أكد السيد طاهر سليم، ممثل عن الاتحادية الوطنية للحرفيين، أنه ورغم المشاكل والصعوبات التي تعاني منها فئة الحرفيين في الجزائر إلا أن نسبة من الشباب مازالت تستهويهم فكرة العمل في هذا المجال، وقد سجلت الأشهر الأولى من سنة 2010 انخراط 833 حرفي جديد في مختلف الحرف خاصة صناعة الحلي منها. تتميز بعض أحياء القصبة بوجود حرفيين من الجيل القديم لايزالون متمسكين بصناعة الحلي الفضية رغم إبداء الكثير منهم امتعاضهم واستياءهم من ظروف العمل الحالية، والتي تشهد تراجعا سنة بعد أخرى، ما لم يسمح لهم بتطوير الحرفة وصيانتها من الزوال بسبب المشاكل التي يعاني منها الحرفيون في الجزائر ومطالبتهم الدائمة بقوانين ومساعدات مختلفة من قروض مالية أو محلات دائمة، ناهيك عن الارتفاع الفاحش في المواد الأولية التي تستعمل في الصناعة الحرفية. إلا أن الواضح أن الإقبال على تعلم بعض من هذه الحرف التي لاتزال مستمرا من قبل المواطنين خاصة صناعة الحلي الفضية، هذه الحرفة التي لم تلغ كلية من الذاكرة الاجتماعية للعديد منهم والإقبال عليها مازال موجودا خاصة في الأفراح والمناسبات الاجتماعية المختلفة، وتعتبر من أكثر الحرف التي مازالت تستقطب اهتمام فئات عديدة من المجتمع. الإكسسوارات المستوردة لم تلغ خصوصية الفضة تعتبر حرفة الفضة إحدى الصناعات التقليدية القديمة، والبارزة في العديد من مناطق التراب الوطني ولاسيما منطقة القبائل، الأوراس، والجنوب الجزائري، والتي رغم قلة الحرفيين الذين يمتهنونها، إلا أنها لازالت تقاوم أمام ضغط الاستيراد الخارجي الذي أضحى يهدد مصدر دخل معظم الحرفيين. وحتى وان كانت الإكسسوارات المستوردة لا تستطيع إلغاء خصوصية الفضة إلا أنها بدأت في مزاحمتها نظرا لفرق السعر الكبير الموجود بينهما، ضف إليها غياب إستراتيجية وطنية شاملة لدعم الحرف التقليدية ببلدنا، الأمر الذي جعل صائغي الفضة بين خياران إما زيادة أسعارها لارتفاع أسعار المواد الأولية أو التخلي عنها رغم الخصوصية التي تتمتع بها المصوغات الفضية الجزائرية والتي لا يمكن للمستورد أن يعوضها خاصة ما يستعمل منها لتزيين العروس. غياب المادة الأولية صعّب من استمرارية الحرفة طالب حرفيو الفضة المتواجدون بحي القصبة العتيق وورشات العمل بضواحي العاصمة، بضرورة تكفل السلطات الوصية على قطاع الصناعات التقليدية بتسوية وضعيتهم، وذلك بعد النداءات المتكررة للمعنيين منذ سنتين، والداعية لدعم القطاع. وذكر بعض حرفيي الفضة أنه من بين الصعوبات التي تعترض سبيل عملهم، عدم توفر المادة الأولية التي شبه البعض منهم البحث عنها بالمهمة المستحيلة ما جعل عملهم يزداد صعوبة. مشيرين إلى أن هذا الأمر استدعى لجوء معظم صائغي حرفة الفضة إلى تذويب الفضة القديمة التي يتم شراؤها من قبل بعض النسوة، والعمل على تحويلها إلى مواد خام جديدة، وهو ما ينجم عنه لا محالة هدر هذا التراث الفني الأصيل. وفي ذات السياق، أوضح صائغو الفضة أن هذه الوضعية المزرية لم تعد توفر العيش الكريم للعائلات نظرا لعدم تسويقها، بالإضافة إلى أنها لم تسمح لهم بتعليم هذه الحرفة لبعض الشباب التواق لكل ما هو تقليدي، حيث قال أحد الحرفيين السيد ''علي يزيد'' صائغ الفضة بدار الحرف التقليدية بحي باب الوادي، أنه قام مؤخرا بتسريح المتربصين من ورشته، وأرجع السبب في ذلك لعدم وجود المادة الأولية التي يشتغل بها، فضلا عن عدم قدرته على دفع المستحقات الرمزية لهؤلاء المتربصين، نظرا لقلة المبيعات زد إليها ضعف إقبال الفتيات على اقتناء الفضة وتعويضها بموضة الإكسسوارات. ولأجل تطوير القطاع وإعادة بعثه وإحياء نشاطه، اقترح الحرفيون ضرورة دعم الدولة للحرفي من الناحية المعنوية والمادية، حيث تقوم هذه الأخيرة بشراء الحلي من الحرفيين والعمل على تسويقها، أيضا السعي إلى توفير المادة الأولية بأسعار معقولة، وكذا تخفيض عملية كراء المحلات للحرفيين، وذلك من خلال منح الحرفيين قروضا ميسرة تمكنهم من إدخال وسائل حديثة لتسهيل عملية الإنتاج، وتطوير الحرفة، إلى جانب إقامة العديد من المعارض المحلية والدولية للتعريف بالحلي التقليدية، ومن ثم المساهمة في تصريف الإنتاج المحلي، وضمان المحافظة على هذه الحرفة من الزوال والاندثار.