من غرائب آثار العولمة أن يحرم الملايير من البشر مشاهدة أهم حدث كروي عالمي تشارك فيه 32 دولة تمثل فرقها أحسن الفرق في العالم ، حيث باعت الهيئة العالمية الكروية حقوق البث لبعض الشبكات الإعلامية العالمية ومنها قناة الجزيرة العربية في إطار النقل الحصري، وهذه الشبكات لها الحق في بيع بعض المقابلات الى الدول الراغبة في نقل بعض المقابلات ومنها الجزائر التي تمكن تلفزيونها من شراء 22 مقابلة بمبلغ يقال أنه يصل إلى 12 مليون دولار وهو مبلغ كبير جدا، خصوصا إذا علمنا أن القناة عرضت نفس المبلغ لبعض تلفزيونات الدول العربية منها الأردن على سبيل المثال لنقل 22 مقابلة تختارها الجزيرة مقابل مبلغ يصل ال12 مليون دولار. رغم الانتقادات التي وجهتها العديد من الشخصيات السياسية والرياضية لهذه الهيمنة وهذه البزنسة التي تقوم بها أعلى هيئة كروية في العالم بحرمانها الملايير من البشر مشاهدة مباريات كرة القدم كما تعودت عليه في السنوات السابقة حيث شاهدنا نحن كجزائريين العديد من المقابلات ومنها مقابلات الفريق الجزائري في نهائيات كأسي العالم لسنوات 1982 و 1986 دون دفع مقابل ضخم كما يتداول حاليا، وقد يقول البعض أن البزنسة دخلت عالم كرة القدم من بابها الواسع وأن كأس العالم ليست الوحيدة المعنية بهذا بل حتى مقابلات رابطة كأس أوروبا أو كأس إفريقيا أو كأس آسيا وحتى كأس أمريكا اللاتينية تباع وتشترى وأن هذه الفرق تستفيد من عائدات نقل المباريات و من عائدات الإشهار ومن عمليات التمويل ، وأن الفرق ال32 المتأهلة لكأس العالم 2010 تحصلت على مبالغ قدرت ب 9 مليون دولار لكل فريق من الفرق ال,32 لكن المؤسف في حق كرة القدم الرياضة الأكثر شعبية في العالم هو حرمان الشغوفين بكرة القدم ممن لا يمتلكون إمكانية شراء تذكرة الدخول لملعب كرة القدم من مشاهدة فرقهم تلعب فوق الأخضر المستطيل تمتعهم بفنيات تليق بحق الفرد في تشجيع الفريق الذي يحبه . من الممكن القول أن هناك بعض الرياضات التي يتابعها الأغنياء مثل التنس أو الغولف أو الكريكيت وغيرها من رياضات الأغنياء حيث الأسعار خيالية لدخول الملعب المخصص لها، لماذا لم تلجأ هذه القنوات وهيئاتها الرياضية إلى دخول عالم البزنسة وحرمان الأغنياء من مشاهدة ما يحبونها أو إجبارهم على دفع مبالغ خيالية، الأكيد أن الأمر واضح لأن كرة القدم هي الرياضة الأكثر شعبية وبما أن نسبة الفقراء في العالم هي الأعلى فإن المشجعين من الفقراء أو من محدودي الدخل أو من متوسطي الدخل وكل هذه الفئات الاجتماعية تكافح من أجل لقمة العيش وتنتظر نهاية الأسبوع للاستمتاع بمشاهدة مباريات فرقهم من أجل التنفيس والاستراحة، فإذا حرمنا هذه الفئات من كرة القدم ماذا يبقى لهم من مجال للتنفيس. إن الواقع المر الذي يعاني منه العديد من الأفراد هذه الأيام من صعوبة مشاهدة مقابلات كأس العالم في العديد من الدول التي تشارك في المونديال وتلك التي أقصيت في التصفيات يؤكد أن الهيئة الكروية العالمية بصدد تحويل اللعبة الأكثر شعبية الى لعبة النخبة والأثرياء ، وفي الجزائر رغم أن التلفزيون الجزائري اشترى 22 مقابلة الا أن هناك مقابلات محروم منها والأكثر من ذلك أن أغلب الجزائريين يعانون من رداءة الصورة التلفزيونية في القناة الأرضية بعدما تعوّدوا على الصورة الرقمية وعلى التعليق الراقي في القنوات الأجنبية، وأصبح الكثير من محدودي الدخل يلجأون إلى الحيل التي يصنعها الهاكرز من أجل قرصنة برامج القنوات المشفرة مثل بطاقة أمنية لبيعها بمبالغ خيالية ولكنها ليست بنفس مبالغ القنوات الشرعية مثل كنال بلوس أو الجزيرة، هذه الأخيرة حرمت حتى الجزائريين الذين اشتروا بطاقات منذ عدة أشهر على أمل أن يشاهدوا كأس العالم وقبل انطلاق العرس الكروي فاجأتهم بضرورة تعبئة البطاقة مقابل مبلغ يصل إلى 10 آلاف دينار أو شراء بطاقة جديدة تضم باقة كأس العالم مقابل 17 ألف دينار، وهو مبلغ يساوي أجرة العديد من الموظفين الشهرية. من المفروض أن يكون هناك صوتا جديدا يدعو للحد من آثار البزنسة الرهيبة في عالم كرة القدم لأن الهيئة الكروية العالمية هي ملك لجميع الأمم وليست ملكا خاصا يتصرف بها بلاتير وزمرته كما يشاءون، وعلى الجميع أن يطالب بحق مشاهدة العرس الكروي خصوصا إذا كان فريقه عنصرا أساسيا في هذا العرس.