تعتبر حرفة الفضة إحدى الصناعات التقليدية القديمة، والبارزة في العديد من مناطق التراب الوطني، لاسيما منطقة القبائل، الأوراس، والجنوب الجزائري، والتي رغم قلة الحرفيين الذين يمتهنون هذه الحرفة بها، إلا أنها لازالت تقاوم أمام ضغط الإستيراد الخارجي الذي أضحى يهدد مصدر دخل معظم الحرفيين، ضف إليها غياب استراتيجية وطنية شاملة لدعم الحرف التقليدية ببلدنا، الأمر الذي جعل سائغو الفضة بين مطرقة الفقر، وسندان زوال هذه الحرفة. ولرصد واقع سائغو الفضة، قامت "الأمة العربية" بجولة في بعض أحياء العاصمة، واقتربت من بعض الحرفيين الذين أبدوا امتعاضهم واستياءهم من ظروف العمل الحالية، والتي تشهد تراجعا سنة وراء سنة، ما لم يسمح لهم بتطوير الحرفة وصيانتها من الزوال. طالب حرفيو الفضة الذين إلتقت بهم "الأمة العربية" ببعض محلات بيع الحلي، وورشات العمل بضواحي العاصمة، على ضرورة تكفل السلطات الوصية على قطاع الصناعات التقليدية بتسوية وضعيتهم، وذلك بعد النداءات المتتكررة للمعنيين منذ سنتين، والداعية لدعم القطاع، إلا أنه ولحد الأن كما قال محدثونا " لاحياة لمن تنادي". وأضاف حرفيو الفضة أنه من بين الصعوبات التي تعترض سبيل عملهم، عدم توفر المادة الأولية التي أصبح البحث عنها حسب قولهم ب "المرض المزمن"، ما جعل عملهم يزداد صعوبة، مشيرين أن هذا الأمر استدعى لجوء معظم صائغي حرفة الفضة إلى تذويب الفضة القديمة التي تم شراؤها من قبل بعض النسوة، والعمل على تحويلها إلى مواد خام جديدة، وهو ما ينجم عنه لامحال هدر هذا التراث الفني الأصيل.. وفي ذات السياق، أوضح سائغو الفضة أن هذه الوضعية المزرية، لم تعد توفر العيش الكريم للعائلات نظرا لعدم تسويقها، بالإضافة الى أنها لم تسمح لهم بتعليم هذه الحرفة لبعض الشباب التواق لكل ماهو تقليدي، بحيث قال أحد الحرفيين السيد "حاج علي يزيد" سائغ الفضة بدار الحرف التقليدية بحي باب الوادي، أنه قام مؤخرا بتسريح المتربصين من ورشته، وأرجع السبب في ذلك لعدم وجود المادة الأولية التي يشتغل بها، فضلا عن عدم قدرته من دفع المستحقات الرمزية لهؤلاء المتربصين، نظرا لقلة المبيعات، زد إليها ضعف إقبال الجزائريات على اقتناء الفضة وتعويضها بموضة الإكسسوارات. ومن ثم ولأجل تطوير القطاع وإعادة بعثه وإحياء نشاطه، إقترح الحرفيون ضرورة دعم الدولة للحرفي من الناحية المعنوية والمادية، بحيث تقوم هذه الأخيرة بشراء الحلي من الحرفيين والعمل على تسويقها، أيضا السعي على توفير المادة الأولية بأسعارمعقولة، وكذا تخفيض عملية كراء المحلات للحرفيين، وذلك من خلال منح الحرفيين قروضا ميسرة تمكنهم من إدخال وسائل حديثة لتسهيل عملية الإنتاج، و تطوير الحرفة، إلى جانب إقامة العديد من المعارض المحلية والدولية للتعريف بالحلي التقليدي، ومن ثم المساهمة في تصريف الإنتاج المحلي، وضمان المحافظة على هذه الحرفة من الزوال والاندثار.