اعتبر المهتمون بالأدب الشعبي أن المرأة في المجتمع العربي حافظة الذاكرة الشعبية الزاخرة بالحكايات والأمثال والقصائد العامية التي لا تزال تردد منذ الأزمنة الغابرة إلى اليوم. وفي هذه الورقة يوضح بعض الشعراء ودارسي الأدب الشعري في الوطن العربي، العوامل التي أدت دون بروز التجربة النسوية في الأدب العامي في الوطن العربي، كما يطرحون وجهة نظرهم حول حدود الحرية المنوحة للمرأة في هذا المجال بين من يرى بوجوب تقييدها ومن يرى بضرورة منحها كاملة. مصر تسجل تجربة رائدة قال الشاعر المصري الكبير، سمير عبد الباقي، إن مصر تعرف تواجدا مميزا للمرأة على ساحة الأدب الشعبي، ورفض المتحدث الرأي القائل بسيطرة الرجل على الميدان الشعري الشعبي والفصيح، كما رفض في السياق ذاته التفرقة بين الأدب النسوي والرجالي في الدول العربية على ما يظهر من دراسات تخص كل نوع على حدة، لتبيّن مواطن الاختلاف بين النوعين، وهو الكلام الذي وصفه سمير بكلام المثقفين والبرجوازيين الصغار. وأوضح الشاعر المصري الكبير أن الشعور المستمر للمرأة العربية بالقهر لا يعني بالضرورة أن الرجل هو ممارس هذا القهر وإنما يعود الى أن فعل القهر يعاني منه الرجل في المجتمعات العربية التي تعيش الفكر الواحد في جميع المستويات. وبالمقال، أضاف محدثنا "نجد في المجتمعات الطبيعية التي لم تدخلها عناصر التمدن بعد، سيطرة واضحة للمرأة على الشؤون الاجتماعية"، مشيرا إلى نساء الصعيد في مصر، في جنوبالجزائر، وفي الصحراء الغربية، وغيرها من المجتمعات العربية القبلية التي تعتبر في المرأة أساس المجتمع وركيزته. وفيما يتعلق بمواضيع الأدب الشعبي لدى المرأة قال محدثنا إن التجربة المصرية كشفت عن العديد من الشاعرات اللواتي يطرحن أشد مشاعرهن رقة وخفية في دواوين كثيرة تتطرق إلى موضوعات حساسة مثل الجنس والحب مثلها مثل الرجل، وهي تجربة اعتبرها المتحدث بالرائدة، والمميزة عن كل ما سجلته المرأة في الدول العربية الأخرى التي تظل على حد قوله تجربة مكبلة بالتقاليد والعادات الاجتماعية التي لا تزال تكبت صوت المرأة. المرأة في الجزائر تكتب برقابة من جهتها، أوضحت الشاعرة الجزائرية مي غول، أن علاقة المرأة الجزائرية بالشعر الشعبي قديمة منذ أن كانت المرأة لا تعرف حرفا، مشيرة الى دور القصائد التي كانت تنظمها النساء أثناء الثورة في تشجيع المجاهدين. وأضافت مي غول أن هذه الأشعار قالتها نساء أميّات ولكنها بقيت في تاريخ الثورة الجزائرية. كما اعتبرت الشاعرة أن عدد الشاعرات الجزائريات اللواتي يكتبن الشعر الشعبي قليلات على اعتبار أن التوجه الدراسي يجعلهن يتوجهن مباشرة لكتابة الشعر الفصيح، وبالمقابل يتوجه الرجل أكثر الى الشعر الشعبي. وقالت مي غول إن الكثير من الجزائريات يكتبن برقابة، لذلك لا توجد الكثير من الشاعرات الجزائرية في مجال الشعر الشعبي، مشيرة إلى تجربة المرأة في قصيدة الغزل و إن كانت هذه التجربة قديمة إلا أنه لم يرى منها النور إلا القليل، لذلك اقتصرت هذا الكتابات على كونها رسائل غرامية، كثيرا ما تمزق بدافع الخوف من المجتمع الذكوري. في الوقت نفسه ترى المتحدثة بضرورة وضع حدود للحرية التي تستفيد منها المرأة في الدول العربية والتي تجعلها تخوض في مواضيع إباحية على حد قول الشاعرة مشيرة إلى إحدى الشاعرات السعوديات التي نظمت قصيدة تصف فيها لقاء غراميا جنسيا. كما لم تسجل في تجربة المرأة الجزائرية والعربية على حد سواء ولوجها إلى عالم السياسة وبقيت كتاباتها تدور حول عن الوطنية، والقومية العربية والقضايا العربية. التجربة الليبية لم تطرق طابوهات السياسة ساهمت مهرجانات الشعر الشعبي في ليبيا في إعطاء إمكانية كبرى لهذا النوع من الأدب العربي، وساهمت في إبراز التجربة الشعبية بكل فصولها، وفسحت المجال أمام المرأة لتقدم إبداعاتها في ميدان الشعر. وقالت الصحفية الليبية، فاطمة غندور، إن الروح الشعرية موجودة لدى النساء، في ليبيا التي تزخر بالشاعرات ممن يقلن الشعر الأدبي، ويحفظن الحكايات والقصص الشعبية وهن في بيوتهن لكن القليلات ممن يوثقن ما يكتبن، لأن الظرف المحافظ يمنعهن. لذلك، يُعنى البرنامج الذي تقدمه الصحفية بنفض الغبار على هذه الإبداعات وحفظها من الاندثار، من خلال استذكار كل ما قيل من شعر وقصة وأمثال شعبية. وذكرت المتحدثة أنه في الفترة الأخيرة ظهرت نساء داخل الخيمات ووقفن في مسابقة مع الرجال، حيث يلقين نصوصهن ويفزن بجوائز المهرجانات المتعددة. أما ما تعلق بمواضيع الطرح تقول المتحدثة إنها لم تخرج عن المواضيع الاجتماعية والدينية، ولم تتطرق إلى السياسة كأهم طابو في ليبيا، وهو نفس المشكل الذي يعاني منه الأدب الرجالي في هذا البلد.