فكرتنا عن الشعب الصيني تتلخص بالأساس في التواضع, الكرم, احترام المواعيد وإتقان التواصل مع الغير, تلك الصفات كانت بارزة في شخص سفير الصين الشعبية بالجزائر ليو يوهي الذي استقبلنا بحفاوة في مقر سفارته وعند الموعد المحدد دون تقديم أو تأخير للرد على أسئلتنا واستفساراتنا بصدر رحب وأفق واسع. سفير الصين السيد ليو يوهي أكد ل"المستقبل" أن العلاقات الصينية الجزائرية قائمة على الاحترام المتبادل وتعد من أنجح علاقات التعاون الثنائي جنوب _ جنوب رغم إقدام بعض الأطراف على محاولة تشويه صورتها من خلال الاستثمار بشكل سلبي في الأحداث الأخيرة بباب الزوار, مشيرا أن بلده يسعى دائما لتعزيز مجال تعاونه مع الجزائر.. هي نقاط من عدة محاور تطرق إليها السفير الصيني في هذا الحوار الشيق. المستقبل: في البداية نود تهنئتكم بمناسبة احتفال بلدكم بالذكرى الستين لعيدكم الوطني... السفير الصيني: شكرا لكم.. هذا دليل منكم على حرصكم على الإطلاع على تاريخ بلدنا ومدى متانة العلاقات الثنائية الجزائرية الصينية, حيث احتفلنا أمس (الحوار أجري يوم الثلاثاء 29 سبتمبر) بعيدنا الوطني بمقر السفارة بحضور العديد من الشخصيات والمسؤولين السياسيين الجزائريين, وبهذه المناسبة أشكر أصدقائي الجزائريين الذين شاركونا الاحتفال بعيدنا الوطني . * سعادة السفير بما أننا بدأنا حديثنا عن مناسبة تاريخية, أود أن تقدم لنا نبذة عن العلاقات الجزائرية الصينية؟ - عمر العلاقات الصينية الجزائرية يمتد لأكثر من نصف قرن, حيث أقامت جمهورية الصين الشعبية والجزائر العلاقات الدبلوماسية في يوم 20 ديسمبر 1958 بعد أن كانت الصين من الدول السباقة للاعتراف بالحكومة الجزائرية المؤقتة إبان الثورة التحريرية المجيدة, كما وقفنا إلى جانب الجزائر في سبيل حصولها على استقلالها وحريتها وهو أقل ما نقدمه لشعب بذل النفس والنفيس من اجل الحصول على حريته واستقلاله, لاسيما أن بلدينا يتقاسمان نفس الأفكار والمبادئ الثورية, فالثورة الجزائرية كانت مصدر إلهام لمختلف الحركات التحررية في العالم.. نحن على أتم اليقين أن الصينيين والجزائريين أصدقاء نضال يتقاسمون فكرا ثوريا وهي الميزة التي أعطت للعلاقات الثنائية بين البلدين البعد والتوافق القائم على الاحترام المتبادل, ودليل حرصنا على نجاح علاقاتنا مع الجزائر احتفالنا السنة الفارطة بمرور 50 سنة على بداية العلاقات الدبلوماسية بين الجزائر والصين وسط تفاؤل بتعزيز تعاوننا الثنائي . * الصين كانت دائما إلى جانب الجزائر وفي مختلف المراحل التاريخية التي مرت بها منذ بداية العلاقات الدبلوماسية بين البلدين, والدليل كما قلت وقوف الحكومة الصينية إلى جانب الثورة الجزائرية..؟ - بالفعل.. فالعلاقات الصينية الجزائرية متجذرة في التاريخ وتطورت مع الوقت, وأظن أن تصريح الوزير الأول الصيني السابق عندما قال إن العلاقات بين الصين والجزائر هي صداقة مناضلين وصداقة شعبين تعرضا لنفس التجارب والمصاعب يلخص حرص الصين على التواجد دائما إلى جانب شعب رفض الاستعمار وبحث عن معانقة الحرية التي ضحى من أجلها, وهو ما نقدره جيدا ..