لا تفصلنا سوي ايام معدودة على مولد نبينا المختار و امام الابرار ..هو مولد خير الانام و الذي بولادته اضاء له الكون و انشق له القمر و بذكره تذوب الانفس شوقا اليه ، و بقروب الثاني عشر من ربيع الأول يستعد المسلمون في كل بقاع العالم للإحتفال بهذا اليوم المبارك ليبس بإعتباره عيدا و انما بما يحمله من روحانية خاصة و فرح عارم يسود المعمورة ، و كعاداتها عودتنا العائلات الجزائرية على استقبال مولد المصطفى بأجمل الصور و تترقبه منذ بداية الشهر بشوق و لهفة و لكن يبدو أن زمننا فقد بعض من روائح هذا اليوم المبارك التي اختلطت نسائمه و للأسف بروائح "البومبة" و "الشيطانة" و "المجنونة" بدل إقامة المجالس الدينية و حضور الدروس المحمدية و انشاد قصائد في مدح النبي كما كان معمولا به في ايام اجدادنا و لم يات هذا الحديث من العدم و انما هو من فلب المجتمع الذي اضحى يستهلك ما يميت و ما يعكر صفو هذا اليوم ... جريدة "المستقبل العربي" تجولت في شوارع العاصمة و رصدت بعض الصور للتحضيرات المسبقة لهذا الحدث الديني من طرف تجار المفرقعات و المستهلكين لها . تجارة المفرقعات مستمرة رغم "السيزي" بمحاذاة جامع اليهود بساحة الشهداء أين جعل تجار المفرقعات من ساحتها مكانا مفضلا لتجارتهم و الترويج لبضاعتهم و التي لقيت اقبالا من مختلف الأعمار و لا يقتصر البيع و الشراء على العاصمين فحسب بل يتعداه الى بائعي التجزئة مع مراعاة هامش الربح و تعتبر ساحة الشهداء بمثابة بورصة لهذا النوع من التجارة بخصوص الأسعار علما ان البائعين عادة لا يتوفرون على سجلات تجارية يحصلون على سلعهم من اشخاص يتكفلون بالاستيراد و التصدير بسجلات وهمية للإفلات من رقابة الجمارك خاصة و ان القانون المنظم لهذا النوع من التجارة لم يتم تحيينه و تعديله بمواد صارمة بخصوص الاستيراد من مناطق شرق اسيا عبر موانئ الخليج و خاصة دبي ، لما أصبحت تخلفه من أضرار خطيرة على سلامة الأطفال حيث تطالعنا الجرائد الوطنية مع حلول المولد النبوي الشريف بحوادث مؤسفة يترتب عنها فقدان البصر و الموت في بعض الأحيان لمن لهم امراض مزمنة كضغط الدم يمكن أن يؤدي الى سكتة قلبية لأنه حدث تطوير رهيب في صنع هذه المفرقعات والتي حذرت منها وزارة الصحة والسكان وإصلاح المستشفيات المواطنين من أخطار استعمالها منددة بالتصرفات الطائشة التي يتحلى بها شبابنا اليوم دون اداركهم لما قد يتسببون به الى حوادت نحن في غنى عنها كما دعت الى التحلي باليقظة لتفادي أضرار هذه المنتوجات على صحتهم ، إلا أنه يبدو ما باليد حيلة لمواجهة هذا الخطر خاصة ان هؤلاء التجار جعلوها مصدر استرازق و عيش لهم كبيع الزلابية في رمضان الا أن الملاحظ أن كمية المفرقعات المعروضة أصبحت هذه السنة قليلة نسبية بسبب اجراءات التضييق على بارونات التهريب و التي تسهر على مكافحتها مصالح الجمارك و التي حجزت في هذه الايام الفائتة كميات كبيرة منها قادمة من بلاد العملاق النائم "الصين" على مستوى ميناء الجزائر خاصة مع ما اضحت تشكله من هاجس مخيف للعائلات الجزائرية و اصبح الحذر و الحيطة ضرورين في استعمالها و برقابة الاباء ، غير أن المهربين و تجار السوق السوداء لهم تجربة في التحايل و اكتشاف طرق جديدة لجلب "المفرقعات" و بيعها بالجملة و التجزئة و هو ما أفادنا به احد تجار المفرقعات السيد "مراد" و الذي تعرف طاولته اقبالا من طرف المستهلكين حيث يقول : " ليس لنا مصدر للإسترزاق الا في مثل هذه المناسبات مع عدم توفر فرص العمل و أن حركة التجارة في المفرقعات هذه السنة أضحت محدودة و قلت نسبيا مقارنة بالعام الماضي بسبب "السيزي" البتي تقوم به أجهزة الرقابة " و يضيف أن العائلات و الآباء يقدمون على اقتنائها ارضاءا لرغبات فلذات أكبادهم بغض النظر عن سعرها ." اسعارها تراوحت مابين 10 دج الى 2000 دج و دفعنا الفضول لمعرفة أسعار مختلف المفرقعات التي تذهل مشتريها فهي تصل الى أسعار جنونية تجعل الكثير من الناس يحجمون و يترددون على اقتناءها فيما يقدم آخرون على صرف ملايين عليها من باب التباهي و تمضية الوقت ،،خاصة مع الانواع الجديدة التي تعددت اسماءها