لم تشهد حديقة التجارب بالحامة التي أعيد فتحها للجمهور بعد 5 سنوات من أشغال الترميم مثل هذا الاقبال الكثيف حسب سكان العاصمة الذين قدم البعض منهم في هذا اليوم المشمس من أجل أن يعيشوا ذكريات الماضي و استنشاق الهواء النقي المنبعث من هذا الفضاء الصغير الذي يعتبر الرئة الحقيقية للعاصمة. و قد توجه مئات الأشخاص من بين المحنين و الشغوفين أو من مجرد زوار نحو هذا الفضاء الذي دشن يوم السبت الماضي من طرف رئيس الدولة لحسن حظ سكان العاصمة. و وراء الابواب الضخمة من الحديد المزخرف تنتظر عشرات العائلات دورها من أجل الدخول و اكتشاف ( أو اعادة اكتشاف) هذه الحديقة التي تقع قرب متحف الفنون الجميلة الذي يحاول بطريقة ما تصنيفه ضمن التحف التي يزخر بها بكل فخر. و بداخل هذه الحديقة التي تقدر مساحتها بنحو 30 هكتار و المزينة بمختلف النباتات لاسيما الاستوائية يتجول أطفال رفقة أوليائهم عبر ممرات هذه الحظيرة الطبيعية التي أنشأت في سنة 1832 و المشهورة منذ زمن كاحدى أجمل حدائق العالم. ففي " الحديقة الفرنسية" التي نصبت بها أشجار النخيل من نوع كاليفورنيا و على لهواء الطلق أو " الحديقة الانجليزية" المعروفة بمساحاتها الخاصة بالغابات الاستوائية أو عبر ممرات قصب الخيزوران و التين يتجول الزوار و هم يستنشقون مختلف روائح الأزهار من أنواع أنف العجل و أنواع أخرى و النباتات التي تشير الى حلول في هذا الصدد سرد لوأج زوجان في الستين من العمر و هما يتمعنان بهذه المشاهد تحت ظل شجرة تينينية و هي شجرة ضخمة مصدرها جزر الكناري ذكراياتهما بهذه الحديقة اذ لا يفوتان أي فرصة من أجل قضاء وقت هنا و التأمل في جمال هذا المكان. تارزان مر من هنا و بالحديقة الانجليزية أين كانت أشجار ضخمة ملفوفة بنباتات متسلقة بمثابة ديكور لتصوير الفيلم الأول لتارزان في سنة 1932 باسناد البطولة للممثل الشهير و السباح جوني فايسمولير يأخذ شبان صورا من أجل "تخليد" هذا اللحظة التي طالما انتظروها. في هذا الصدد أكد سمير و هو شاب يدرس بثانوية بباب الوادي "انها المرة الأولى التي أزور فيها هذا المكان الذي قال عنه والدي أنه ساحر. أنا أقول عنه أكثر انه مكان خلاب و أعتقد أن اعادة فتحه يعد حظا بالنسبة لي لأنني من المدافعين عن الطبيعة". و من جهته تحدث سفيان خمسون سنة الذي كان مرفوقا بزوجته و طفليه عن الأوقات "التي لا يمكن نسيانها" التي قضاها بهذه الحديقة التي تم تجديدها و التي "حافظت على رونقها العتيق". كما صرح صديقه كريم مختص في النباتات "أن هذه الحديقة تبقى تمثل بالنسبة لي الحظيرة العمومية التي أحبها كثيرا. انه متحف حقيقي للنباتات اذ يزخر بأنواع نادرة جدا". النسر "هكتور" و الأسد "فريد" لايزلان هنا و بحظيرة الحيوانات التي يعود تاريخ انشائها الى سنة 1900 بممراتها المزينة بأشجار التين و جوز البقان و النخيل التي تغطي بضلالها جزء كبيرا من المربعات التف الزوار حول الأقفاص الكبيرة للعصافير لاسيما نسر الأند و الطاووس و طائر الأمو و الديك البري و عرار الغابة و الببغاء و أنثى الببغاء. و على مقربة منهم أثار الدب الأسمر بمشيته الثقيلة لكن الرشيقة و الاسد " فريد" الذي ولد بهذه الحديقة منذ 24 سنة خلت و بمشيته المهيبة اعجاب الزوار. في هذا السياق قال صبي و الفرحة بادية على وجهه لوجوده قريبا أقل من متر من الاسود و الثعالب و القاطور و القردة و الكركي و الجمل "يمككنا ملامستهم طالما أن الحيوانات لا تفصلها سوى السياج" . و يتذكر مصطفى أحد الزوار أن هذه الحظيرة كانت تضم حيوانات حطمت الأرقام القياسية في التعمير: خنزير بري (33 سنة) و نسر الأند "هكتور" الذي بلغ سنه أكثر من مئة سنة ( لازال حيا) و الدب الأسمر ( 62 سنة) دخلوا كتاب غينس للأرقام القياسية و تمساح اليغاتور من المسيسيبي "جاكلين" (100 سنة). و في احدى ممرات هذه الحديقة صرح مدير الحظيرة و هو يحمل جهاز ارسال الذي بدا منشغلا أنه لم يكن ينتظر هذا التدفق من الزوار و هو يعطي تعليمات لأعوان الأمن للسهر على حماية هذا الموقع من خلال عمليات التحسيس و راحة الزوار.