وزير الشؤون الخارجية: حل الأزمة في مالي يكون عبر الطرق السلمية والسياسية الجامعة    تعليق قوائم الناخبين الجدد والمشطوبين الأحد القادم..اختتام فترة المراجعة الدورية للقوائم الانتخابية    اجتماع الحكومة يدرس عدة ملفات .. نحو تحسين نوعية التمدرس وتملّك التحويل التكنولوجي    بوغالي: الجزائر شريك موثوق    تسجيلات البيام والبكالوريا تنطلق اليوم    البنك المركزي الأوروبي: على بنوك منطقة اليورو الاستعداد لصدمات غير مسبوقة    المجلس الشعبي الوطني : النواب يصادقون على مشروع قانون المالية ل 2026    دعوة إلى تعزيز الدبلوماسية الاقتصادية    عجّال يؤكد أهمية التصنيع المحلي للمعدات الطاقوية    المنيعة: تخصيص أزيد من 26 ألف قنطار لزراعة الحبوب    أحمد عطاف: مجلس الأمن لم يعتمد الأطروحات المغربية وملف الصحراء الغربية لم يطو    الاحتلال ينفذ سلسلة غارات على شرق مدينة خانيونس .. عشرات المستوطنين الصهاينة يقتحمون المسجد الأقصى المبارك    بوتين يعطي شارة البدء لبناء كاسحة الجليد النووية "ستالينغراد"    بالمغير وإيليزي..حملة تحسيسية حول أهمية الكشف المبكر عن سرطان البروستاتا    سيدي بلعباس : عدة مشاريع تنموية قيد الإنجاز ببلديات دائرة رأس الماء    وسط ارتفاع المقلق لحالات البتر..التأكيد على الفحص المبكر لحالات مرض القدم السكري    تحسبا لكأس أفريقيا 2025.. 3 منتخبات إفريقية ترغب في إقامة معسكرها الإعدادي بالجزائر    عمورة ثالث هدافي العالم في تصفيات مونديال 2026    حوارية مع سقراط    حذر من الضغوط..آيت نوري يرسم طريق الجزائر في كأس أفريقيا    البرلمان العربي يدعو لترسيخ قيم التسامح وتفعيل التشريعات التي تجرم التطرف وخطاب الكراهية    عرقاب .. توقيع عقد لإنجاز وحدة المعالجة التحفيزية للنافتا الثقيلة    مدينة لايبزيغ الألمانية تحتضن تظاهرة ثقافية    استقلال فلسطين حق تاريخي ثابت يدعمه البرلمان العربي حتى يتحقق على أرض الواقع    اختبار قوي للخضر قبل كأس إفريقيا    العائلات تعود إلى منازلها    إضفاء ديناميكية جديدة على الاستثمار المحلي    هندسة الميكانيكا وطاقة المواد محور ملتقى بجامعة بسكرة    متربصو الدرك الوطني في زيارة للمجلس الشعبي الوطني    40 حافلة جديدة لعنابة في جانفي المقبل    أمين غويري مرتاح لسير علاج إصابته    دورات تأهيلية ل 734 حرفي بغليزان    من طعام البسطاء الى رمزية التقاليد الجزائرية    مصادرة قنطارين من اللحوم البيضاء الفاسدة    بلايلي موجود في قطر لإجراء عملية جراحية    نفكّر في توأمة بين أذرار الموريتانية وأدرار الجزائرية وجعلهما منطقة إنتاج سينمائي    المهرجانات الإفريقية في بحث دائم عن رؤية دولية    اقتراب من الذاكرة والهوية والانخراط الاجتماعي    سعادتي كبيرة بالعودة إلى الملاعب    بوغرارة: الجزائر لم تتأخر يوماً عن دعم فلسطين    الرئيس يأمر بالتحقيق    مؤسّسات ناشئة تبرز ابتكاراتها وحلولها    4756 وقفا في الجزائر    خنشلة : توقيف شقيقين وحجز 5200 وحدة كحول    اللغةُ العربية… إنقاذٌ أمِ انغلاق    آية الكرسي .. أعظم آيات القرآن وأكثرها فضلا    فتاوى : أعمال يسيرة لدخول الجنة أو دخول النار    أبو موسى الأشعري .. صوت من الجنة في رحاب المدينة    عميد جامع الجزائر من بسكرة:رقمنة العربية مدخلٌ لصون الهوية وإرساخ السيادة الثقافيّة    الخضر يستعدون..    