لهذا لم تتوان الصين في مساعدة الثورة الجزائرية وكانت من الدول الرائدة في مساعدة الجزائر مباشرة بعد الاستقلال. * الكثير من المتتبعين يجزم أن العلاقات الثنائية بين الجزائر والصين عرفت بعدا آخر وحققت نجاحا كبيرا منذ انتخاب عبد العزيز بوتفليقة رئيسا للجزائر.. هل تشاطرني الرأي؟ وماهو الشيء الذي تغير في تلك العلاقات بعد مجيء الرئيس عبد العزيز بوتفليقة؟ - (يبتسم ويهز رأسه مومئا بالإيجاب)..هذا واقع لا يمكن إلا الثناء عليه والإشادة به.. وأود أن أضعكم في الصورة بخصوص المكانة التي يحظى به الرئيس عبد العزيز بوتفليقة لدى الصين وشعبها.. بوتفليقة صديق كبير وعزيز للصين التي لن تنسى أبدا صنيعه عندما كان وزيرا للخارجية في الحكومة الجزائرية وممثلا لها في الأممالمتحدة, حيث ناضل بقوة وساهم بشكل فعال في عودة الصين إلى الأممالمتحدة سنة 1972...بوتفليقة دبلوماسي وسياسي كبير يملك نظرة ثاقبة ساهمت بشكل مباشر في تعزيز التعاون الثنائي بين البلدين, لاسيما بعد الزيارات المتبادلة التي قام بها الرئيسان الصيني والجزائري, ما فتح المجال إلى تعزيز التعاون بين البلدين في مختلف المجالات بعيدا عن الحسابات السياسية والإيديولوجيات, فالجزائر أدركت أن الصين بإمكانها المساهمة في تعزيز الاقتصاد الجزائري وتفعيل المشاريع الكبرى التي أطلقها الرئيس عبد العزيز بوتفليقة منذ مجيئه.. وبهذا الخصوص أود أن أبرز بعض النقاط والمحاور الهامة الواجب الإشادة بها.. * تفضل... - الجزائر خطت خطوات عملاقة في عهد الرئيس بوتفليقة يجب التنويه بها لأنها فعلا إنجاز كبير لا يقدر عليه إلا سياسي وصاحب بصيرة قوية محنك كبوتفليقة, حيث أدرك أن تحقيق الرخاء والنمو الاقتصادي لن يتأتى إلا من خلال استتباب الأمن والاستقرار, وهو ماراهن عليه من خلال سياسة المصالحة الوطنية التي كانت سببا مباشرا في الاستقرار السياسي والاقتصادي الذي تنعم به الجزائر حاليا.. تجربة الجزائر في هذا المجال استثنائية ومثال يقتدى به, كما يجب على الجزائريين أن يفتخروا بما أنجز من مشاريع ضخمة وغير مسبوقة في عهد بوتفليقة وأنا أدرك جيدا ما أقول.. فمشروع ضخم كتوصيل المياه الصالحة للشرب "عين صالح _ تمنراست" في قلب الصحراء الكبرى, المشاريع السكنية المتنوعة ومشروع الطريق السيار شرق- غرب مشاريع ضخمة بأتم معنى الكلمة وغيرت بشكل عام وجه الجزائر.. قد لا يدرك البعض حجم ما ينجز حاليا, لكني واثق أنهم سيدركون ذلك جيدا مع مرور السنوات وعلى الجزائريين أن يفتخروا بما ينجز حاليا في بلدهم الذي تحول إلى ورشة عمل وإنجازات كبرى ستظهر ثمارها مستقبلا وأنا علي يقين تام أن للجزائر مستقبل زاهر وكبير جدا, لا سيما أن نظرة الرئيس بوتفليقة ثاقبة وفي صالح ازدهار بلده وشعبه, كما أنه أعاد الجزائر بقوة إلى الساحة الدولية وهو ما يحسب له, ما جعل هذه الأخيرة تلعب دورا محوريا في الساحة الدولية. * ترتكز العلاقات الجزائرية الصينية كثيرا على الجانبين التجاري والاقتصادي, كما أن الشركات الصينية حازت على عدة مشاريع ضخمة بالجزائر, فماهو تقييمكم بالأرقام في هذا الجانب؟ - بالفعل العلاقات بين بلدينا في هذا المجال عرفت قفزة نوعية منذ سنة 2002 التي بلغ فيها حجم التبادلات التجارية مثلا 280 مليون دولار فقط قبل أن يصل إلى مستوى 4.5 مليار دولار خلال السنة الفارطة, في حين أن كل المؤشرات الحالية توحي بإمكانية تجاوز هذا الرقم مع نهاية السنة الجارية بعد أن وصل حجم التبادل التجاري في السداسي الأول إلى حدود 2.9 مليار دولار أي بارتفاع 14 بالمائة, بالإضافة إلى ذلك وضعت الحكومة الجزائرية ثقتها في الشركات الصينية التي أوكلت إليها بعض المشاريع الكبيرة على غرار قطاع السكن ومشروع الطريق السيار شرق- غرب, كما أن الشركات الصينية دائمة الحضور في الجزائر وما مشاركتها القوية في معرض الجزائر الدولي الأخير (مشاركة 140 شركة صينية) لأكبر دليل على حرصها لتدعيم تعاونها مع نظيرتها الجزائرية. * لكن البعض يحصر التعاون الثنائي بين الصين والجزائر في المجالات الاقتصادية والتجارية يعيب على المؤسسات الصينية عدم نقل الخبرات والتكنولوجيا مثلا؟ - هذا غير صحيح .. الصين والجزائر تشجع كثيرا على تبادل الخبرات ونقل التكنولوجيا من خلال الاتفاقيات العديدة المبرمة في هذا المجال بين حكومة البلدين وحتى الشركات, كما أننا نشجع رجال الأعمال الصينيين والجزائريين على تعزيز هذه الاتفاقيات, وبالمناسبة فإن معرض "كونتون" في طبعته ال106 هذه السنة والذي سينطلق منتصف الشهر الجاري بغوان زو سيكون فرصة سانحة لرجال الأعمال الصينيين والجزائريين للتباحث حول سبل التعاون في مجال تبادل الخبرات ونقل التكنولوجيا, وأدعو رجال الأعمال الجزائريين والشركات الجزائرية لحضور المعرض لتعزيز العلاقات الاقتصادية بين البلدين.. الأكيد أن معرض "كانتون" وسياستنا لا تقوم على بيع المنتجات الصينية فقط, فنحن نحرص على تبادل خبراتنا مع الجزائريين وهو ما قمنا به في العديد من المناسبات من خلال الزيارات المتبادلة بين رجال أعمال البلدين, ولتأكيد هذا الطرح أقول أن 130 إطار جزائري زاروا الصين للاستفادة من برامج تكوينية... كما أود أن أؤكد من خلال منبركم أن وفدا مكونا من 30 رجلا صينيا سيزور الجزائر شهر نوفمبر المقبل لبحث سبل الاستثمار في الجزائر والشراكة مع نظرائهم الجزائريين... * إذن التعاون الثنائي بين الجزائر والصين يشمل عدة ميادين أخرى؟ - بالطبع.. فنحن نحرص دائما على تنويع وتوسيع تعاوننا مع الجزائر, حيث لدينا عدة اتفاقيات ثنائية في مجال الصحة, التربية والثقافة, وبما أن الفرصة سنحت لي للحديث عن هذه النقطة بالتحديد أشير إلى نقطة مهمة وهي أننا مقبلون خلال الأيام القادمة على تجديد تلك الاتفاقيات, على اعتبار أنها قابلة للتجديد كل ثلاث سنوات, وبلغة الأرقام أشير إلى أن الصين أرسلت إلى الجزائر حوالي 2800 طبيب صيني في إطار تبادل الخبرات, كما قدمنا حوالي 230 منحة دراسية, هذا فضلا عن التبادل الثقافي... أظن أن العلاقات الثنائية بين بلدينا أقوى بأن تحصر في التعامل التجاري والاقتصادي البحث, فالصين والجزائر كانتا جنبا إلى جنب في مختلف المراحل الصعبة التي مرا بها, وأذكر بالمناسبة وقوفنا إلى جانب الجزائر خلال زلزال بومرداس سنة 2001 أين قمنا إلى جانب