات المطروحة وتوحيد جهود أهل السودان وقواه السياسية من أجل معالجة أزمة دارفور حتى لا تكون هناك مزايدات سياسية‮ .‬
من جهة أخرى،‮ هناك المبادرة العربية التي‮ عرفت ب"المبادرة العربية الإفريقية‮ " والتي‮ قطعت هي‮ أيضا أشواطا كبيرة،‮ وقد أسندت رئاسة اللجنة المشتركة كما هو معروف لدولة قطر،‮ بمساهمة عدد من الدول العربية من بينها،‮ مصر سوريا،‮ السعودية،‮ ليبيا‮ والجزائر التي‮ ستساهم مساهمة فاعلة حسب توقعاتنا،‮ ودول افريقية مثل‮ تشاد،‮ نيجيريا،‮ جنوب إفريقيا وبوركينافاسو‮ .
والمتوقع الآن،‮ أن تنقل توصيات مبادرة أهل السودان الى قطر لتصبح أساسا للتفاوض مع الحركات المتمردة،‮ وطبعا قطر كانت على علم بالمبادرة السودانية وقد شاركت في‮ الملتقى الذي‮ تم في‮ كنانة ورصدت المشاكل المطروحة‮ في‮ دارفور والحلول المقترحة لها‮. وننتظر في‮ الأيام القليلة القادمة أن‮ يتم دعوة الحركات المسلحة وللحكومة السودانية للالتقاء في‮ قطر‮.
ما مدى استجابة المجموعة الدولية للمبادرة السودانية؟
المجموعة الدولية رحبت بالمبادرة،‮ وقد استشعرت أن هناك استعدادا في‮ السودان لمناقشة هذه قضية دارفور‮. وتقديرنا أن المجموعة الدولية كانت تقود مبادرة عن طريق ممثل من النرويج وعضو من الاتحاد الإفريقي،‮ واستمر العمل الذي‮ قام به الممثلان الدوليان لمدة عام ونصف‮ في‮ الفترة الممتدة بين عامي‮ 2006‮ و2007‮ ولكنه فشل في‮ الأخير رغم التسهيلات التي‮ قدمتها لها الحكومة السودانية التي‮ استجابت لطلبات المجموعة الدولية،‮ ومنها طلب وقف إطلاق النار،‮ وطلب هبوط الطائرات التابعة للأمم المتحدة في‮ الميدان فسمحت الحكومة بذلك‮. ولكن هذه المبادرة لم تأت بنتيجة،‮ والآن‮ بعد أن أدركت المجموعة الدولية أن جهودها لم تكلل بالنجاح هي‮ ترحب بمثل هذه المبادرات‮...‬ولكننا نرى إن ترحيب المجموعة الدولية وحده لا‮ يكفي‮ طالما أنها لا تمارس الضغط على‮ الحركات المسلحة التي‮ تمانع في‮ الجلوس على طاولة المفاوضات لكي‮ تدفعها الى ذلك‮ .‬
سيادة الوزير،‮ تطرح في‮ هذا السياق قضية المحكمة الدولية التي‮ رفعت دعوى لمحاكمة بعض المسؤولين السودانيين المتهمين في‮ جرائم بدارفور،‮ من بينهم‮ الرئيس السوداني‮ عمر البشير‮. فما هي‮ آخر تطورات هذه القضية عندكم في‮ السودان؟
