لن نخوض في تفاصيل ما تجرأ عليه الأعداء من انتقاص قدر النبي كلما أتيحت لهم الفرصة، فليس ما يفعلونه هو المرة الأولى ولن يكون الأخيرة؛ بل سنقف عند دواعي وأسباب ودوافع هذا الانتقاص.أما الدوافع فإن الله تعالى أخبرنا أن الاستهزاء من أخلاق أعداء الله؛ الاستهزاء تخلّق به الكفار والمشركون والمنافقون الذين احترقت أحشاؤهم على دين الله وأهله؛ قال تعالى عن المنافقين:/وَإِذَا لَقُوا الَّذِينَ آمَنُوا قَالُوا آمَنَّا وَإِذَا خَلَوْا إِلَى شَيَاطِينِهِمْ قَالُوا إِنَّا مَعَكُمْ إِنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِئُونَ/ وقال سبحانه عن الكافرين:/وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ فِي شِيَعِ الْأَوَّلِينَ، وَمَا يَأْتِيهِمْ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ/ ومن البواعث على الانتقاص من النبي صلى الله عليه وسلم أنهم قوم استحبوا العمى على الهدى لما ظهر على هذا الدين من الحق؛ فمنذ أحداث سبتمبر التي أريد بها تشويه الإسلام ازداد الإسلام براءة وبراعة؛ فلما أحسوا في أنفسهم مقدار ما انحرفوا عن الحق وزاغوا عنه؛ ولما ازدادت خشيتهم على أنفسهم ومصالحهم وشهواتهم أظهروا حقدهم بواحا وجهروا به علنا:/قدْ بَدت البَغْضاءْ من أَفْواهِهمْ/.ومن الدوافع أيضا: النقمة على أهل الخير والصلاح؛ فقد أخبر تعالى عن سخرية قوم لوط من نبيه وأتباعه، فذكر قولهم عنهم:/إنَهُم قوْم يتَطهَرُون/ فأهل الكفر والشر والفساد والرذيلة يزعجهم ويقلقهم ويعكر صفو حياتهم بل يزيدها تعاسة حين يرَوْا ذلك الطهر والعفاف الذي يتحلى به الأخيار لذلك يسعى المفسدون إلى تشويه سمعة الخير:/إنهُمْ أُنَاس يَتَطَهّرونْ/ إن الحقد ليقتلهم أن آمنا بالله وبرسوله فأنعم علينا من النعم ما لم يرَوْا مثلها؛ فتقدمهم ظاهرٌ ولكننا نتمتع بالصحة والعافية إلى حدّ ما؛ ويهددهم السرطان وفقدان المناعة؛ وأنهم في رخاء ونحن في شدة ولكن حوادث الانتحار عندهم رهيبة؛ قال تعالى:/وَمَا نَقَمُوا مِنْهُمْ إِلَّا أَنْ يُؤْمِنُوا بِاللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ/.ومن الدوافع أيضا: الفراغ وحب الضحك؛ فالإنسان حينما يفقد الهدف الأسمى الذي من أجله جاء لهذه الحياة وهو عبادة الله وحده؛ حين يفقد هذا يحس بفراغ قاتل في حياته لذا سرعان ما يتجه لدروب الشيطان التي تملأ عليه الفراغ ولو كان بالاستهزاء بالله ورسوله وآياته والمؤمنين.وأخيرا دوافع الانتقاص تنطلق من الكبر والعجب والنظر بالإكبار للنفس والنظر للغير بالمهانة والاحتقار؛ ولقد ضرب الله لنا مثلا بصاحب الجنتين في سورة الكهف حين قال:/فَقَالَ لِصَاحِبِهِ وَهُوَ يُحَاوِرُهُ أَنَا أَكْثَرُ مِنْكَ مَالًا وَأَعَزُّ نَفَرًا/ فهؤلاء ينظرون إلى المسلمين على أنهم من أهل العالم الثالث أو العالم المنحط والمتأخر وهم من العالم الأول المتقدم المتحضر؛ ينظرون إلى المسلمين بعين شقية والحقُ أن الشقاء لمن خالف محمدًا صلى الله عليه وسلم وإن تمتعوا فإنما يتمتعون كالأنعام والنار مثوى لهم؛ فيا محمد:عدوك مذموم بكل لسان * * * وإن كان أعداءك القمرانولله سرّ في عُلاك وإنما * * * كلام الورى ضرب من الهذيان