هذا العام على خلاف الأعوام السابقة، لم تمر ذكرى تأسيس الحكومة الجزائرية المؤقتة مرور الكرام، رغم كونها تاريخا هاما في حياة الجزائر الحديثة، لأنها محطة انطلاق لجزائر الاستقلال، كما أنها تجسيد لتلاحم الشعب مع قادة الثورة من جهة، وانسجام القادة فيما بينهم رغم اختلاف توجهاتهم السياسية، من جهة أخرى، من أجل هدف واحد، هدف سام، هو الحرية. فهل هذا إعلان ، ولو بعد خمسين سنة من الاستقلال، عن المصالحة مع الذات، بالنسبة لرجال الثورة الذين مازالوا على قيد الحياة؟ إنني، كمواطن بسيط، لا يمكنني إلا أن أعبر عن ارتياحي لمثل هذا العمل، الذي من شأنه أن يعيد لتاريخ الجزائر صورته المشرقة التي تشوهها من حين لآخر، بعض الكتابات المغرضة، التي تتغذى على الاختلافات التي تحولها إلى خلافات ونزاعات، ولرجالاته حقهم ومكانتهم، التي هي لهم، لأنه لا يمكن القفز عليهم . فتاريخ الحركة الوطنية المرتبطة بمسالي الحاج على سبيل المثال، لا يمكن مهما تجاهلنا ذلك، أن نقفز على نضال الرجل من أجل الجزائر، كما أن الحديث عن النواة الأولى للدولة الجزائرية الحديثة، لا يمكن الحديث عنها دون ذكر أول حكومة مؤقتة ، وأول رجل ارتبط اسمه بها، ألا وهو فرحات عباس الذي تحمل مسؤولية رئاسة هذه الحكومة. هكذا سيكتب التاريخ أن فترة حكم الرئيس بوتفليقة شهدت مرحلة هامة من تاريخ الجزائر المستقلة، التي عرفت أنواعا من الخلافات، والتي كادت تعصف بالدولة الجزائرية الفتية، وهي مرحلة المصالحة الوطنية، بمفهومها الواسع والضيق، وإنني كمواطن بسيط، لا يسعني إلا أن أحيي الرجل على شجاعته في مسعاه، وأملي في الأجيال القادمة التي ستأخذ المشعل، أن تسعى سعي الأباء والأجداد الذين استعادوا للجزائر حريتها وكرامتها، إلى رأب الشقوق التي أحدثتها الخلافات والنزاعات..خدمة للوطن والشعب الذى عانى و يعاني..دائما!