هذه القضية،‮ سياسية بالمقام الأول وليست قضية قانونية‮. لأنه عندما أحال مجلس الأمن حالة دارفور حسب ماورد في‮ القرار93‮ 15‮ للمحكمة الجنائية لم تكن هذه الإحالة قانونية،‮ لأن الجانب القانوني‮ يتطلب تحديد الشخص المجرم وتحديد الجريمة لتنظر فيها المحكمة‮. ولكن عندما تنقل حالة دارفور لتنظر فيه المحكمة الجنائية الدولية،‮ فهذا محض افتراء‮.‬
وعندما نعود الى مضمون الكلمة ونضعها في‮ سياقها القانوني‮ لا نجد ما أقدم عليه المدعي‮ للمحكمة الدولية،‮ فقد كنا حاضرين في‮ النقاشات التي‮ تمت في‮ جنيف عندما نوقشت قضية دارفور ولم‮ يرد أبدا إحالة حالة دارفور الى المحكمة،‮ أي‮ وضع إقليم‮ بكامله لتنظر فيه المحكمة الدولية.‬‮ فالجرائم التي‮ تعالج في‮ إطار القانون الجنائي‮ هي‮ جرائم فردية،‮ وليست جرائم جماعية حيث‮ يتم‮ تحديد الفرد بصفة واضحة ودقيقة‮. إضافة الى هذا فان‮ السودان ليس عضوا في‮ المحكمة الجنائية الدولية،‮ وبالتالي‮ لا‮ ينعقد الاختصاص لتحاكم هذه المحكمة أي‮ مواطن في‮ السودان.‬‮ وأقارن هذا بما تقوم به الآن الولايات المتحدة الأمريكية حيث تقوم باستثناء جنودها ومواطنيها من المحاكمات في‮ إطار المحكمة الجنائية الدولية‮. وقد وقعت أمريكا حتى الآن‮ 76‮ اتفاقية مع عدد من الدول الأعضاء في‮ المحكمة الدولية،‮ بأن لا‮ يحال أي‮ مواطن أمريكي‮ الى المحكمة الجنائية الدولية،‮ زيادة على هذا فإن الرئيس بوش وقع في‮ نوفمبر الماضي‮ على قانون‮ يعطي‮ الحق للقوات المسلحة الأمريكية في‮ تحرير الجنود الأمريكيين من سجون المحكمة الدولية إن حدث وتمت محاكمتهم‮. فإذا كان هذا حال أمريكا مع المحكمة الدولية فكيف تطلب من‮ غيرها الامتثال لها؟ وإذا كانت دول عضو في‮ المحكمة توقع مع دولة أخرى اتفاقية على‮ أن لا‮ يحال مواطنوها على المحكمة الدولية،‮ فهذا‮ يعني‮ أن المحكمة الدولية تحكم بأكثر من معيار،‮ وهذا‮ يطرح تساؤلات عديدة حول طبيعة هذه المحكمة ومهامها ودورها،‮ فهي‮ تحاكم البعض ولا تحاكم البعض الآخر‮ ...
أما مسالة تقديم رئيس دولة للمحكمة الدولية بالطريقة التي‮ يسعى إليها‮ المدعي‮ العام لهذه المحكمة فهي‮ قضية مخالفة للأعراف والقوانين والدولية،‮ لأنه لا‮ يمكن خلع حصانة رئيس دولة‮ يمارس السلطة،‮ فالرؤساء‮ يتمتعون بالحصانة وهذا معترف به في‮ اتفاقية فيينا‮. وبالتالي‮ لا‮ يمكن للمدعي‮ العام للمحكمة الدولية أن‮ يفعل ذلك لأن هذا‮ يمثل تهديدا للقانون الدولي‮ وللاستقرار الدولي‮.
