تشهد أسعار الخضر والفواكه ارتفاعا رهيبا في الآونة الأخيرة بولاية عين تموشنت، مقارنة مع سنوات خلت، أو حتى أشهر سابقة، لما كانت المنطقة تعيش على وقع الجفاف، ليمُن الله بخيراته هذا العام وترتفع نسبة المغياثية وتمتلئ معها الخزانات والسدود. وعلى النقيض من ذلك، ارتفعت الأسعار لتبلغ ذروتها، مشكّلة معها عجزا في ميزان العرض والطلب، أرجعه البعض إلى نقص القدرة الشرائية لدى المستهلك وتصرفات سلبية لبعض التجار، من أولئك المضاربين وقناصي الفرص. وخلال جولة استطلاعية قامت بها "الأمة العربية" لبعض الأسواق بمدينة عين تموشنت، قلب الولاية، لاحظنا التشابه في قيمة الأسعار، والتي لا تكاد تكون مختلفة ببقية البلديات. فسعر البطاطا ومنذ أكثر من شهر، لم يتنح عن 70 دج، تنافسه الطماطم ما بين 100 و120 دج، كون المادتين أساسيتين في الطبق الجزائري، يضاف إليهما البصل ب 50 دج، بعدما لم يكن يتجاوز 20 دج للكيلوغرام. ولاية عين تموشنت لطالما اشتهرت بمادة البازلاء (الجلبانة)، نظرا لكثرة الأراضي المزروعة بها، لكنها هذا العام تسجل ارتفاعا مذهلا، قدّر بالأضعاف مقارنة بالعام الماضي، أين كانت تباع ب 50 دج للكلغ في أسواق الجملة، بعدما كان ب 10 دج، ليتبع هذه المواد، مادة الفول الذي يحضّر منه أطباق لذيذة، تتشابه مع تلك التي تشتهر بها الدولة الشقيقة مصر. هذه الأسعار التي ننقلها على سبيل الاستدلال لا للحصر، سجلت ارتفاعا كذلك في أسعار الفواكه التي قفزت بشكل ملفت للانتباه، أين ارتفع سعر الموز إلى الضعف؛ من 70 إلى 150 دج للكلغ. وعلى غرار التفاح الذي وصل إلى 200 دج للنوعية الرفيعة، يباع البرتقال ب 150 دج، ناهيك عن أسعار اللحوم التي التهبت، لتصل اللحوم الحمراء إلى أكثر من 850 دج للكلغ. وحتى الدجاج الذي كان يقتات به أولئك من الطبقة المتوسطة، ارتفع إلى 300 دج للكلغ في بعض الأحيان. وبين هذا وذاك، يتوجّه مستهلكون آخرون إلى اقتناء اللحوم المجمدة بدلا عن الطازجة، لأن أسعارها تبقى مرضية لدى البعض منهم، بالرغم من أنها عرفت هي الأخرى ارتفاعا طفيفا. وحسب آراء بعض أصحاب طاولات الخضر والفواكه، فيرجع هؤلاء الأسباب إلى المضاربات الحاصلة في أسواق الجملة، أين يؤكد محدثونا أن البضاعة وقبل وصولها تباع لعدة مرات، قبل وصولها إلى أسواق التجزئة. فالبطاطا مثلا، تباع في سوق الجملة ب 50 دج، لذا يضطرون إلى الرفع من سعرها، بينما يقول فلاحون أنهم رفعوا الأسعار مقابل تكاليف إنتاجها لغلاء الأسمدة، الأدوية وغيرها، وعلى رأسها غلاء بذور البطاطا. من جهة ثانية، أظهر المستهلكون الذين تحاورنا معهم، استياءهم لهذه الأسعار، حتى أن البعض منهم لم يعد يفرّق إن كانت هذه الأسعار موجهة للفقراء أم الطبقات المتوسطة، أم هي مخصصة للتجار ونواب البرلمان الذين لم تمسهم الزيادة بسوء. ومع تدني المستوى المعيشي والدخل الفردي والجماعي لهؤلاء المستهلكين، تأسف البعض منهم لعدم تدخل الدولة من أجل توازن الأسعار التي تبقى تتفرج عليهم دون مواجهة هذه التجاوزات. كما يخشى المستهلك المسكين الذي لا حيلة له من الارتفاع في الأسعار شيئا فشيئا قبل حلول رمضان، حتى أن البعض منهم شبّه هذه الفترة بتلك التي تسبق الشهر الفضيل، والتي معها يتزايد جشع التجار بدلا من التقرب إلى الله ورحمة أخيه المستهلك الذي وحده يدفع الفاتورة الملتهبة مضطرا.