يثير مسلسل "الفاروق" الذي يتناول حياة وحكم ثاني الخلفاء الراشدين عمر بن الخطاب جدلا كبيرا حول تصويره في المغرب، علما أن الاستعدادات قائمة للبدء في تصوير المسلسل في المغرب خلال الأسابيع المقبلة، وتشير مصادر فنية مغربية إلى أن هناك شركات مغربية وأجنبية متخصصة في الإنتاج السينمائي والفني وصناعة الديكور بتكاليف عالية تعمل حالياً على تشييد ديكورات ضخمة تجسد المشاهد المعروفة قديما في مدينة مكة. غير أن المركز السينمائي المغربي وهو أعلى هيئة رسمية تمنح التراخيص للمنتجين لتصوير أفلامهم ومسلسلاتهم على الأراضي المغربية نفى لصحيفة "الاتحاد" الإماراتية أن يكون قد منح ترخيصاً لبدء تصوير هذا العمل الذي يجسد فيه الفنان السوري غسان مسعود شخصية الفاروق عمر بن الخطاب. وأكد مدير المركز نور الدين الصايل أن إصدار التراخيص يتطلب الكثير من الوقت "لقراءة السيناريو ومعرفة مدى مطابقته للشروط والمعايير المعمول بها، والتي من الواجب احترامها، كما أن هناك لجنة تدرس السيناريو دراسة دقيقة قبل منح الترخيص أو رفضه". وكان المجمع الفقهي الإسلامي في رابطة العالم الإسلامي جدد تأكيده على قراره السابق بتحريم إنتاج الأفلام والمسلسلات التي تشخص الأنبياء والصحابة وترويجها والدعاية لها واقتنائها ومشاهدتها والإسهام فيها وعرضها في القنوات، وأكد المجمع في بيان أصدره قبل أيام أنه "لا مبرر لمن يدعي أن في تلك المسلسلات التمثيلية والأفلام السينمائية التعرف عليهم وعلى سيرتهم لأن كتاب الله قد كفى وشفى في ذلك". وكانت مجموعة "ام بي سي" التلفزيونية والتلفزيون القطري أعلنا في وقت سابق أنهما سينتجان معا مسلسلا "غير مسبوق من حيث ضخامة الإنتاج" يتمتع بميزانية مفتوحة يتناول سيرة الخليفة عمر بن الخطاب. واعتبر رئيس "ام بي سي" الشيخ وليد آل إبراهيم في مؤتمر صحافي أن مسلسل "الفاروق عمر" يبرز شخصية الخليفة الذي ارتبط اسمه "بالحكم الرشيد والعدل الشامل والوسطية" بعيدا عن "التطرف والعنف"، وهي شخصية يحتاج العالم اليوم إلى العودة لها بحسب آل إبراهيم، ويرى بعض المراقبين أن هذا النوع من الأعمال يعد نقله كبيرة في الدراما العربية وإن لم يصل إلى التصوير الكامل للأنبياء والحواريين كما هو الحال في السينما والدراما الغربية التي تتناول سير أنبياء اليهود والمسيح وحوارييه. وتكمن أهمية مسلسل "الفاروق" حسب الشيخ وليد في "استلهام شخصية استثنائية من عصر الرسالة التأسيسي ... ليكون نموذجا ساميا للحاكم المتواضع والحكم الرشيد والعدل الشامل والرعاية الاجتماعية ومفهوم المواطنة والوسطية في الإسلام دون تطرف أو عنف... وتلك الشخصية التي تحتاج إليها الأمة الإسلامية في يومنا هذا أكثر من أي وقت مضى". وكان مسلسل القعقاع الذي عرض في رمضان السابق جسد شخصيات الخلفاء الراشدين دون أن يظهر وجوههم. وأكد مخرج المسلسل المثنى صبح أنه حصل على موافقة رجال الدين على تجسيد الصحابة والخلفاء الراشدين بهذه الطريقة "بعدما اتفقوا على أن ذلك لا يسيء لمظهر خلفاء الرسول". وكان فيلم الرسالة قدم شخصيات الصحابة وأبرزهم الحمزة عم الرسول، لكنه تجنب تقديم شخصيات الخلفاء الراشدين، في حين قدم فيلم القادسية شخصية سعد بن أبي وقاص وهو من المبشرين بالجنة ومن أقرب الصحابة وجسدها الممثل المصري عزت العلايلي. كما قدمت الدراما العربية بعضا من المبشرين بالجنة من صحابة الرسول مثل عمار بن ياسر وسعد بن أبي وقاص ولكنها تجنبت في وقت سابق تقديم بقية الصحابة وخاصة الخلفاء الراشدين. في حين أن دولة إسلامية كإيران قامت بتجسيد شخصيات الأنبياء والأئمة (النبي يوسف والإمام علي الرضا وغيرهم) في أعمالها الفنية دون أن يسبب ذلك أية مشاكل، وكانت سوريا منعت تصوير مسلسل "الأسباط" الذي يصور شخصيتي الحسن والحسين أبناء الخليفة علي بن أبي طالب، فضلا عن منع بث المسلسل الإيراني "المسيح" في لبنان والإشكالات التي أثيرت حول المسلسل الإيراني "يوسف الصديق" ومسلسل "أبناء الرشيد" وغيرهم.