ماهو سر اهتمام إسرائيل بدارفور،‮ سواء باستقبال سكان المنطقة أو بدعم الحركات المسلحة؟
تزعم إسرائيل بأن بعض القبائل في‮ دارفور لها علاقة دم مع الأسباط اليهود‮ الضائعة،‮ ولكن الدراسة التي‮ أجريت أثبتت بالحمض النووي‮ وبطريقة علمية‮ غير قابلة للشك‮ غير ذلك،‮ أي‮ انه لا علاقة لسكان دارفور بهؤلاء الأسباط‮ .‬
وفي‮ واقع الأمر،‮ فان إسرائيل ترى أن ما‮ يتوفر عليه السودان من ثروات طبيعية وموارد كبيرة ومن استعداد مواطنيه للنهضة والتطور،‮ إضافة الى‮ الزخم العربي‮ القوي‮ الذي‮ يتسمون به،‮ هي‮ أمور من شانها أن تجعل من السودان دولة‮ قوية خلال مدة وجيزة من الزمن،‮ وتكون بالتالي‮ سندا لدول عربية مثل مصر‮ . وهذا جعل إسرائيل تسعى بكل الوسائل لبث الخلافات بين أهل السودان وسكان دارفور على الأخص‮ .‬
باعتباركم أحد أبناء إقليم دارفور،‮ مارأيكم في‮ مسألة تقسيم الثروة التي‮ كانت أحد المطالب الرئيسية التي‮ رفعتها‮ الحركات المسلحة؟ وكيف تقيمون مشاريع التنمية والإعمار التي‮ برمجتها الحكومة السودانية في‮ المنطقة؟
المعروف أن السودان دولة نامية،‮ لا تتوفر على إمكانيات كبيرة بالقدر الذي‮ يتيح تنمية كبيرة في‮ وقت واحد وفي‮ كل المناطق‮. مع العلم أن السودان‮ يتميز بمساحته الواسعة،‮ وإقليم دارفور‮ يشكل الربع أي‮ حوالي‮ 25‮ بالمائة من المساحة الإجمالية للبلاد‮. كما أن المشاريع التي‮ أنجزت وتنجز حتى الآن هي‮ مشاريع تشكل أولوية وتعالج بعض جذور المشكلة،‮ ومنها قضية المياه التي‮ هي‮ قضية جوهرية وأساسية تسعى الدولة لحلها بتوفيرالمياه على مسارات الرعي‮ باعتبار أن الرعي‮ والزراعة هما من المهن الأساسية التي‮ يعيش عليهما المواطنون في‮ دارفور وهذا ما أدى الى نشوب خلافات كثيرة بين سكان المنطقة بسببهما‮ .
وتعطى الآن أولوية قصوى لقضية إيصال الكهرباء ومد شبكات الطرق،‮ باعتبار أن‮ هذه الوسائل من البنيات الضرورية للنهوض بأي‮ منطقة من البلاد‮ .‬
هناك مشاريع لها صلة بزيادة الوعي‮ ومتعلقة بالتنمية البشرية وهي‮ المشروعات المخصصة للتعليم‮. فمن المبرمج أن‮ يرتفع عدد المدارس بنسبة مائة بالمائة وأن‮ يتضاعف عدد التلاميذ والطلبة الى ضعف عددهم الآن في‮ السنوات القليلة المقبلة في‮ كامل مناطق دارفور،‮ ويشمل التعليم‮ كل المواطنين بمن فيهم الرعاة‮.
وتشكل حاليا قوافل تعليم الرحل أهم المسائل التي‮ نالت اهتماما خاصا في‮ الترتيبات الجديدة في‮ مجال التعليم والتنمية البشرية التي‮ وضعتها الحكومة بغية زيادة الوعي‮ بأهمية الاستقرار في‮ البلاد من جهة والتحسيس بأهمية الحوار من جهة أخرى‮. إضافة إلى هذا هناك توجه الى تشجيع بعض المهن التي‮ يمكن لها أن تكرس الاستقرار وقد أعطيت فرص عديدة من اجل التأسيس لمهن دائمة في‮ قطاع السياحة وفي‮ قطاع الصناعة خاصة في‮ جنوب دارفور حيث توجد بعض المواد الأولية‮ وبعض الصناعات التي‮ يمكن لها أن تتطوروتؤسس لصناعات حقيقية توفر فرص عمل للمواطنين وتصبح موردا حقيقيا للدخل‮. وقد بذلت الدولة مجهودات كبيرة في‮ هذا المجال حيث‮ تقدر الميزانية المخصصة لهذه المشاريع خلال السنوات الثلاث القادمة بما‮ يتجاوز المليار دولار‮ .‬


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.