في لحظة تاريخية ما يستوي الشيء واللاشيء.. فقد كان الرجل ملء السمع وملء البصر، يسمّيه الناس "السي الحاج"، متّعه الله بالبنين والحفدة..مثلما زيّن له حبّ الشهوات من النساء والقناطير المقنطرة من المال.. "مشكلة" أولاده أنهم "كرهوا" من عدّ الدراهم ووضعها في أكياس "الخيشة" من الثامنة مساء إلى عين الفجر.. هذا الثريّ ليس أمريكيا ولا أروربيا..بل هو من هذا البلد الذي أعياه أثرياؤه بالتهرّب من الضرائب والتحايل على القانون.. ولأن معلم البشرية النبيّ محمد صلى الله عليه وسلّم نبّه الناس قائلا: "اخشوشنوا..إخشوشنوا إن النعم لا تدوم"، امتحن هذا الرجل منذ مدّة امتحانا مثيرا، فقد ابتلي بمرض جعله يحترق احتراقا في الساعة التي يحين أجلها ليتألّم.. الألم يعاوده مرّات في اليوم فيحيل حياته إلى جحيم.. أتعلمون ماذا يخيف هذا الرجل المسنّ اليوم وفي كل ساعات النهار والليل؟ يخيفه أوان التبوّل..! لم يجرّب في حياته ألما أعظم من عسر البولة.. استحال كل شيء إلى لاشيء..الأمر سيّان.. أتعرفون أمنيته الوحيدة في هذه الدنيا ماهي؟ أن يتبوّل براحة..دونما ألم كباقي الناس الذين يسمّونه "السّي الحاج" ومع ذلك فلا أحد منهم يقبل أن يحلّ مكانه ولو منحهم أكياس "الخيشة" من المال.. في لحظة معينة يستحيل كل شيء إلى تراب.. العبرة ليست في الوعظ والكلمات التي لا تُسمع أحدا.. العبرة بآي الله في حياتنا والتي نغمض عيوننا عن رؤيتها أو نصم آذاننا عن سماعها.. لا يزال "السي الحاج" يجلس على كرسي متحرّك ويجهر بالقول لأقربائه إن سئل عن أمنيته فيقول: "أموالي لا تساوي بولة".. "إن تعدّوا نعمة الله لا تحصوها". قرآن كريم