لقي اقتراح الجزائر في ندوة نزع السلاح المنعقدة بجنيف دعم كافة الدول الأعضاء ال 65، توصلوا إلى صيغة توافقية حول برنامج عمل يمهّد الطريق لاتفاقية تتعلّق بحظر الأسلحة النووية، وصفتها الدول المشاركة بأنّها انفراجة تاريخية في مسيرة المؤتمر تمهّد لمرحلة جديدة". وفي هذا السياق، أكد سفير الجزائر الدائم لدى الأممالمتحدةبجنيف إدريس الجزائري، الذي ترأس الندوة، أن المصادقة تمّت أول أمس الجمعة بالإجماع على برنامج العمل الّذي يستند إلى المقترحات الجزائرية الّتي تقدّمَت بها قبل أسبوعين. وقال السيد إدريس الجزائري "إن المشاورات أكّدت على أن تلك الفرصة التاريخية لإعادة إطلاق أعمال المؤتمر ولا يمكن تفويتها وستعمل على تعزيز النهج المتعدد الأطراف لتسوية شؤون العالم، كما أن برنامج العمل المقترح أخذ بعين الاعتبار اهتمامات الجميع". وأكّد سفير الجزائر الدائم لدى الأممالمتحدةبجنيف الّذي ترأس المؤتمر في كلمته على أن برنامج العمل الّذي تمّ التوصل إليه "هو خلاصة المبادرات الّتي تمّ طرحها أمام المؤتمر منذ العام 1999". وتعود النواة الأولى للاقتراح الجزائري في مجال نزع السلاح إلى سنة 1978 عندما كان السيد عبد العزيز بوتفليقة وزيراً للخارجية، وأعيد طرحه عام 2000، وهو ما يزيد على ثبات الجزائر وإصرارها على نزع السلاح وضرورة التوصل إلى نظام دولي ضدّ السباق نحو التسلح. وكان وزير الشؤون الخارجية مراد مدلسي قد توجّه إلى جنيف بسويسرا على رأس وفد هام للمشاركة في استئناف أشغال ندوة نزع السلاح الّتي تترأسها الجزائر، أين قدّم الوزير رسمياً خلال هذه الندوة - الّتي حضرها الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون - اقتراح الجزائر الرامي إلى تزويد ندوة نزع السلاح ببرنامج عمل كفيل بتفعيل أشغالها الجوهرية. وكانت الجزائر أجرَت في المدة الأخيرة مشاورات حثيثة، لاسيما مع الدول الأعضاء النشطة في هذه الندوة، لتوفير الشروط الكفيلة بتجسيد مبادرتها الرامية إلى ترقية توافق دولي حول مسائل نزع السلاح ومنع انتشاره. من جهته رأى رئيس الوفد الصيني وانغ كون أن مؤتمر نزع السلاح "قد كسّر مأزقه" كما اعتبرت بريطانيا على لسان سفيرها أن هذا الإنجاز "هو ثمرة جهد جماعي للعثور على عناصر مشتركة". وأشارت باكستان على لسان رئيس بعثتها زامير أكرم إلى أن "الوثيقة وإن كانت ليست مثالية، إلاّ أن باكستان أرادت بموافقتها الحفاظ على توافق الآراء للخروج بالمؤتمر من مأزقه". بينما أكّد السفير الهندي حميد علي راو "ضرورة الالتزام بالمفاوضات متعددة الأطراف دون تقديم الاهتمامات القومية على الاتفاق الجماعي الدولي على أمل القضاء على الأسلحة النووية في العالم" مشيراً إلى أن "تلك الخطوة تلقي بمسؤولية جسيمة على المؤتمر أمام المجتمع الدولي". في المقابل رأى مندوب سويسرا الدائم لدى المؤتمر السفير يورغ شترويلي أن "هناك أربعة عوامل أساسية هامة لعبت دوراً في تحريك المياه الراكدة الّتي استمرت لمدة 12 عاماً، منها عزم الإدارة الأمريكيةالجديدة على إحداث تغيير في هذا الملف وهذا ما لمسناه في خطاب الرئيس أوباما في براغ". كما أكّد أن "روح التقارب الملموسة بين موسكو وواشنطن في هذا المجال لعبت دورها إلى جانب الموافقة الأميركية على الدخول في مفاوضات متعددة الأطراف، والديناميكية العالية في هذا الملف منذ أسبوعين". ويقول شترويلي "لقد أصبح لدى المجتمع الدولي الآن برنامج عمل يسمح ببدء المفاوضات حول معاهدة جديدة متعددة الأطراف لحظر التسليح النووي قابلة للتوقيع عليها وحظر سباق التسلح النووي في الفضاء والتفاوض حول منع استخدام المواد الانشطارية في الأسلحة". ويعتقد وفقاً لنفس المصدر أن المرحلة المقبلة "ستشهد حراكاً عالياً لتأمين الخبراء والمفاوضين لوضع الصيغات النهائية، على أمل أن تنتهي تلك الاستعدادات في سبتمبر المقبل، لتبدأ المرحلة الحاسمة مطلع العام المقبل. ويُشار إلى أن وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف كان أعلن في مارس الماضي أن بلاده مستعدة لبدء مفاوضات حول معاهدة تحظر إنتاج المواد المشعة، وهو ما أعطى (حسب مراقبين) دفعة إيجابية لوضع صيغة مقترحات وتفعيل وساطة بعض الدول للتقريب بين وجهات النظر. ويشمل مشروع التسوية، بحسب ذات المصدر، على تشكيل مجموعات عمل بناء على طلب روسيا والصين لصياغة معاهدة تحظر القيام بأنشطة عسكرية في الفضاء الخارجي، إضافة لإجراء محادثات حول نزع السلاح النووي بشكل كامل، وهو ما طالبت به دول باتت تملك السلاح النووي أخيراً مثل الهند وباكستان. وكان المؤتمر شهد الثلاثاء الماضي نقلة نوعية في الموقف الأمريكي من قضايا نزع السلاح النووية، بعد أن أبدى ممثل الولايات المتحدة لدى المؤتمر غارولد لارسون استعداد بلاده لاستئناف المحادثات. وحسب لارسون يمكن أن تستأنف المحادثات على قاعدة اقتراح تسوية تقدمت به بداية الشهر الجزائر والنمسا وفيتنام وزيمبابوي والأرجنتين وأستراليا، حيث اعتبر الدبلوماسي الأمريكي أن الاقتراح "أمامه فرص كبيرة لاستقطاب تسوية كاملة رغم الشكوك حول كيفية صياغته".