لم يعد الكلام عن انقراض طائر الحبار، ولا بعض الفصائل الحيوانية النادرة يعني الكثير ما دام أن المهتمين بالشأن لا يهمهم الأمر بعدما تجاوز الأمر الخشية من انقراض الحيوانات إلى الخشية من انقراض الأراضي الفلاحية التي زحف عليها الإسمنت، ونبتت فيها الأحياء والشقق والفيلات التي تشبه في هندستها علب الكارتون ولا توجد أي لمسة جمالية فيها. فقبل سنوات قليلة، كانت أصناف جميلة من الطيور تعيش في بعض الأراضي المحيطة بالعاصمة، وعلى رأسها عصفور الحسون "المقنين"، وفي ظرف قياسي وجيز اختفى العصفور واختفت معه الكثير من الكائنات الجميلة، حتى الفراشات لم نعد نشاهدها بعدما زرعنا البيطون وحصدنا الفيلات في الحميز وفي براقي وفي أحياء كثيرة، كانت إلى وقت قريب جنانا حقيقية، رغم أن مناطق كثيرة صالحة للبناء وغير صالحة للزراعة يمكن استثمارها في التشييد وإقامة الصروح السكانية، إلا أنها بقيت كاحتياط، حيث سيتم السطو عليها وإقامة مشاريع سكنية حين تنقرض الأراضي الفلاحية، وحينها ربما ستصبح حتى بطاطا الخنازير مفقودة، ويكون الطلب غير عادي عليها بما أن "بطاطتنا" ستنقرض، وربما سنجتهد لنغرس بعض ما نطمع فيه من خضراوات في الشرفات وما بقي من مساحات خضراء في الأحياء. والمشكلة أنه رغم الجرائم التي تحدث على مستوى الأراضي الفلاحية من خلال تزوير وثائقها وتحويلها إلى أغراض غير التي كانت عليه، فنادرا ما تفتضح الأمور، رغم أن الأمر يتعلق بقطع أراضي فلاحية تقدر بالهكتارات وليس بيضة يمكن إخفاؤها في الجيب.