شهر للعربية في الجزائر    ورقلة.. يوم دراسي لتعزيز ثقافة الاتصال داخل المرافق الصحية العمومية    مشاركة جزائرية في الأبطال الخمسون    وزير الصحة يبرز جهود القطاع    دعوة إلى تعزيز حملات التوعية والكشف المبكر    إبراز قدرات الجزائر ودورها في تعزيز الإنتاج الصيدلاني قاريا    دعاء في جوف الليل يفتح لك أبواب الرزق    تحذيرات نبوية من فتن اخر الزمان    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أطفال المزابل
نشر في المواطن يوم 09 - 02 - 2009


تعتبر مفرغة "طيميط" كما يحلو للبعض أن يسميها والواقعة بوادي السمار بالعاصمة، ملاذا للكثير من العائلات، والذين ينهمكون باكرا في ساعات الفجر الأولى للذهاب إليها من أجل البحث عن ما يرمى وجمعها في أكياس " الخيش " والتي تزن ما يقارب 30 40 كيلوا وتباع بسعر لا يسد الحاجيات اليومية لهذه العوائل . على مشارف العاصمة لفظت المدينة مخلفات فاضت عن حاجيات السكان، فضلات منزلية ارتفع بناؤها لتشكّل تلالاً باتت مرتعاً لشتى أصناف الأوبئة والحشرات، مخلفات لم يعد فيها لمن لفظها حاجة، ومع ذلك تحولت إلى مورد رزق للآلاف ممن أقاموا البيوت وأنشاؤوا ممتلكاتً خاصة حولها، العديد من الأشخاص ينتشرون كل صباح لممارسة عملهم في نبش أكوام الزبالة في محاولة للظفر بما تجود به عليهم من أكياس بلاستيكية أو علب معدنية، وما ترك أهل البيت وخلّف أصحاب المصانع من أشياء بلا قيمة تتحول إلى لا شيء بفعل ما تتعرض له في هذا المكان. فالوضعية الاجتماعية بالنسبة إلى جميع من يعيشون حول مفرغة النفايات هم من الأسر الفقيرة جداً وهم يعملون في المفرغة من أجل العيش، وهم يجمعون من القمامة ما يعتاشون عليه من أجل البقاء، فهم يبحثون عن أشياء عادة ما تحتفظ بها الأسر في بيوتها مثل العلب والقناني وغيرها. جهد الكبار وبراءة الأطفال كريم طفل من بين العشرات من أقرانه الذين ولدوا ونشاؤوا في هذا المجتمع الخاص،وهو ذو السبع سنوات يغادر بيته كل صباح حاملاً حلمه في كيس على ظهره، يصعد جبل القمامة بجهد الكبار وبراءة الأطفال، وأمل كبير في العثور على ما يثقل وزنه ويرتفع ثمنه. وعند رجوعه إلى البيت تساعده أمه في تنظيف الأكياس وترقيعها ثم بيعها.. ونحن نحوم حول المفرغة لاحظنا عشرات الأطفال وهم ينتظرون حاوية البلدية، بنظرات ثاقبة تتفحص التفاصيل ورغبة في معرفة محتويات الحاوية، ووسط زحام النباشين هناك طفل آخر لا يتجاوز العاشرة من العمر،غير آبه بمخاطر لا حصر لها من جو حارق ورائحة خانقة لا يقوى على تحمّلها آدمي، فالمكان مأهول بآلاف الأنواع من الجراثيم التي تشكّل حاضنة لمختلف أنواع الأمراض. وحسب وزارة الصحة فبالنسبة للأطفال الذين يعيشون حول مفرغة النفايات فهم يعانون من مشكلات صحية عديدة خاصة في الجهاز الهضمي والجهاز التنفسي، ومشكلات أخرى مثل السل والكوليرا ومشكلات سرطانية وذلك بسبب انعدام الشروط الصحية والنظافة، وخاصة أولئك الذين يعيشون حول مكب النفايات. ولكن الأمر لا يتوقف