على الرّغم من كل ما تحقّق من منجزات في قطاع النقل والمواصلات على مستوى ولاية أم البواقي، وما يوفره هذا الأمر من تسهيلات للمواطن في التنقل من بلدية أو ولاية أو قرية إلى أخرى، إلاّ أنّ هناك العديد من المشاكل التي تواجه المسافر أثناء تنقّله في خطوط السفر بين بعض البلديات، وتضيف إلى متاعب سفره متاعب وهموماً أخرى كثيرة ما يثير الألم والحسرة أكثر أن هذه المشاكل مفتعلة، وتتمثل في تخريب الطرق، وعمليات قطع الطرقات التي يقوم بها البعض ضد سائقي المركبات بأنواعها، مبررين ذلك بأنهم في احتجاج· عمي علاوة عنانة، يعمل سائقاً منذ أكثر من 20 سنة، يعاني ويشكو من هذه المشكلة: ''نحن كسائقين دائماً ما نصطدم بطرقات مقطوعة عمدًا من قبل بعض المواطنين والشباب الطائش والمتهور، بحجة أن الحكومة والسلطات المحلية لم توفر لأبناء قريتهم أو بلديتهم وظائف أو سكنات أو محلات تجارية أو كهرباء أو غاز أو ماء·· والبعض يستغل غياب الأمن فيقوم بوضع براميل وعجلات مطاطية على الطريق، ويسلب وينهب السائقين''· ويتساءل عمي علاوة: ''ما ذنب السائق والطفل والمريض؟ ولماذا لا يتقدم هؤلاء الغاضبون والمحتجون، عوض قطع الطرقات، بشكاويهم ومطالبهم إلى الجهات المعنية والمختصة بدلاً من ارتكاب مثل هذه الأعمال غير المبررة التي لا يقرها دين أو قانون أو عرف أو أخلاق؟ ويتحدث عمي علاوة عن امرأة حامل كانت على متن سيارته فاجأها المخاض، وتصادف ذلك مع قطع إحدى طرق الولاية، فولدت داخل سيارته بمساعدة عجوز كانت لحسن الحظ من الراكبين، مضيفا، بتأسف وألم، أن المولود توفي قبل الوصول إلى أقرب مستشفى· كما روى المتحدث قصة شيخ مسن أصيب بذبحة صدرية حادة أفضت إلى وفاته بسبب غلق الطريق من طرف بعض الغاضبين، وهناك طلاب كانوا مقبلين على اجتياز امتحانات البكالوريا فاتهم الوقت بسبب قطع الطريق· وتحدث عمي علاوة عن الكثير من القصص الأليمة والحوادث المؤسفة تسبب فيها ''غاضبون'' بعد غلق الطرقات أو قطعها، من أجل الإحتجاج والتنفيس عن نوبة غضب من مير أو رئيس دائرة أو وال رفض منحهم قطعة أرض أو سكن أو منصب عمل أو قفة رمضان· ويضيف: ''أنا لا أبرئ حكومتنا ولا سلطاتنا المحلية من كل هذا الذي يجري، والمأساة نعيشها نحن السائقون، فخط سيفوس وعين مليلة وقسنطينة من أكثر خطوط السفر التي يوجد فيها خارجون عن النظام والقانون، وكلما كانت هناك مشكلة بينهم وبين المسؤولين المحليين إلا ويسارعون إلى غلق وقطع الطرقات وإشعال النار في العجلات وتخريب الممتلكات، فأين هي الجهات الأمنية المسؤولة عن حفظ الأمن، وحماية السائق والمواطن المسافر من هذه الكوارث التي تحدث؟؟''