يتخذ كثير من الحجاج وأهاليهم بكثير من مناطق ولاية الجلفة من مناسبة أداء مناسك الحج فرصة لإقامة الأفراح، وتتواصل الأيام التي ينقطع فيها الحاج عن العالم الخارجي إلا عن الصلاة والتعبد• وتذهب مظاهر الاحتفال بعودة الحاج من البقاع المقدسة إلى حد إطلاق العنان لمنبهات السيارات وطلقات البارود لدى نقله من وإلى المطار، ودهن منزله وإقامة مآدب قبيل وبعد أداء الشعيرة الدينية يدعى لها الكثير من الخلق ممن يعرف ولا يعرف، وتنفق فيها ملايين الدنانير• وتحوّلت الولائم التي تقام للحجاج إلى مصدر قلق و أرق لهؤلاء، لتكاليفها التي أصبحت تزداد سنة بعد أخرى، وانتشار ظاهرة التفاخر بين الحجاج حول من يقصده أكبر عدد من المباركين ومن يقيم لهم أفضل الولائم• الحاج الربيع فرق، الذي التقيناه بحي المحطة بعين وسارة، أكد أنه حضّر وليمة للمباركين له بالحج قبل الذهاب إلى البقاع المقدسة ،ومنذ بروز اسمه في القرعة الخاصة بالحج، حيث اشترى السميد والدقيق لإعداد الكسكسي، وخصص مبلغا ماليا هاما لشراء الخرفان• ويؤكد ذات الحاج أن أقل وليمة تكلف أزيد من 8 ملايين سنتيم، ثلاث أرباعها تذهب لشراء الخرفان والبقية لأعداد الكسكسي والبيض والعسل والحلويات والمشروبات، تقدم خلال فترة لا تقل عن أربعة أيام• ويساعد الأقارب والأبناء الحاج في تقديم الأكل للمباركين، حيث يتفق مابين 3 و4 أشخاص على إعداد الطعام في الغداء ومثلهم في العشاء، حيث يحضر كل واحد منهم من 12 إلى 20 صحنا مملوءا بالكسكسي واللحم• وأكد واحد ممن حضروا وليمة العودة السالمة لأحد الحجاج أن عدد الوافدين ذلك اليوم تعدى ال 400 شخصا، استغلوا الفرصة للتمتع بأشهى أنواع الأطعمة التي لا تتسنى لهم فرصة تناولها متى شاؤوا، في حين أكد مواطن آخر أنه سبق له أن حضر وليمة مماثلة ضمت على الأقل 600 شخصا، خاصة أن المباركة للحاج لا تحتاج دعوة بل الدعوة مفتوحة لجميع من يعرفه ومن يرافقهم• وإذا كانت الوليمة تقتصر على الكسكسي لأغلب الحجاج مع الحلويات والقهوة والشاي، فإن ذلك لا يعني كرما إذا لم يكن مرفوقا بالعسل والبيض والمشروبات، وحتى اللبن والرائب• غير أن الوليمة، ورغم غلائها، لا يمكن أن تشكل عائقا أمام الحجاج بفضل التضامن الاجتماعي الذي يميز سكان ولاية الجلفة ببلدياتها ال ,36 حيث يقوم أهل عمومته وأصهاره وأولاده وحتى جيرانه وأصدقاؤه، وبشكل متناوب، بتحضير الأكل للمباركين• وذكر أحد السكان أن الوليمة بعد العودة من الحج ليست ما يؤرق الحاج وحدها، فهناك العشاء الذي يحضر عند المغادرة، وهو عشاء يسمى عشاء الوداع توجه فيه دعوة الحضور للأهل والأقارب والجيران•