مدينة بومرداس، المدينة الساحلية التي كانت إلى عهد قريب، مدينة هادئة هدوء معاهد العلم والمعرفة، المعروفة بها، ثم تحولت إلى مدينة تستقطب أعدادا غفيرة من الزوار الباحثين عن دفء الطبيعة الذي توفره المدينة، بشواطئها الجميلة، نهارا تجد الشاطئ الذي اقتسمه بعض التجار ليصبح شبه مملكة خاصة، كي تظفر بمكان قرب الماء عليك أن تدفع 200 دينار أو أكثر ثمن كراء شمسية وكراسي وطاولة، وليلا، تقصد العائلات الكورنيش للاستمتاع بدفء ولطافة الجو الرطب، وهي تروح وتجيء تحت الأضواء الخافتة لقناديل تحاول أن تصمد جاهدة أمام هجمات الرطوبة المالحة، ورائحة الشاي المنعنع الذي يعده صناعه المختصون القادمون من الجنوب الجزائري، يقدمونه في أكواب بلاستيكية، تدعوهم، ولا يملكون لدعوتها ردا جو شاعري، كما يتمناه كل ذي حس مرهف، ولكن.. "لكن" هذه التي تفسد كل جميل.. ولكن شارع الكورنيش كما، الشاطئ، يعج بالأوساخ، من مهملات الزائرين، قوارير، أكياس بلاستيكية، أكواب فارغة، أوراق، علب من كل نوع وشكل.. تصنع ديكورا آخر للكورنيش، يجعل ذلك الشاعر المرهف الإحساس، يشمئز، ويموت إحساسه، وتتعطل قريحته. سمعت فتاة لا يتعدى عمرها ثماني سنوات، تقول لأمها: "أين أضع كوب الشاي الفارغ؟ فقالت لها أمها بكل بساطة: "ارمها". صورة حية تعبر عن وعينا المعكوس، ولكن ملاة أخرى، لو أن مصالح البلدية علقت في كل عمود كهربائي سلة للمهملات، لما سألت الفتاة أمها، ولما أجابت الأم بجوابها غير الحضاري. سلوكنا يحتاج إلى تربية، أفرادا وجماعات، لا الفرد يؤدي دوره ولا السلطات المحلية والجمعيات المدنية الغائبة حيث يجب أن تكون متواجدة، أقول هذا الكلام، وأنا أقرأ أن رجلا بريطانيا، دفع غرامة مالية بقيمة 50 جنيها، لأنه رمى سهوا عود ثقاب أحرق إصبعه.