في خرجة ليست بالبعيدة عن المجتمع الجزائري، لوحظ تزايد تهافت الجنس اللطيف على أثواب السباحة المخصصة للمحجبات أوانسا كانوا أم سيدات في هذا الفصل الحار والمميز عندهن، حيث ينتظرن قدومه بفارغ الصبر لما يجلبه معه من متنفس وفضاء يسمح بتغيير رتابة العمل اليومي وإعطاء أكسجين إضافي لقضاء العطل في جو عائلي واحد. فصاحب محل بيع مختلف أنواع أثواب السباحة وكافة إكسسواراتها بشارع حسيبة بن بوعلي كان السباق لتجسيد هذه الفكرة داخل محله، لإرضاء زبوناته المحجبات اللواتي طالما يترددن على المحل بحثا عن شيء يناسبهن لا يجدن إلا ما هو قطعة أو قطعتين تغطي نصف أساسيات الجسم وتبرز النصف الآخر، كل حسب ذوقها، ليخرجن بذلك متحسرات ببسمة تنجر عنها خيبة أمل كبيرة، وتترجم شوق السباحة بثوب محتشم، مناسب ومتوافق مع تقاليد المجتمع المسلم، الأمر الذي دفعه إلى ضرورة اقتناء ما يلائم زبوناته لإرضائهن، فمن ثوب إلى ثلاثة إلى عشرات ثم إلى ورشة خياطة تختص بصنع أثواب السباحة تحت طلب الزبائن لإرضاء جميع الأذواق والأعمار. الأثمان تبقى مرتفعة فثوب سباحة المحجبات أو كما يسمونه ''مايوه حجاب'' سوري أو صيني الصنع متكون من أربع قطع مصنوعة من قماش المايوه العادي، عبارة عن سروال قميص يغطي النصف الأكبر من الرقبة بلون موحد وفستان فضفاض من الركبة مع وشاح للرأس بلون آخر. وللإشارة فإن هذا النوع من أثواب السباحة دخل الجزائر هذا العام فقط بعدما كان شائعا اقتناؤه في الدول المجاورة كتونس والمغرب وحتى المشرق العربي، أما الآن فأصبح أشهر من نار على علم، نظرا لما حصده من استحسان وسط العائلات الجزائرية خاصة المحافظة منها، فبغض النظر عن سعره الذي تجده الأغلبية مرتفعا إلا أن ثمن 0083 دج يناسب قطعه الأربع نظرا لما يوفره من راحة في السباحة، أناقة واحتشام خاصة حيث أجمع الأغلبية أن هذا السعر مناسب، وأنه لا يوجد ثمن للاحتشام رغم أن العديد من العائلات الجزائرية لها أساسيات تغنيها عن اقتنائه. وبين مؤيد للسعر ومندد بغلائه، اختلف الباعة مع المشترين في هذه النقطة، فمن جهة يرى الباعة أن السعر جد ملائم نظرا لما يتضمنه من أربع قطع أساسية تكمل بعضها ولا يمكن الاستغناء عن إحداها بثمن معقول مقابل المايوه العادي ذي القطعة أو القطعتين الذي يتراوح ثمنه ما بين 0051 و0082 وكأقصى حد 0003 وهو ذو نوعية رفيعة، لكن تبدو فيه المرأة كاسية عارية، أما من جهة أخرى يرى المشترون أن بهذا الثمن تقتني العائلة ثوبا واحدا كأقصى حد، وقد تضطر الفتيات من العائلة نفسها للذهاب إلى البحر بالأدوار، راجيات من أصحاب المحلات التخفيض في السعر حتى يتماشى والدخل الجزائري، خاصة وأن الشهر الكريم على الأبواب. نساء يفضلن السمر وأخريات يعشقن البحر نظرا لما لقاه من استحسان في الأوساط الجزائرية، تزايد إقبال النسوة عليه، حيث أقرت سيدة في نهاية الأربعينات صادفتها ''المستقبل'' عند تجولها في شاطئ زرالدة، أن ثوب السباحة شيء مبتكر يتناسب مع عاداتنا وتقاليدنا بالرغم من أنها لا تحبذ السباحة بل تفضل الجلوس للتسامر وتجاذب أطراف الحديث مع العائلة ومراقبة الأطفال بعيدا عن روتين البيت الممل، أما أغلب الأوانس المحجبات فهناك من تعذر عليهن السباحة بملابس يومية تجنبا لنظرات البعض الاستهزائية، إضافة إلى بروز تفاصيل الجسم بالملابس العادية، فقد أحببن الفكرة كثيرا وأعربن عن راحة تامة نفسية وجسدية عند ارتدائه، وهي النقطة التي غالبا ما تركز عليها معظم الأوانس، أما القليل منهن فقط لم يتحمسن للفكرة فقد أعربت سيدة غير محجبة كانت مارة أمام المحل أنه مجرد ابتكار جزائري مبتذل وتجاري محظ، خاتمة رأيها بجملة لم ترق مستمعيها بقولها ''حتى الحجاب عندو مايوه'' أما أخرى فترى أن جمال البحر وغرض الجميع منه هو اكتساب سمرة أو ''البرونزاج'' كما سمته، وهو ما لا يحقّقه ثوب السباحة الجديد، نظرا لتغطيته كافة أنحاء الجسم. وبين مؤيد ورافض، وبين رافض بغلاء سعره ومتردد حول حشمته ، يبقى ''حجاب مايوه'' فكرة نحو إضفاء ''الحشمة'' على شريحة واسعة تعشق البحر والسباحة وترى عدم جواز حرمانها من نعمة التمتع إدا كانت تحترم التقاليد والاعراف.