شكل موضوع الرقص وظيفته الاجتماعية و كذا عملية تدوينه محور يوم دراسي نظمه بالجزائر الباليه الوطني. و أوضح إبراهيم نوال أستاذ الإبداع الفني أن "الرقص يعد تعبيرا عالميا و دلالة موحية و وسيط بين جميع الحضارات" مضيفا أن فن الرقص الذي يعد "وسيلة تعبيرية مباشرة و مهذبة كان على الدوام مقرونا بجميع الحفلات سواء كانت مدنية أو عسكرية أو دينية". وأضاف المتدخل مستدلا بمقولة الراقص و رئيس الباليه الفرنسي نوفار أن "القدرة السردية للرقص تعبر عن الواقع و يمكن لهذا الفن أن يتعدى الكلمة في التعبير عن قوة الأحاسيس و المشاعر و يمكن للخطوة و الحركة أن يقولا ما لا يمكن لشيء آخر أن يقوله". كما أشار نوال إلى أن "الرقص قد تطور ليس على هامش المجتمعات و لكن في انسجام تام معها" موضحا أن "هذا التناغم يبرز لنا أن الرقص قد اخذ مكانته في جميع العروض المهيكلة و المنظمة كما تشير إلى ذلك تلك الرقصات التي ترافق مسرحيات حضارة اليونان القديمة". في ذات الصدد أوضح الأستاذ الجامعي أن "الرقصات الفولكلورية التي تدل على معارف الشعوب و مرآة اجتماعية و اقتصادية لا تعد فقط تعابير جمالية تزخر بالألوان و إنما هي فضاءات و أدوات حقيقية و عناصر تمكن من الحفاظ و المحافظة على الذاكرة الجماعية و تراثها غير المادي" مبرزا في هذا الخصوص "رقصات القصور" و "رقصات الرحابة". و أكد أن "إفريقيا تمتلك تراثا فولكلوريا معتبرا و محافظ عليه يشكل مصدر معلومات للباحثين الذين يعملون على مواضيع تتعلق بأصول و مبحث العلوم التاريخية للإيقاع و الرقص". أما الأستاذ إبراهيم بهلول المختص في تصميم الرقصات فتطرق لإشكالية تدوين الرقص المعروفة باسم "سينيتوغرافيا" التي أنشأها الألماني رودولف لابان. و أوضح في هذا الصدد أن "هذه الوسيلة تسمح بالحفاظ على الرقص من كل تشويه في تعبيره الأصلي مع الحفاظ على أصالته و ذلك من خلال تشكيل ارشيفات لأعمال تصميم الرقصات" معتبرا أنها "ستظل الحارسة الوحيدة و الوفية لأي تعبير قديم أو حديث أو معاصر". و خلص في الأخير إلى انه "بعد سنوات طوال من الأبحاث و التوجيهات تم الخروج باتفاق حول هذه المدونة الخاصة بالرقص التي تم نشرها و تكييفها تقريبا في كافة أنحاء أوروبا" مؤكدا أن البار كنوست (1891-1978) قد قدم مساهمة كبيرة بإنشاء أول مركز لتدوين الرقص سنة 1930 بهامبورغ (ألمانيا) الذي اصبح بذلك أول مدون احترافي.