فللنصوص القرآنية والنبوية كثيرا ما تمدح الشباب الواعي برسالته في الحياة، ولم تدفعه نزوات نفسية شبابية إلى الميل عن الحق أو السير في طريق الحرام، ولهذا استحق هذا النوع من الشباب مدح رب العزة حين قال:}إِنَّهُمْ فِتْيَةٌ آمَنُوا بِرَبِّهِمْ وَزِدْنَاهُمْ هُدًى وَرَبَطْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ...{ ونالوا بجدارة المنزلة الرفيعة في سلم الارتقاء في الدرجة عند الله تعالى، فعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:" سبعة يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله؛ إمام عادل، وشاب نشأ في عبادة الله، ورجل قلبه معلق بالمساجد، ورجلان تحابا في الله اجتمعا عليه وتفرقا عليه، ورجل دعته امرأة ذات منصب وجمال فقال إني أخاف الله، ورجل تصدق بصدقة فأخفاها حتى لا تعلم شماله ما تنفق يمينه، ورجل ذكر الله خالياً ففاضت عيناه " متفق عليه. والحق أن هذا النوع من الشباب هيأه الواقع الصحي لا الواقع المريض ليكون واعيا بحقيقة وجوده في هذه الحياة الفانية، وعلم أن فترة الشباب وإن كانت مرحلة الفتوة والقوة، فإن مرحلة الضعف والشيخوخة قادمة تترا بعد ذلك، ولهذا فإن اغتنام فرصة الشبيبة في إرضاء الله عز وجل وبناء الحياة على منهاجه كان هو المطلب والمرغب قبل فوات الأوان...! وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: "نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس الصحة والفراغ" رواه البخاري. فالشبيبة نعمة من نعم الله على عبده، فإن سُخرت في غير مرضاته، تحولت هذه الفترة الثمينة إلى نقمة، إذ سيسأل المرء عن شبابه فيما أفناه، فما ستكون إجابته إذا مرت حياته في لهو ولعب وضاعت في أتفه الأمور. فعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم لرجل وهو يعظه:" اغتنم خمسا قبل خمس: شبابك قبل هرمك، وصحتك قبل سقمك، وغناك قبل فقرك، وفراغك قبل شغلك، وحياتك قبل موتك " .رواه الحاكم في المستدرك. أحزنني أن كثيرا من شباب الجزائر يعيش حياة بعيدة كل البعد عن الهدف الأسمى الذي خلقه الله من أجله...! فهل يعقل أن يحيا جزء كبير منهم في سبيل "كرة القدم" التي أصبحت معبودهمالذي يخاصمون من أجله الرفيق والصديق، ويحبونه كحب الله...! أذهلني أن شابا من هؤلاء سولت له نفسه أن يزهق روحا بضربة سكين من أجل هذه "القطعة البلاستيكية"، بل ووصل الأمر بأغلب هؤلاء المفتونين بفِرَق كرة القدم أن يقدم ولاءه لفريقه على ولائه للوطن، وانتشرت العداوة والبغضاء بين أتباع الفريق الفلاني، والفريق العلاني إلى حد ذكرنا بالجاهلية الأولى ومعاركها التافهة التي نشبت من أجل سباق فرسين سبق أحدهما الآخر و.. و.. و! والغريب أن الدولة الجزائرية غائبة أو قل مساهمة بقدر كبير في وجود هذه السلبيات والأخطار وكأن المسألة هي في حكم العادي الذي لا يؤبه له! نحن لسنا ضد الرياضة بأنواعها التي تقوي جسم الشباب وتخدمهم، ولكن لا تستهوينا رياضة تضيع أوقاتهم، وتستهلك طاقاتهم بدون فائدة، والأمة في هذه الفترة الحرجة من تاريخها بحاجة إلى من يخدمها ويبني صرحها حتى تصل إلى ما وصلت إليه الأمم الأخرى المهتمة بكرة العالم لا بكرة القدم