· وفي بلدية مسكيانة، التقينا عمي الشاذلي بوزينة، وهو يستعد لتحميل الركاب المسافرين من مسكيانة إلى تبسة، يقول:''لا جديد·· مسلسل الطرقات المقطوعة متواصل، بل وأصبحت موضة خلال الآونة الأخيرة، ومسؤولو الأمن على الخط شبه نائمين، صحيح أنّ بعض المواطنين الذين يقطعون الطريق لا يؤذوننا ولا يطلبون من الركاب النزول ولا يبتزونهم، إلا أنّ هذه الظاهرة أضحت عادة غير حميدة منبوذة شرعاً وقانونًا''· ودعا المتحدث كلّ من كانت له مطالب من الحكومة أو السلطات المسؤولة أو من شركة أو مؤسسة التوجه إلى مسؤوليها ''فنحن لا ذنب لنا عندما تعطلوننا عن عملنا''، مضيفا أن ما يزيد الطين بلّة هو أن بعض الشباب الهائج الذي يقطع الطرقات، يضعون حجارة عملاقة ويحرقون العجلات المطاطية بالقرب من حاجز أمني ولا نرى أعوان الأمن يحركون ساكناً''· من جهته، قال علاء الدين بن سلامة، من بلدية سوق نعمان، يعمل على خط سوق نعمان - شلغوم العيد بولاية ميلة:''أنا ألوم الحكومة والسلطات المحلية، وليس هناك مشكلة أكبر من أن لا يستطيع رجال الأمن التحكم في مجموعة من الشباب جاءوا ليعكروا صفو المسافر''· وتساءل: ''بأي ذنب تُقطعُ طريق يسير فيها الصغير والكبير والغني والفقير؟، وإلى متى سيشاهد هذه الأعمال المخزية التي لا تعبّر عن حضارة ووعي وثقافة أبناء ولاية أم البواقي؟''· ويدين علاء الدين قطع الطرقات كعمل احتجاجي، متمنيا أن تنظر السلطات المعنية إلى هذا الموضوع بعين الإعتبار والجدية للمحافظة على أمن وسلامة المواطن، ''وأن تعطي الحرية الكاملة لعناصر الأمن في مختلف الأسلاك للضرب بيد من حديد كل من تسول له نفسه أن يقطع طريق الآمنين ويردع المسافرين ويرهبهم، فالحل الأول والأخير بيد الحكومة ومن يدور في فلكها''، يضيف المتحدث· ويوضح:''أحياناً حين تُقطع الطريق يلجأ البعض إلى السفر عبر طرقات ومسالك وعرة مليئة بالمطبات والتشققات الأرضية والمنحدرات الصغيرة، والبعض قد يتعرض لحادث وقد يموت هو ومن معه على متن السيارة بسبب قطّاع الطرق وغياب جهات الأمن''· ويضيف حوحو محمد الصالح، سائق حافلة للنقل الجماعي بعين البيضاء، ''دائماً تحدث مثل هذه العثرات في الطريق وطبعاً تعيقنا عن مواصلة السفر، قد نضطر أحياناً إلى الوقوف ساعات طويلة آملين أن تحل المشكلة''· السعيد حويجة، من أم البواقي، يقول إنه يعمل سائقاً منذ أكثر من 10 سنوات ، ويتنقل بين جميع دوائر الولاية وبلدياتها ولم يصادف طرقات مقطوعة إلا بعد الوصول إلى خط مسكيانة تبسة، حيث يصادف كثيراً من الطرقات المقطوعة والمغلقة، مشيرا إلى أنه تعوّد على هذا الأمر، وليس بيده أي حيلة غير الاستسلام لأوامر ''قطّاع الطرق''· ويقول عمي بوسعادة الفرحي، سائق سيارة أجرة منذ 30 سنة، ''نتمنى أن تكون هناك سيارات خاصة بالأمن تعمل لحراسة الطريق وتؤمنه وتحفظ أمن المسافرين المتنقلين بين البلديات، فنحن ما نزال نعاني من أعمال قطع الطرق التي تعكر صفو المسافر وأمنه''· ما جاء على لسان بعض السائقين الذين التقت بهم ''الفجر'' بمناطق مختلفة بولاية أم البواقي، يعبّر عن خطورة هذه القضية، ولا يحتاج إلى أي إضافة أو تعليق·· وكل هذا ما هو إلا غيض من فيض· وإن كان لابد من قول شيء حول هذه القضية، فهو أننا نتمنى أن يجد ما طرحه السائقون آذاناً صاغية، وتفاعلاً وتحركاً جدياً من قبل الجهات الأمنية والسلطات المعنية في البلديات والمناطق المذكورة لحل هذه المشكلة، التي باتت تهدد حياة المسافرين وتؤرقهم·