و وصلت اسعارها الى 2000 دج وهو ما اكده لنا أحد التجار ، فعلبة دوبل البومب الواحدة المتكونة من 12 مفرقعة قدرت بقيمة 500 دج و هي الاكثر طلبا من طرف الشباب بالاضافة الى القنبلة اليدوية التي يبلغ سعرها 75 دج ، فيما تراوح سعر الشيطانة بالجملة ب 580 دج اما المفرقعات الصغيرة فبسعر 10 دنانير للواحدة هذا دون الحديث عن الأنواع الاخرى المنتشرة كالمرقازة و البولة و سي فلور ،الزندة ،البازوكة ،العكري و التي دخلت لأراضي الجزائر في السنوات الفائتة و اغرت محبي "المحارق" في تجربتها . المولود بالمحارق بين الرفض و القبول و في ذات السياق ، تبادلنا اطراف الحديث مع المواطنين حول "المولد النبوي الشريف و ما نشهده من بعض الطيش في استعمال المفرقعات و الذي تصادف وجودنا معهم في ساحة الشهداء حيث تذكرت الحاجة "جميلة" المولود في صباها مع عائلتها و تقول بأن "ناس زمان" كانوا يحتفلون به عشر ايام من قبل بحلقات الذكر التي تقام في المساجد و مع حلوله يستيقظ الرجال على صوت اذان الفجر لإطلاق البارود و تتحضر النساء لصنع اجمل المأكولات بدءا بالمعجنات كالمسمن و الخفاف و العيش و انتهاء بتحضير "الشخشوخة" و الرشتة" مع مرق الدجاج و هو ما لا نزال نحافظ عليه لحد اليوم و لكن للأسف الغريب عنا هو دخول هذه المفرقعات و افسادها لنكهة الاحتفال خاصة مع الكوارث الجسمانية التي نشهدها في ذلك اليوم ، فالمحارق منافية لديننا الحنيف لما فيها من تبذير و اسراف للمال " و تضيف : " أنا أكتفي بشراء الشموع و العنبر و بعض النوالات لأحفادي و أسهر على سرد لهم قصص عن نبينا المختار في ليلتها" ، و من جهتها عبرت لنا خالتي "يمنة" عن استيائها لبعض تصرفات الشباب حيث يتقادفون هذه المفرقعات فيما بينهم و يرمونها على السيارات مما يزيد من تخوفنا على أبناءنا من خطرها و تقول : " نتأسف لهذه العادة الدخيلة التي استهوت شبابنا ، ففي ظرف سويعات قليلة تهدر أموال كثيرة و قد ينجر عنها حوادث مؤلمة و هو ما لا يجدر ان يبدر منا كمسلمين فشتان بين احتفالات الامس و اليوم ." ، فيما يرى الكثير ممن تحدثنا معهم أن " بنة المولود تحلى بالمحارق " على حد قولهم فمنهم من يحاول ان يجاري الواقع و منهم من يستخدمها من باب المعاندة حسب ما قالته لنا "سامية" : " لا أرفض أن اشتري لأولادي المفرقعات فأنا لا أحبذ حرمانهم منها خاصة انها أصبحت لعبة أبناء الجيران " ، أما العم "جلال" فيقول : " المفرقعات بالنسبة لي شيء عادي الا انني لا ابالغ في شراءها و ان قمت فإنني انا من اتولى تفجيرها و ليس والدي الصغيرين و لا اسمح لهما بتجربتها حفاظا على سلامتهما . رجال الدين يدعون الى الاحتفال بالمولد مع ضرورة مقاطعة المفرقعات و جراء ما نشهده من اعداد كبيرة من المتضررين في مثل هذه الايام منهم من فقد البصر و منهم من تسبب لهم بتشوهات و حروقات جسيمة تكثف مصالح الحماية المدنية و المستشفيات من دورها و تتأهب لإستقبال هذه الحالات وانقاذ ما تسببت به تجارة المفرقعات كما يدعو رجال الديني من منابر المساجد و الحق الى ضرورة التحلي بروح المسؤولية و الإبتعاد على هذه التصرفات الطائشة و استقبال المولد بإيمان قوي ، ففي اتصالنا مع الإمام "ادريس شرفي" نوه بدور الجمارك في التصدي لهذه التجارة التي لا تصح ربطها بالمولد النبوي الشريغف لأن هذا اليوم كبير جد على أن يحتفل به الجزائريين بالرمي العشوائي للمرفقعات و تحويل الفرح الى قرح و دعا في ذات الإطار شباب اليوم الى مقاطعة المفرقعات و الاقتداء بنبينا محمد و العمل على الاحتفال بهذا اليوم في أطر مشروعة تزيد من ارتباطنا بديننا و تقوي من ايماننا و لا يكون ذلك الى بالتراحم بين الناس و الاحسان اليهم و تبادل الزيارات بين العائلات لما في ذلك من تقوية لصلة الأرحام و الإكثار من الذكر و الصلاة على الحبيب و الاحتفال بختم القراءن ، فالاحتفال بالمولد ثبت جوازه في السنة و لكن ليس بالمفرقعات و ازعاج الأخرين و الحاق الضرر بهم و هذا بناءا على ما أمرنا به الرسول بأن نفرح بمولده صلى الله عليه وسلم لقوله تعالى "قل بفضل الله وبرحمته فبذلك فاليفرحوا هو خير مما يجمعون"