المساعدات التي قدمناها بإرسال فريق إنقاذ طبي والتي كانت المرة الأولى التي تقوم فيها الصين بخطوة مماثلة, كما أن الجزائر كانت من الدول السباقة لمساندة الصين في الزلزال الذي ضرب بلدنا السنة الماضية وقدمت مساعدات إنسانية بمليون دولار, وهي خطوات متنت علاقاتنا الثنائية القائمة كما قلت سابقا على الاحترام المتبادل والثقة. * وهل هناك مشاريع مستقبلية لتعزيز تبادل الخبرات ونقل التكنولوجيا بين البلدين؟ - في الحقيقة من أبرز المشاريع التي ننوي تجسيدها على الميدان هو إنشاء معهد لتعليم اللغة الصينية بالجزائر, فنحن نسعى للتعريف ببلدنا وتدعيم البرامج التكوينية التي تطلقها الشركات الصينية العاملة بالجزائر لمختلف إطاراتها الجزائريين الذين استفاد العديد منهم من برامج مماثلة في الصين.. وهذا تأكيد على رغبتنا في توسيع مجال التعاون بين الصين والجزائر, لاسيما أن مجال التكوين محور هام في سبيل تعزيز وتبادل الخبرات وهناك مثل صيني يقول " قد تكفيك 10 سنوات لتكوين غابة... لكن تحتاج ل100 عام لتكوين إنسان".
* سعادة السفير مادمنا خضنا في الحديث عن الشركات الصينية, هل يمكن أن تعطينا أرقاما بخصوص عددها في الجزائر, بالإضافة على عدد الجالية الصينية؟ - حسب الأرقام التي حضرتها السلطات الجزائرية المختصة فإن عدد المؤسسات الصينية المتواجدة بالجزائر (بين المؤسسات الصغيرة والكبيرة ) هو حوالي 580 مؤسسة , وللتوضيح أكثر أقول أن عدد الشركات الصينية الكبرى الفاعلة في الجزائر يبلغ حوالي 40 مؤسسة, في حين أن عدد الجالية الصينية يبلغ 30 ألف صيني. * في نفس الموضوع دائما هل يمكن لكم تقييم عمل الشركات الصينية في مختلف المشاريع الكبرى بالجزائر, على غرار مشروع الطريق السيار شرق- غرب الذي تكفل بجزء منه المجمع الصيني "citic- crcc" ؟ - نحن نسعى دائما لتشريف التزاماتنا وتعهداتنا مع الجزائر, وأنا شخصيا أحرص بنفسي على متابعة العمل التي تقوم به الشركات الصينية, فمثلا قمت بعدة زيارات لشطر الطريق السيار شرق _ غرب الذي تتكفل بإنجازه شركة صينية ونحن راضون عن العمل المنجز لحد الساعة...كما أن شركتنا حققت إنجازات كبيرة من خلال إنهائها للأشغال في زمن قياسي وقبل الموعد المحدد في بعض محاور المشروع, رغم أن هناك احتمالا بعدم إكمال المشروع في جانفي 2010 لأسباب بعيدة عن التقصير أو ما شابه, فلا يجب أن ننسى أن الطريق السيار ورشة عمل خارجية ضخمة تخضع للعوامل المناخية, فمثلا عند تساقط الأمطار تتوقف الأشغال وتتأخر, كما أن بعض الأعمال على سبيل المثال يلزمها وقت انتظار أطول بعد استقرار الأحوال الجوية كعملية التزفيت مثلا التي تلزمها عوامل جوية خاصة للحصول على نوعية تزفيت عالية جدا.. لكن هذه المعطيات التي أتحدث عنها لا تقف حاجزا في وجه التزاماتنا, فأنا واثق من إمكانية تحقيق معجزة"صينية _ جزائرية" في هذا المجال, وبمساهمة جميع الأطراف.. من جانبي تحدثت شخصيا مع العمال الصينيين وطلبت منهم مضاعفة العمل ومجهوداتهم من خلال تطبيق المثل الصيني القائل "مسيرة 90 كلم هي نصف مسافة طريق طوله 100 كلم", وهذا تحد نرفعه بفخر واعتزاز.
