يستعد حزب "العدالة والتنمية" الحاكم في تركيا لتوجيه ضربة قاضية للدور السياسي للجيش المتصلة بدوره وواجباته. حيث سيقضي رئيس الوزراء رجب طيب أردوغان ورفاقه على آخر احتمال لعودة الجيش إلى الساحة السياسية بعد توجيهه ضربات قوية إليه من خلال محاكمة عدد ضخم من قياداته وضباطه لاتهامهم بالتخطيط لانقلاب عسكري والزج بمئات منهم في السجن في انتظار أحكام يتأخر إصدارها عن محاكم خاصة تنظر فيها، ومنذ وضع المادة ال35 المشهورة في قانون خدمة الجيش والتي تنص صراحة على أن حماية النظام الجمهوري الذي أسسه مصطفى كمال أتاتورك هو "واجب" الجيش لم يجرؤ سياسي أو حكومة على اقتراح تغيير هذه المادة إلا "حزب الشعب الجمهوري" قبل نحو خمس سنوات، ويهدف حزب المعارضة عند طرحه تغيير المادة إحراج الحكومة وأردوغان في وقت كانت العلاقة بين الحكومة والجيش في أوج توترها، وكان رفاق سلاح أتاتورك يستعدون للفتك بأردوغان وحكومته على يد المحكمة الدستورية التي اتهمت حزب "العدالة والتنمية" بالسعي إلى تقويض العلمانية في تركيا لكنها لم تأمر بحله مكتفية بإنذاره وتغريمه ماليا، وفاجأ بكير بوزداغ نائب رئيس الوزراء البرلمان بإعلانه طرح مسودة مشروع لتغيير كامل لقانون الخدمة الداخلية للجيش وحصر دوره في صد أي عدوان خارجي على تركيا وتلقين فنون القتال، المشروع تدعمه كل الأحزاب التي عانت منذ وضع القانون العام 1934، ثلاثة انقلابات عسكرية فعلية ورابعا دفع به الجيش من خلال ساسة واقتصاديين ضد الإسلامي نجم الدين أربكان العام 1997، وكانت الحجة الدائمة للعسكر "حماية" الجمهورية التي اعتبروا أنفسهم الوريث الشرعي لها والأحق بالدفاع عن الإرث السياسي والاجتماعي لأتاتورك، في سياق مغاير قال "حسين جليك" نائب رئيس حزب العدالة والتنمية الحاكم في تركيا معلقًا على الأحداث التي رافقت هجوم مجموعة من الأشخاص على موقع عمل تطوير أحد مخافر الدرك في ولاية "ديار بكر" الواقعة في جنوب تركيا: "إن من قام بهذا العمل يهدف إلى عرقلة مسيرة السلام الداخلي"، وكانت مجموعة تنتمي لحزب السلام والديمقراطية مؤلفة من حوالي 250 شخصًا قد توجهت إلى موقع العمل الذي يجري فيه تطوير أحد المخافر التابعة لقوات الدرك التركية، في قرية "قاياجيق" التابعة لولاية "ديار بكر" للاحتجاج على المشروع ولدى وصولهم إلى الموقع قاموا برمي الزجاجات الحارقة، والقنابل المصنعة يدويا على خيم العمال المنصوبة في المكان، ما استدعى تدخل قوات الدرك التي أطلقت النار في الهواء والغاز المسيل للدموع وأدى الاحتكاك بين الجانبين إلى مقتل شخص وجرح تسعة آخرين.