كتاب جديد: نصف يهود العالم ذوو أصول عربية من التصورات الشائعة في منطقة الشرق الأوسط وغالبية بقاع العالم ان مفردتي "يهودي" و"عربي" تنفيان احداهما الأخرى وتمثلان القوتين المتصارعتين في الشرق الأوسط حيت تشتبكان في معركة مصيرية ذات تداعيات واسعة النطاق على السياسة العالمية. ولكن هناك من يذهب إلى أن نحو نصف يهود العالم ونصف يهود اسرائيل هم عرب أو ذوو أصول عربية. وأن هؤلاء بوصفهم يهودا ينتمون في أصولهم إلى الطائفة اليهودية التي كانت تعيش في العالم العربي. كانت الحركة الصهيونية بنت يومها وعصرها، وُلدت في سياق الحركات القومية الاوروبية، ونالت التشجيع والشرعية من الاستعمار الاوروبي. وتعاظمت قوة الحركة الصهيونية وشعبيتها على خلفية معاداة السامية واضطهاد اليهود في اوروبا. وكان مؤسسو الحركة في الغالب يتجاهلون يهود الشرق الأوسط الذين يعيشون بسلام نسبيا مع المسلمين في بلدانهم. ولكن الكاتبة البريطانية راحيل شابي Rachel Shabi تقول ان كارثتين دفعتا الصهاينة الى تركيز اهتمامهم على يهود الشرق الأوسط في القرن العشرين. فان المحرقة أو الهولوكوست Holocaust استنزفت اوروبا بوصفها مصدرا لهجرة واسعة الى الدولة العبرية حديثة النشأة. ومن جهة اخرى فان وقوع "النكبة" عندما قامت الحركة الصهيونية بطرد الفلسطينيين العرب من فلسطين "تكفل بفقدان الدولة كل طبقتها العاملة تقريبا". فاتجهت انظار القادة الصهاينة صوب الشرق بحثا عن مزيد من السكان اليهود في الدولة الجديدة وعن أيدي عاملة. و ما رأوه في الشرق لم يُعتد به. وتنقل راحيل شابي عن ديفيد بن غوريون الذي يُعتبر اب الدولة العبرية وصفه يهود البلدان العربية أنهم "بلا أثر لتربية يهودية أو انسانية". ولكن المبعوث الصهيوني انزو سيريني Enzo Sereny الذي أُرسل الى بغداد كان أرحم في وصفه لهم عندما قال "ان بالامكان تحويلهم الى بشر". وهكذا وُصف نصف اليهود من أطباء بغداديين ومزارعين كرد وباحثين مغاربة وشيوعيين جزائريين وتجار ذهب سوريين وطلاب مصريين بأنهم "مادة بشرية" مشكوك فيها يمكن الإفادة منها إذا ما أُعيد صنعها على أيدي القيادة الاشكنازية (اليهود من أصل اوروبي) في فلسطين. بات استيراد يهود المزراحي ("او "الشرقيين") سهلا نسبيا بفعل التوترات التي نشأت بينهم وبين أوطانهم بسبب ظروف تأسيس اسرائيل. وتقول شابي ان سوء المعاملة التي تلقاها عرب فلسطين من اسرائيل أوجدت لدى اليهود في كل مكان شعورا بالذنب بحكم الارتباط باسرائيل. وعمل الصهاينة من جانبهم على ترويج الفكرة القائلة ان "اليهودي" رديف "الصهيوني". وفي الاماكن التي لم تكن معاداة اليهود كافية لحملهم على الهجرة الى اسرائيل كان عملاء صهاينة يساعدون احيانا على تشجيع مثل هذا العداء.وتروي الكاتبة شابي ان يهود المزراحي كانوا لدى وصولهم الى اسرائيل يُحشرون في "معسكرات انتقالية" ثم يُرسلون الى مدن تنموية على الحدود. وكانوا يُجردون من لغتهم ويُسخر من ثقافتهم، وبُذلت جهود هائلة لصهرهم في بوتقة المجتمع الاسرائيلي التي كان يراد بها ليس توحيد يهود اسرائيل كافة فحسب بل وإعادة تشكيلهم في جمهرة "متغربنة".