ما أعظم كلمة "الحمد لله"، إنها حسنات ثقيلة في ميزان المسلم يلقى اللهَ تعالى بها فيرضى عنه ويكرمه، وهل الحمد إلا لله تعالى، فهو الخليق به سبحانه، إنه الخالق والرزاق وذو الأفضال الكثيرة التي لا تعد ولا تحصى (وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَتَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا) (إبراهيم : 34). و "الحمد لله" فضل منه تعالى على العباد أن علّمهم أن يحمدوه فيصبحوا قريبين من جوده وكرمه ووِدّه ورضوانه، فقد روى أبو سعيد بن المعلى رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له: (لأُعلّمنّك سورة هي أعظم السور في القرآن، قبل أن تخرج من المسجد). ثم أخذ بيدي، فلما أراد أن يخرج، قلت له: ألم تقل: لأُعلمنك سورة هي أعظم سورة في القرآن). قال: (الحمد لله رب العالمين، هي السبع المثاني، والقرآن العظيم الذي أوتيته) رواه البخاري. وقد بدأت خمسُ سور في القرآن الكريم بالحمدلة، وهي الفاتحة والأنعام والكهف وسبأ وفاطر، للدِلالة على عِظم فوائد حمد الله تعالى، وقد كانت الفاتحة أعظم سورة في القرآن لأمور عديدة منها ابتداؤها بالحمدلة. وعلمنا الحبيب المصطفى أن نحمد الله تعالى حين نستيقظ من سبات هو كالموت، فقال صلى الله عليه وسلم: (الحمد لله الذي أحيانا بعد ما أماتنا وإليه النشور). رواه البخاري، والدليل على أن النوم كالموت قوله تعالى في سورة الأنعام: (وَهُوَ الَّذِي يَتَوَفَّاكُمْ بِاللَّيْلِ) (الأنعام : 60)، أفلا نشكر الملك العليم العلام على أن أحيانا بعدما أماتنا؟ والحمد أكبر من الشكر، فالشكر لما يحب الإنسان ويأنس له فقط، لقوله تعالى: (وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ) (إبراهيم : 7)، أما الحمد فللسراء والضراء، فكان الحمد أعم وأكبر، ومما يدل على أن الحمد للسراء كما هي للضراء ما رواه أنس بن مالك رضي الله عنه قال: كان غلام يهودي يخدم النبي صلى الله عليه وسلم فمرض، فأتاه النبي صلى الله عليه وسلم يعوده، فقعد عند رأسه، فقال له: (أسلم) فنظر إلى أبيه وهو عنده فقال له: أطع أبا القاسم، فأسلم الغلام، فخرج النبي صلى الله عليه وسلم وهو يقول: (الحمد لله الذي أنقذه من النار) أخرجه البخاري.