* سعادة السفير أبرزت مجالات عدة للتعاون الثنائي بين الجزائر والصين, لكنك لم تشر لأي تعاون في المجال الرياضي رغم أن الصين تعد دولة رائدة رياضيا ولقد أكدتم ذلك خلال الألعاب الأولمبية الأخيرة التي توجت بها الصين؟ السفير الصيني: نحن نسعى دائما لتوسيع مجال تعاوننا ليشمل جميع الميادين, أظن أن تعاوننا في المجال الرياضي يقتصر على تبادل الخبرات في بعض الرياضات القتالية وبالأخص رياضة الكونكفو, لكننا نطمح لتعزيز ذلك مستقبلا, خاصة أن الجزائر دولة لا يستهان بها رياضيا, والدليل ما يحققه منتخبكم الوطني لكرة القدم الذي يقترب بشكل كبير من التأهل إلى كأس العالم 2010 وفي هذه النقطة بالتحديد أنتم أحسن منا لأن منتخبنا لم يصل إلى هذه المحطة (يضحك..)...شخصيا سأكون سعيدا جدا بتأهل الجزائر إلى المونديال...
* سعادة السفير نفهم من كلامك أن تناصر المنتخب الجزائري إذن؟ - (يبتسم) بالتأكيد, فكما تقولون كلنا مع "الخضر" (قالها les verts (.. وأتمنى من كل أعماق قلبي أن تتأهل الجزائر, خاصة أننا أصبحنا شركاء في أفراحكم, شخصيا تعجبني كثيرا الأجواء التي يصنعها الأنصار بعد كل فوز للمنتخب الجزائري, فمنظر طوابير السيارات والأعلام ومختلف الشرائح السنية التي تخرج للاحتفال, بالإضافة إلى الألعاب النارية شيء رائع جدا ومميز ولم يسبق لي أن شاهدته.. هذه المعطيات كلها جعلتني مناصرا ل"الخضر" الذين أتمنى أن يتمكنوا من تحقيق حلم الشعب الجزائري.. * هذا الحلم قد يتحقق يوم ال11 أكتوبر الجاري عندما تقابل الجزائر رواندا..؟ - الموعد قريب جدا..أتمنى أن تضمن الجزائر تأهلها في ذلك التاريخ إذن. * أود سعادة السفير أن نعرج إلى الحديث عن الأزمة المالية العالمية, هل تأثرت الصين بها وهل سيؤثر ذلك على حجم استثماراتكم بالجزائر؟ - في الحقيقة الأزمة المالية الحالية غير مسبوقة بالنظر للتأثيرات الكبيرة التي مست اقتصاديات عدة دول, ومن وجهة نظري لا يوجد أي بلد بإمكانه أن يبقى في منأى عن تأثيراتها, من جانبها اتخذت الصين عدة إجراءات من أجل تقليص تأثير الأزمة المالية من خلال تشجيع الاستهلاك الداخلي على خلفية أن الصادرات تراجعت بنسبة 22 بالمائة مقارنة بالسنة الفارطة.. لكن رغم هذا فإن النتائج التي حققها الاقتصاد الصيني منذ بداية السنة الحالية رائدة وقياسية, حيث حقق نسبة نمو تقدر ب7.1 بالمائة خلال السداسي الأول لهذه السنة, وهو الأول عالميا فما عدا الاقتصاد الهندي الذي حقق أرقاما مشجعة بدوره.. تبقى الأرقام التي حققتها دول أخرى بعيدة جدا عما سجله الاقتصاد الصيني.
