أشرف رئيس الجمهورية السيد عبد العزيز بوتفليقة أمس السبت على تدشين حديقة التجارب بالحامة بالجزائر العاصمة بعد خمس سنوات من بدء أشغال الترميم والتهيئة، وشدد لدى زيارته مدرسة البستنة على ضرورة تمكين الطلبة من التجربة اللازمة في مجال الاعتناء بالنباتات. وأعطى الرئيس بوتفليقة امس رسميا إشارة إعادة فتح الحديقة للمواطنين الذين هجروا هذا المعلم التاريخي منذ سنوات بسبب الإهمال الذي أصاب جميع مرافقه، قبل أن يتم غلقه نهائيا سنة 2001 بسبب تدهور حالته، ليشرع ثلاث سنوات بعد ذلك في إعادة الترميم والتهيئة. وينتظر حسب مسؤولي الحديقة أن يتم فتحها للزوار ابتداء من اليوم الأحد. وتنقل رئيس الجمهورية أمس الى الحديقة مرفوقا بوزير الدولة وزير الداخلية السيد نور الدين يزيد زرهوني ووزير الصناعة وترقية الاستثمار السيد حميد تمار للاطلاع على ما تم تحقيقه في اطار عملية التهيئة والترميم، وما يوفره من خدمات للوافدين إليه إضافة الى مختلف المرافق التابعة له من حديقة للحيوانات ومشاتل لزراعة مختلف النباتات، ومدرسة للبستنة، وأخرى لتلقين التلاميذ الثقافة البيئية. وطاف الرئيس في أول نشاط ميداني بعد انتخابه في التاسع افريل الماضي في مختلف ممرات الحديقة، ووقف عند أهم المواقع التي تحتويها، وتلقى شروحات بخصوص عمل المؤسسات الموجودة بداخلها منها على وجه الخصوص مدرسة البستنة، ومدرسة التعليم الخاصة بالبيئة. واستمع الرئيس بوتفليقة بمدرسة البستنة الى تفاصيل إعادة بعث هذه المؤسسة من جديد بعد أن تحولت في السنوات الماضية الى مأوى لبعض العائلات المنكوبة حيث اشرف أمس على تسليم جوائز للخمسة الأوائل من الدفعة الثانية التي تم تكوينها في هذه المؤسسة. وذكر مسؤولو المدرسة ان الطلبة يتلقون دروسا نظرية وتطبيقية تخص كيفية الحفاظ على النباتات، وفي هذا السياق شدد القاضي الأول في البلاد على ضرورة تمكين الطلبة من جميع التجارب المتصلة بالحفاظ على النباتات، خاصة وأن الهدف من المساحات الخضراء التي تم إنشاؤها في الحديقة هو "الحفاظ على الموارد الطبيعة". وتجول رئيس الجمهورية في مختلف ممرات المؤسسة ابتداء من "الحديقة الفرنسية" المرسومة بانتظام وتناظر والممثلة بحوضين كبيرين للماء، وانتقل بعدها إلى "الحديقة الانجليزية" بممراتها المتعرجة وبمحيطاتها غير منتظمة التقاطيع ونباتاتها الكثيفة الاستوائية أو شبه الاستوائية وتتوفر هذه الحديقة على حوض كبير تعيش فيه نباتات وأنواع من الحيوانات المائية. وزار رئيس الجمهورية أيضا المجموعات التي زرعت فيها مربعات مخصصة لزراعة الأزهار التجريبية والمشاتل والبيوت البلاستيكية والحصى المكسيكية. ويتوفر المرفق أيضا على فضاء للزراعة المخبرية. واطلع من جهة أخرى على حديقة الحيوانات بمظهرها الجديد الذي يضم ممرات مزينة بأشجار التين وجوز البقان والنخيل التي تغطي بظلالها جزءًا كبيرا من المربعات. كما زار منشآت قاعدية أخرى داخل الحديقة، كمدرسة التربية المتخصصة في الحفاظ على البيئة وعيادة بيطرية حيث تلقى رئيس الجمهورية شروحات حول مختلف مراحل إنشاء هذين المرفقين. ووقف الرئيس بوتفليقة مطولا عند حديقة الحيوانات التي تضم أنواعا مختلفة منها آكلة العشب وآكلة اللحوم. وتضم حديقة التجارب بالحامة أيضا عدة مرافق أخرى تم تهيئتها خصيصا لضمان راحة الزائر، منها مطاعم وأماكن للراحة ودورات للمياه، إضافة إلى أعوان يسهرون على نظافة كل منطقة من الحديقة، وآخرون يتكفلون بضمان الأمن. وكانت حديقة التجارب للحامة قد أغلقت أبوابها سنة 2001، بعد أن عرفت هياكلها وتجهيزاتها تدهورا منذ سنة 1985، وشرع سنة 2004 في إعادة ترميمها، ووضعت تحت وصاية ولاية الجزائر بموجب المرسوم التنفيذي رقم 06 - 350 المؤرخ في 5 أكتوبر 2006 بصفة مؤسسة عمومية ذات طابع إداري. وتم تأسيس حديقة التجارب سنة 1832 لكن تصميماتها القائمة حاليا من إعداد المهندس الفرنسي رينييه سنة 1929. تضم الحديقة أكثر من 3000 نوع نباتي. وتشكل هذه الحديقة متنفسا كبيرا لسكان العاصمة وحتى خارج العاصمة حيث تتربع على مساحة تقدر ب30 هكتار، وينتظر أن يتم استعادة 30 هتكارا آخر وهي المساحة الحقيقة لهذا المعلم. وذكرت وثيقة رسمية وزعت على الصحافة لدى زيارة الرئيس بوتفليقة إلى الحديقة أن جهودا تتم حاليا للقيام بمسح عام للحديقة بإدخال غابة شرشار الواقعة أسفل مقام الشهيد ليتم تسييجها وضمها إلى الحديقة السفلى. وتكسو الحديقة نباتات متنوعة اغلبها استوائية ويمكن للزائر أن يطلع على بطاقة تعريف موضوعة أمام كل شجرة او نبتة تزخر بها الحديقة. وتحتوي الحديقة على أشجار من مختلف الأصناف يتجاوز علو بعضها 15 متر، ويعود تاريخها الى الأربعينيات من القرن التاسع عشر. وفيما يخص حديقة الحيوانات تم ترميم كافة الأقفاص والمدجنات والمساحات المسورة وكذا شلال حديقة الحيوانات إلى جانب إعادة تهيئة متحف الثروة الحيوانية وترميم التماثيل الخمسة التي تزين الحديقة. وقد تطلبت عمليات الترميم تعبئة مجموع مؤسسات ومديريات ولاية الجزائر في مجال العمران والبيئة والري والفلاحة والغابات، وتمت جميع الأشغال بالتعاون مع خبراء فرنسيين في مجال علم النبات في اطار التعاون بين ولاية الجزائر وبلدية باريس.