الوليمة في اللغة مشتقٌ من الجمع والضم، يقولون: الوَلَم: هو الجمع والضم، ويقال: أَوْلم الرجل إذا اجتمع عقله وخلقه، وسُمي القَيْد في الرِجل وَلماً لأنه يجمع الرِجْلَين، واشتهر إطلاق الوليمة على الطعام الذي يُصنع للعرس لأن فيه اجتماع الزوجين، وكذلك فإن فيه اجتماع الناس للطعام، فالوليمة طعام العُرس، وقيل: هي كل طعام، والجمع ولائم. ولكن اشتهر إطلاقها واختصاصها بطعام العرس، وقالوا: إن الوليمة تقع على كل دعوة تُتخذ لسرورٍ حادثٍ من نكاح أو ختان أو غيره، لكن الأشهر استعمالها عند الإطلاق في النكاح وتُقيد في غيره، فإذا قيل وليمة يُفهم أنها وليمة النكاح، هذا إذا أطلقوا، وإذا أردنا غيرها نقول: وليمة الختان، وليمة السفر، وليمة النقيع ونحو ذلك من الأسماء، والدعوة أعم من الوليمة، فالدعوة ما دَعوت إليه من طعامٍ وشراب. أما بالنسبة لوليمة النكاح فهي ما يُصنع من الطعام بسبب النكاح، وأما وليمة الخُرس فهو الطعام الذي يُصنع لسلامة المرأة من الطلق في النفاس، وكذلك فإن هناك العقيقة وهو الطعام الذي يُصنع بسبب ولادة المولود، وقيل: إن العقيقة أصلها من الشَعر الذي يكون على رأس الصبي حين يولد، وسُميت بذلك لأنه يُحلق عنه في يوم سابعه، وهو اليوم التي تذبح فيه العقيقة، وقال بعض أهل العلم: إن العق هو القطع، والعقيقة هي الذبح نفسه، وهي اسمٌ للشاة المذبوحة عن المولود يوم السابع من ولادته. وقد اختلف أهل العلم فيها بين الوجوب والاستحباب، وجمهورهم على الاستحباب، ومن أدلة أهل الوجوب قول النبي صلى الله عليه وسلم: (كل غلامٍ رهينة بعقيقته) أي: مُرتهنٌ بها، والسُنة شاتانِ عن الغلام الذكر وشاة عن الأنثى، ويجوز أن يَذبح شاةً عن الذكر لما صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه عق عن الحسن والحُسين شاةً شاةً. وأما الوضيمة فهي ما يصنع من الطعام بسبب المصيبة لأهل الميت، وهي سنة، لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (اصنعوا لآل جعفر طعاماً، فقد جاءهم ما يشغلهم). أما إذا كان اجتماع على طعام يصنعه أهل الميت، فهو من النياحة المحرمة، وقد جاء النص بذلك عن الصحابي جرير بن عبد الله رضي الله عنه قال: كنا نعد الاجتماع إلى أهل الميت وصنعهم الطعام بعد دفنه من النياحة. أما ما يفعله أهل البيت من صنع طعام، وجمع الناس عليه أول يوم وثاني يوم وثالث يوم فهو من النياحة، وهو حرام، ولا يجوز الأكل منه مطلقاً. فإذا صنعوا طعاماً لأنه أتاهم ما يشغلهم، أو صنعوا للضيوف الذين جاءوا من بعيد، فناموا عندهم وأكلوا معهم فهذا لا بأس به، أما أن يصنعوا طعاماً يُدعى إليه الناس والجيران والمعزون فهذا من البدع المحدثة وهو حرام.