يقول إدوارد الخراط "إننا نغفل عن استيعاب المنجزات لأننا نعيش في مستوى آخر من مستويات الثقافة، فنحن نركب السيارة أحيانا ونفكر كثيرا بعقلية راكب الناقة" ويضيف "إن تنمية الثقافة الخلاقة مرهونة بازدهار ملكات الفرد والمجموعة، في مناخ يحترم العقلانية، بل يقدّسها ويضعها في المقام الاول، كما يحترم حرية الاختلاف ويمكن أن نمدد هذه الخطوط العريضة من ميدان التربية والتعليم إلى مجالات الإعلام الجماهيري ومحاربة قوى التعصب والظلام والسلفية المتحجرة وإعادة صياغة الترتيب الطبقي الذي يوسع الهوة بين الفقراء والأغنياء إلى درجة غير مسبوقة، واعتماد الاستقلال الوطني الاقتصادي والثقافي الحق مع التكامل مع اقتصاديات وثقافات العالم الثالث، لا بالتبعية الاقتصادية والثقافات الأمريكية، هذه الحلول الجذرية لا مفر من اتخاذها لمواجهة طوفان هيمنة العولمة". هذا الكلام قيل في أكتوبر 2000 وهو ينطبق الآن على الواقع بعد الأزمة المالية التي يتخبط فيها المعسكر الرأسمالي والعولمة التي تهدف إلى فرض النمط الاستهلاكي الواحد على العالم في النقاط التي يناضل من أجلها عمي الطاهر طول حياته في هذا الاتجاه لتحريك الحياة الثقافية والعلمية الجزائرية ووضعها على الطريق الصحيح، معتمدا أسلوبه الخاص لبلوغ هذا الهدف. فماذا يقول عنه الأدباء والكتّاب؟ الدكتور عبد المالك مرتاض: "عفا الله عما سلف" الروائي الكبير الأستاذ الطاهر وطار أحد الوجوه الأدبية الجزائرية البارزة في داخل الوطن وخارجه، وهو واحد ممن يفتخر بهم تاريخ الأدب الجزائري المعاصر. وتجمعني بوطار صداقة قديمة أفضت إلى جمعية جعلتني أنزل عليه ضيفا مرارا، وكانت كل مرة أتحرم بمائدته وفراش بيته، وألقى من الترحاب والإكرام ما هو معروف به عمي الطاهر كما سافرنا معا إلى صنعاء والرياض. ولقد كتبت عنه كتابا كاملا حللت فيه عناصر التراث الشعبي في رواية "اللاز"، كما كتبت عن روايته "الشمعة والدهاليز" مقالة بطلب من مجلة العربي الكويتية لم أحتكم فيها إلا لضميري النقدي، ولم أتحامل على الروائي في شيئ، وإن كان الصديق وطار رأى في بعضها قسوة، لكنه أخذ مني بأكثر من حقه! وعفا الله عما سلف! وهو أهل لكل تقدير وتكريم، وأسأل الله له الشفاء حتى يعود إلى جاحظيته النشيطة التي لا ريب في أنها تحن إليه حنينا شديدا. الكاتب الصحفي محمد عباس: الجاحظية.. "ڤربي" المثقفين..! دعاؤنا أن يتعافى كاتبنا الطاهر وطار ليعود سريعا إلى الجاحظية التي أصبح مقرها المتواضع بالعاصمة "ڤربي" للمثقفين، يأوون إليه بين الفينة والأخرى للتذاكر في شؤونهم وحضور النشاطات الأسبوعية، أو الاطلاع على إصدارات الجمعية وفي مقدمتها "التبيين" القيمة. فالجاحظية بدون "وطار" "ڤربي" حزين، رغم الفراشات النشيطة التي تغمره باستمرار. الدكتور الطاهر الهمامي (تونس): "وطار يعيش أحوال شخصياته الروائية" "الطاهر وطار ظاهرة إنسانية وأدبية جزائرية قليلة النظير، عرفته منذ ما يزيد على عشرين عاما، ولم أر شيئا تغير في الرجل وهذه شيمة نادرة في زمننا هذا. ولم ألتق إنسانا أحن منه إلى تونس الخمسينيات والستينيات حيث درس واشتغل وعاش في أكنافها، وهو دائم الذكر والتذكر لأوساطها الأدبية والفنية والصحفية، بأسماء روادها وفضاءاتها ووقائعها، واكب من موقع العضوية مقاومة بلاده للاستعمار، والبناء الوطني غداة الاستقلال. وعن أعماله الإبداعية يقول: "ترجمت أعماله الروائية إلى عدة لغات عالمية ويكون بذلك قد عرف بها