أعرب سكان مزرعة رقم 05 (مزرع زواغي رابح) والمعروفة بحوش بوسمارة الواقع على بعد 06 كيلومتر شمال بلدية موزاية بولاية البليدة عن استيائهم وامتعاضهم الشديدين جراء الوضعية المزرية التي يتخبطون فيها منذ الاستقلال دون أن يطرأ عليهم أي تغيير نحو الأحسن، لتبقى المزرعة مجرد وعاء انتخابي يخيم عليه سراب الوعود المستهلكة على مر المجالس المتعاقبة. وحسب محدثينا من السكان الذين عاينت الجريدة منطقتهم فإن معضلة المياه هاجسا يؤرق السكان منذ سنين خلت رغم أن المنطقة تزخر بثروة مائية هائلة ويتواجد بها 24 بئرا، وفي سياق ذي صلة يتساءل السكان عن الأسباب المجهولة لتوقف الأشغال بمشروع البئر الارتوازي وعدم إتمام أعمال الإنجاز ومد شبكة المياه إلى المنازل بعد أن دشنه والي ولاية البليدة آنذاك عقب انتهاء عملية الحفر ووعد السكان أنهم سيشربون الماء بعد ثلاثة أشهر، وتضطر العائلات إلى جلب الماء من مصنع موزاية للمياه المعدنية الذي يبعد عنهم بحوالي 04 كيلومتر مستخدمين شتى الوسائل بما فيها الحمير التي توحي بملامح التخلف، فيما اقتصرت ظاهرة كراء الصهاريج المقدر ثمنها ب500 دج على بعض العائلات المرتاحة ماديا مع العلم أن معظم السكان يعيشون ظروفا معيشية جد صعبة. سكان حوش بوسمارة لم يحرموا فقط من حقهم في شرب الماء وإنما حرموا أدنى شروط الحياة الكريمة التي تليق بالإنسان أمام انعدام قنوات الصرف الصحي حيث تم تحويل مياه الصرف الصحي إلى مجرى محاذي للطريق المؤدي للحوش الظاهر للعيان، حيث أصبح بشكل كارثة بيئية جراء الروائح الكريهة المنبعثة منه مما جعله مصدرا لتجمع الحشرات والحيوانات الوبائية المؤذية، ويزداد وضع المجرى سوءا عند تساقط الأمطار إذ يرتفع منسوب المياه القذرة به وتتسرب إلى الطريق الذي يرتاده السكان يوميا محدثا وضعا قذرا لا يطاق، زيادة على النفايات التي تغزو المكان لأن الحاوية الوحيدة لا تفي حاجة 300 عائلة لتتحول المزرعة إلى مفرغة تصنع ديكورها الأكياس البلاستيكية والكلاب الضالّة في غياب مصالح النظافة. أما الحديث عن الغاز الطبيعي فإنه من الممنوع على السكان الحديث عنها فغاز البوتان بالكاد يصل، فهم يواجهون ظروفا قاسية لجلبه خاصة مع فصل الشتاء، إذ يعانون ندرة في هذه المادة إذ يصل سعر القارورة إلى 260 دج، الأمر الذي أجبر عديد العائلات معدومة الدخل العودة قرونا إلى الوراء باعتمادهم على الحطب في التدفئة والطبخ. ظروف معيشية صعبة... ظروف السكن هي الأخرى ليست أحسنُ حالا من سابقتها لأن السكنات الهشة التي يقطنونها غير صحية تماما، فالأرضيات غير مبلّطة والأسقف من مادة ''الترنيت'' المحضور استعمالها في البناء والجدران إسمنتية، مما يجعلهم عرضة للإصابة بالأمراض الجلدية والتنفسية نتيجة ارتفاع نسبة الرطوبة، وقد صرح السكان في معرض حديثهم أنهم مستاءون من أيّة إعانة لترميم منازلهم، أما شباب المنطقة فالعزلة والبطالة ينخرانهم، إذ لم يستفيدوا من أي فرصة عمل ولو في إطارالشبكة الاجتماعية، أطفال مزرعة رقم 05 الذين التقيناهم، وانعدام الماء كدّروجوههم طالبوا ''المير'' بدورهم بتوفير ملعب صغير لممارسة كرة القدم لأنهم سئموا الطريق بمحاذاة مجرى الصرف الصحي الموجود في العراء، وللإشارة فإن المزرعة تتواجد بها غابة تقدر مساحتها ثلاثة هكتارات يمكن أن تتحول إلى فضاء للترفيه وقضاء أوقات الفراغ إذا تم تهيئتها. لا أماكن للترفيه ولا محلات تجارية... وما شد انتباهنا خلال زيارتنا إلى هاته المنطقة المنسية من أجندة السلطات المحلية انعدام المحلات التجارية وحتى المقاهي، إذ يضطر السكان إلى التنقل إلى مدينة موزاية لقضاء حاجاتهم متكبدين عناء النقل أمام نقص الحافلات التي لا تصل إلى المزرعة إلا بعد ساعة أو أكثر. ومما زاد احتقان المواطنين بالحوش وعيهم أن التنمية المحلية أولى الأولويات التي تكرس لها الدولة ميزانيات ضخمة ولم يعد في نظر هؤلاء من مبرر لبقاء النقائص كغياب ماء الشرب لسكان لا يتجاوز مطلبهم حفر بئر وإنجاز حنفيات أو تعميم حصولهم على إعانات البناء الريفي دون عراقيل وبيروقراطية، إلى تمكين أطفالهم الذين يقطعون الكيلومترات للتمدرس من حافلات للنقل المدرسي ودحر بطالة الشباب المتمسكين بشظف العيش.