* وماهي الحلول التي ترونها مناسبة للحد من تأثير هذه الأزمة المالية؟ - الحلول تستدعي تعاونا بين كل البلدان لتحديد سياسة واضحة واتخاذ إجراءات مناسبة لضمان نمو اقتصادي مستقر, لكن هذا لا يكفي فيجب القيام بتغييرات وإصلاحات شاملة في المؤسسات المالية العالمية لتحقيق التوازن العادل بين الدول الغنية والدول النامية, وكما يعلم الجميع فإن الدول الغنية هي المتسببة في الأزمة الحالية... المشكلة بدأت في الولاياتالمتحدةالأمريكية, لكن الدول النامية تأثرت كثيرا بها بسبب نظام اقتصادها الضعيف وهي تدفع ثمن أخطاء غيرها, لذا يجب على البنك الدولي وصندوق النقد الدولي أن يساعد الدول النامية للخروج من هذه الأزمة بأقل الأضرار. * بعض الدول الغربية انتقدت القوانين الجديدة التي سنتها الحكومة الجزائرية في مجال الاستثمار, بالإضافة إلى نقاط أخرى بارزة في قانون المالية التكميلي, فماهو موقف الصين في هذه النقطة بالتحديد؟ - أظن أن من حق الدولة الجزائرية وشعبها تحديد سياستها الاقتصادية وهذا أمر طبيعي ندعمه ونحترمه من منطلق الاحترام المتبادل الذي يحكم علاقة بلدينا, خاصة في ظل الأزمة المالية الحالية..فالعديد من الدول اتخذت الاجراءات المناسبة التي تراها الأمثل لحماية اقتصادها والجزائر لم تخرج عن هذه القاعدة. * هل يمكن لنا أن نعرف عدد التأشيرات التي منحتها سفارتكم للجزائريين السنة الفارطة؟ - لقد منحنا حوالي 15 ألف تأشيرة, ولقد ارتفع العدد لا سيما بعد فتح خطين جويين مباشرين بين الجزائر وبكين. * ما موقف الصين من الصراع العربي الإسرائيلي؟ - بالطبع الصين تدعم حلا عادلا ودائما لهذه القضية وبمشاركة جميع الأطراف لتحقيق السلم الدائم في المنطقة وبدون استبعاد طرف على حساب الآخر, لأن القضية تستوجب حلا يشمل فلسطين, سوريا ولبنان.. الصين تتابع باهتمام هذه القضية وما المشاورات والجولة التي قام بها مبعوث الصين في الشرق الأوسط شهر أوت الفارط لأكبر دليل على ذلك. * الصيف الفارط حدثت بعض الاشتباكات بين صينيين وجزائريين في باب الزوار, ماهو موقف الصين مما حدث؟ - هذه فرصة مناسبة لتوضيح بعض الأمور.. في الحقيقة تلك الأحداث مجرد مشكل صغير بين بعض الشباب لا يمكنه أن يمس العلاقات التاريخية بين الصين والجزائر بسوء.. الخلافات موجودة حتى بين أفراد العائلة الواحدة ويمكن تجاوزها إن توفرت الحكمة والإرادة, وهو ماقامت به الحكومة الجزائرية وقمنا به بدورنا في قضية أحداث باب الزوار التي أخذت أكثر من حجمها.. للأسف بعض وسائل الإعلام أرادت الاستثمار في هذه القضية لضرب العلاقات الجزائرية الصينية التي أعتبرها مثالا يحتذى به في العلاقات جنوب _ جنوب, هناك بعض الأطراف التي لا تحب الخير للجزائر والصين وتسعى لإفساد العلاقات بين البلدين, لهذا وجب الحذر من هذه المناورات والتصرف بحكمة وذكاء لتفادي فخ الإعلام الذي حاول تسويق ماحدث بطريقة سلبية. شخصيا تحدثت في مرات عديدة مع الرعايا الصينيين في الجزائر وأول شيء نطلبه منهم هو تعلم اللغتين العربية أو الفرنسية من أجل تحقيق تواصل جيد مع الجزائريين, كما نركز كثيرا على ضرورة احترام التقاليد والدين الإسلامي وهي النصائح التي يأخذها رعايانا دائما بعين الاعتبار وتعايشهم مع الشعب الجزائري المضياف جيد.
* كلمة أخيرة للجالية الصينية بالجزائر والشعب الجزائري؟ - أجدد طلبي لجاليتنا بالجزائر احترام تقاليد الشعب الجزائري والعمل على تقديم صورة جيدة عن الصين خاصة أن الشعب الجزائري شعب مضياف وكريم والدليل الصداقات العديدة بين الصينيين والجزائريين, التي تعد صورة واضحة للتعايش المثالي بين أفراد الشعبين, ونحن بدورنا سنسعى لتوطيد العلاقات بين بلدينا لمستوى التطلعات التي ينتظرها كل بلد من الآخر. أجرى الحوار : رابح بوكريش / توفيق عمارة