عند ما يتهدد هؤلاء من مخاطر مرضية بل يتعداه إلى تفشي ظواهر اجتماعية تعكس حالة الضياع والتهميش التي يعيشها هؤلاء داخل عالمهم المغلق، انسداد في الأفق وانعدام تام للرغبة في الخروج من هذا الواقع، إضافة إلى انتشار للجريمة على نطاق واسع، تركيبة اجتماعية بمواصفات خاصة وطنّت نفسها على التعايش مع متطلبات حياة القمامة. وأوضحت الأخصائية الاجتماعية "كهينة م" أن المشكلات التي يواجهها هؤلاء كثيرة بعضها يتم إحالته على مراكز الشرطة وذلك بسبب ظروف الحياة القاسية، والسكن المتلاصق " شبه سكن" أيضاً يسبّب الشجار بين الساكنين في القمامة، عادة ما يستولي أحدهم على أشياء يدّعي آخر امتلاكها وهذه المشاكل لا تنتهي، مشكلة أخرى هي انحراف هؤلاء بسبب ظروفهم إلى الجريمة مثل المخدرات والسرقة وغيرها.إضافة إلى بعض المشاكل التي يعاني منها الصغار في السن حيث كما قال أحدهم " البقاء هنا للأقوى" وكأننا في غابة فالأكبر سناً يستولون على ما يعثر عليه الأطفال في القمامة مستغلين صغر سنهم، وأحياناً يضربونهم. حياة يواصل فيها هؤلاء الأطفال بجهد ومشقة رحلة بحثهم عن غنائم يمكن أن تثقل من موازين أكياس تشكّل عائداتها مصدر رزق لعائلاتهم، فتراهم يسرعون الخطى بلهفة نحو كل لون فاقع أو ما يعتبرونه إضافة ثمينة لمحتويات غنائمهم غير آبهين لا بحرارة الجو ولا بالرائحة التي تزكم الأنوف وتبعث في الجو سموماً قاتلة، همهم الوحيد أن تصل أكياسهم إلى جبال القمامة الجديدة . وهنا يضع النباشين حملهم ليكون الفيصل هو الميزان، والحصاد غنائم هزيلة قد تشكّل مادة يمكن إعادة تصنيعها و تدويرها، والحصيلة بضعة من الدينارات لا تزيد عن توفير وجبة طعام كاملة للأسرة. صعوبات و مشكلات في الاندماجومثل غيرهم من الأقران يعاني أطفال المزابل خاصة المتمدرسين ، من عدة مشكلات في الاندماج مع بقية التلاميذ القادمين من أوساط اجتماعية مشابهة.وتقول في ذلك مشرفة تربوية : أن التلاميذ يدخلون إلى المدرسة على فئتين، تلاميذ يعملون في القمامة وأطفال يلتحقون في سن متأخرة، إضافة إلى تلاميذ هم من الأطفال المهمشين، نحن نعمل على إلحاقهم بمستويين، المستوى الأول مدرسي ولنا فيه مشكلات، والمستوى الثاني عبارة عن التأهيل المهني والإعداد لتعلم حرف أخرى نافعة، فإن الأطفال الذين يأتون من القمامة يعملون من أجل العيش لأنهم لا يقووا على أي عمل آخر فلديهم مشكلات أخرى كثيرة منها العنف المنزلي من قبل الآباء، كذلك مشكلات أسرية مثل الإدمان على الخمر والمخدرات، وهذا يجعلنا نواجه صعوبات متنوعة... وقد يخرج هؤلاء الأطفال يوماً ما من هذا الواقع الذي تحاول بعض المؤسسات غير الحكومية تجاوزه على الرغم من التعقيدات التي تعيق مسألة معقدة أصلاً..وتضيف المشرفة التربوية قائلة : نبذل جهوداً كبيرة لمساعدة الأطفال والاهتمام بهم، كذلك نعمل على توعية أهاليهم، ونتدخل لوقف حالات العنف التي يتعرضون لها من قبل ذويهم، ونعمل جاهدين على إيجاد حلول، فالعنف سببه الفقر أو الانفصال بين الزوجين. ولكنه يبقى لهؤلاء الأطفال ولغيرهم السبيل الوحيد للخروج من واقع القمامة وعالمها. سعاد طاهر محفوظي

انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.