تاريخ المجتمع الجزائري في مختلف الأطوار، وما يزال يكتب وينشر ويقف المواقف، وقد استكمل ثلاثيته "الشمعة والدهاليز" "الولي الطاهر يعود إلى مقامه الزكي" "الولي الطاهر يرفع يديه بالدعاء" التي صور فيها الحقبة العصيبة الأخيرة فطريا وقوميا وطور جمالية القناع التراثي والتاريخي، وأثبت بها عن قصد أو دون قصد، حيوية الأدب الواقعي وما في جعبته من قدرات جمالية هائلة. الطاهر وطار أضحى يلقب ب"الولي الطاهر" وما سمعت أحدا، إلا وهو يخلع عليه هذه الصفة، جادا أو مازحا، فهل وجد القراء الطاهر وطار في "الولي الطاهر يعود إلى مقامه الزكي" أم وجد "الولي الطاهر" في الطاهر وطار؟ مهما يكن من جواب فإن الرجل بدا لي يعيش أحوال شخصياته الروائية. نجيب الصوفي (المغرب): "عمي الطاهر رمز للإبداع" "في كل زيارة لنا إلى الجزائر يتضاعف تقديرنا وإكبارنا لنجلها ورمزها الطاهر وطار ، هو رمز الإبداع الكبير والتواصل والعطاء.. وأنا عائد إلى بلدي، قال لي مدير الأمن بمطار هواري بومدين أين كانت إقامتك في الجزائر؟ قلت في الجاحظية، 8 شارع رضا حوحو، قال مبتسما آه عند الطاهر وطار نعم!.. وأنا جالس في طائرة الخطوط الجوية الجزائرية حاورني في المقعد شاب جزائري مع جزائرية ذاهبين إلى مراكش. تجاذب معي الشاب أطراف الحديث وسألني عن جهة الدعوة: قلت له: الجاحظية قال على الفور.. الطاهر وطار، هل مازال يضع البيريه؟ قلت نعم. مولانا الطاهر وطار طوبى للجزائر بك، وطوبى لك بالجزائر وطوبى لنا جميعا، من المحيط للخليج بشخصك الكريم متجوّلين في رياض إبداعك، قاطفين من ثمارك اليانعات الرائعات ودمت محروسا بعيون الحفظ. نادية بوسكين: الروائي وطار حارس اللغة العربية "الروائي الجزائري الطاهر وطار مبدع ومناضل سياسي، مواقفه كلها مستوحاة من قناعاته التاريخية. وصف بحارس اللغة العربية وهو أهل لهذا الوصف، فقد أفنى حياته في الدفاع عنها والكتابة بها. دافع عن الطبقة العاملة وعالج معاناتها في قصصه ورواياته. رفض رفضا قاطعا أن تكون الفرنسية لغة جزائرية وطنية شعبية، قال قولة مشهورة: "أعتبر نفسي هاوي كتابة وقد ابتليت بهذا البلاء، فلم أسع إليه ولست مرتاحا فيه..". انتقد نقدا لاذعا من كتاب جزائريين وهو يعتبر ذلك طبعيا لأن الإنسان الذي لا قيمة له، لا ينتقد ولا يذكر. أطال الله في عمره وشفاه من المرض الذي يعاني منه وأعاده إلى الجزائر سليما معافى، حتى يعاود التجوال في شوارع الجزائر الحبيبة، كما كان يفعل دون حراسة ولا خوف في العشرية السوداء التي عاشتها الجزائر . "بلمشري مصطفى": اشتراكية وطار كانت لتغيير وجه الجزائر يقول "بلمشري مصطفى" عن رواية الزلزال: لقد جسدت لنا هذه الرواية مرحلة تاريخية في بلادنا حيث أخضع فنه الروائي لخدمة تجربة ثورية، فخلص أدبه من الذاتية واصطبغ بصبغة وطنية اجتماعية، بحيث حملت هذه الرواية طابع المجتمع الاشتراكي وسماته وهي تمتاز ببنائها الفني المحكم من جهة ومن جهة أخرى نلمس العلاقة الموضوعية والعضوية بين الشكل والمضمون، فهو جسّد لنا الأبعاد الفكرية والوطنية التي امتلكها ثم جسده في روايته. وأن الموضوع الاشتراكي لم يكن اختيارا تعسفيا وإنما جاء من أجل تغيير وجه الجزائر وإحداث التحرر الكامل للمجتمع الجزائري وضمان الترقية الكاملة له وتحقيق الازدهار له ولأبنائه، لذلك اعتبر رواية الزلزال أخصب وأثمر أعمال "عمي الطاهر" لأنها معبرة عن الواقع بملامح فنية واضحة بعيدة عن اجترار الفواجع الشخصية.