يجتاز الكثير من التلاميذ المتمدرسين في الطور المتوسط هذه الأيام باستثناء مترشحين السنة الرابعة، امتحانات استدراكية يعيد من خلالها التلميذ استدراك ما فاته من نقاط في المواد الأساسية كاللغات الأجنبية الرياضيات اللغة العربية كأقصى تقدير، وقد خلفت هذه الامتحانات ردود فعل متباينة وسط الممتحنين ذاتهم أو من طرف أوليائهم وكذا أساتذتهم. ياسمين ب تعد الامتحانات الاستدراكية اجراء جديدا مازال في بداياته الأولى، إذ تهدف وزارة التربية والتعليم من خلاله من سياسة الاصلاح التي تسعى الى تطبيقها نحو تمكين الطالب من تدارك أخطائه وإعطائه فرصة ثانية من أجل تفادي إعادة سنة كاملة مقبل بعض النقاط التي يمكن له أن يحسنها مقابل اجتيازه الامتحان مرة ثانية فقط. تلاميذ المتوسط يستشعرون طعم "الراتراباج" قبل مرحلة الجامعة إلا أن الإجراء الجديد قد خلف ردود فعل متباينة بين مرحب بالفكرة، ويعتبرها بادرة خير للطالب من أجل تفادي السقوط في مشكلة إعادة سنة كاملة، وبين من يعتبرها مجرد مضيعة للوقت واستهزاء بالطالب كما أنها تشجيع له وبطريقة غير مباشرة على الكسل واللعب طول العام، مادام أن الامتحانات ستعاد مرة أخرى. فحسب ما يقول محمد وهو تلميذ في السنة الثانية متوسط، أن الامتحان لا يتعدى مجرد تضييع للوقت، لأنه اعتاد على ذلك سبق له وأن اجتازها العام الماضي، فلو كان الاختيار بيده كما يقول لما اجتازه أبدا لأن الوالدين هما ضغطا عليه، بينما لو كان الأمر بيده وكانت له حرية الاختيار لذهب الى البحر مع أصدقاءه بدل تضييعه الوقت في المراجعة و عيش ضغط الامتحان مرة ثانية. زهو نفس ما يراه ايوب الذي رفض الفكرة جملة وتفصيلا ولم يكلف نفسه حتى الذهاب الى المتوسطة لمعرفة النتائج وإذا كان معنيا بالاختبار الاستدراكي، لأنه حسب ما تنص عليه هذه الأخيرة لابد أن يكون رصيد الطالب قريب نوعا ما من المعدل المقرر للانتقال و حسب رغبة الطالب كذلك فهو " مخير وليس مجبر على ذلك ". إستحسان الأولياء للقرار مقابل رفض الأبناء له وفي مقابل ذلك لقي هذا القرار استحسانا واسعا من قبل الأولياء الذين استبشروا فيه خيرا، في سبيل تجنب وقوع أبنائهم في فخ إعادة السنة بسب بضع نقاط أصبح بإمكانهم تداركها بفضل هذا النظام، فالسيدة ربيعة وهي والدة لعبد النور، وهو تلميذ في الثانية متوسط تعتبرها فرصة حقيقية لابنها لكي لا يعيد السنة وهي بدورها تبارك جدا ذلك ولو أنها تتمنى لو نجح خلال العام الدراسي بطريقة عادية ولم يصل الى هذا الحد، مضيفة، " لا شيء يمكن أن يعوض النجاح الذي يحققه الابن دون مساعدة أو انقاض، ففي الوقت الذي يستمتع به الناجحون من أصدقائه مع عائلتهم بالعطلة، يتجرع ابنها مرارة الاخفاق التي تتضاف مع أشعة الشمس. بينما تصر الوالدة كريمة على ابنها أيوب الذي رفض اجتياز الامتحان مرة أخرى جملة وتفصيلا، وذلك بسب اصراره على ترك مقاعد الدراسة رغم أنه لم يجتز بعد شهادة التعليم المتوسط، فهي ترى فيها فرصة يمكن له أن يعيد النظر في قراره ويرتب أموره بشأن مستقبله الدراسي، فالامتحانات هذه يمكن أن تنقذ ابنها من خطر خروجه المبكر من الدراسة، وهي فرصته الأخيرة فإن لم يحسن استغلالها سيجد نفسه لامحالة في الشارع دون أي مستوى، وهو ما يعني مواجهته للمشاكل في سن مبكر. " حلول ترقيعية.. تعكس رداءة وهشاشة منظومتنا التربوية " بين ترحيب الآباء و رفض بعض الأبناء، يعتقد الكثير من الجامعيين و ذويي المستوى العلمي العالي أن مثل هذه الاجراءات من شأنها أن تفقد المنظومة التربوية في بلادنا جوهرها الحقيقي، فالواقع يحمل الكثير من نماذج الشباب الجامعيين الذين اعتادوا الكسل والتهاون طيلة عام كامل من الدراسة، ليجعلوا من الامتحانات الاستدراكية في نهاية السنة يتجنبون من خلاله إعادة السنة، فكيف لهم ألا يتكلوا وقد شجعهم "السانتاز" و "الراتراباج" على تضييع الوقت، وهو نفس الأمر الذي تم تطبيقه على تلاميذ المتوسطات، فالكثير من الأساتذة يعتقدون أنها تشجيع لهم وإلى غاية وصولهم الى مرحلة الجامعة على الاتكال و واللامبالاة. فالتلميذ الذي ينشأ في بدايات سنوات الأولى من التعليم على فكرة أنه مهما كانت نتائج امتحاناته متدنية فإنها لا تعني النهاية وستكون له فرصة بعد ذلك الى غاية حصوله على الشهادة في نهاية المشوار، فكيف له أن يبدع و ينجح فكأننا نقول له " مهما كان مستواك ومهما بلغ سوء علاماتك فلا داعي للقلق فالحل موجود، وتكريس الرداءة مزال طويلا، لا تهتم ولا تبحث عن النجاح ولا تبذل جهدك وطاقتك في هذا الأمر لأنه في النهاية طريقك ومستقبلك واضح ولا نحتاج اليك". فالكثير من الأساتذة والمختصين يرون أن ذلك مبرر للرداءة والهشاشة في منظومتنا التربوية، فبدل البحث عن حلول جدية واستعجالية من أجل انعاش قطاع التربوي، أصبحنا نغطي أخطاءنا بحلول ترقيعية سرعان ما تظهر نتائجها السلبية في الواقع المعاش.