هل يمكن للثعلب أن يُصبح أفضل صديق للإنسان؟، هو السؤال الذي طرحته مجلة ناشيونال جيوغرافيك الأمريكية في طبعتها الثالثة والثلاثين باللغة العربية، والذي وضعته عنوانا رئيسيا ( جيل جديد من الوحوش الأليفة) لعددها الجديد الذي صدر في مارس 2011، هي تنشر بحث عن طرق تدجين الحيوانات، أجراه عالم أحياء سوفييتي يدعى دميتري بليائيف، الذي تمكن عبر تجربة رائدة قادها منذ أكثر من نصف قرن، على 130 ثعلب، من اختزال آلاف السنين من تدجين الحيوانات إلى بضعة أعوام، وتوصل بذلك إلى نتائج باهرة أذهلت المجتمع العلمي. أما أخطر ما تم اكتشافه على يد تلاميذه اليوم، فهوجين مشترك بين الحيوان والإنسان، يمنح بعض الأطفال المرضى "صفات تدجينية" شبيهة بتلك لدى الكلاب المستأنسة.. كما كشفت المجلة في عددها الجديد بعض الأسرار عن عائلة الملك ( توت)، عن طريق فك شيفرة الحمض النووي ل: 10 من المومياوات قام بها العالم المصري الكبير الدكتور زاهي حواس، الذي يترأس فريقا علميا، وهذا لمعرفة شجرة عائلة توت عنخ آمون، وهو بحث جيني مذهل يتركز حول أربع نساء مجهولات الهوية، ومومياء رجل عُثر عليها في مقبرة غريبة بوادي الملوك، وجنينين وجدا في ضريح الملك توت، يكشف عن زوجتين، وولدين، ووالدين شقيقين، للفرعون الصغير. موضوع آخر مثير للاهتمام لاسيما بالنسبة للمهتمين بميدان الجيولوجية، من خلال اكتشاف عصر جيولوجي جديد اسمه " الأنثروبوسين" أو "عصر الإنسان"، من سماته التأثير البشري الهائل على الكوكب، ستبقى آثاره راسخة في الأرشيف الجيولوجي زمنا طويلا بعد اندثار جميع المدن يتساءل فيه صاحب البحث إذا ما كانت تأثيرات هذا التحول معتدلة، على غرار عشرات التحولات التي دونتها طبقات الصخور، أم سيظهر كشريط مختلف المعالم يشير إلى وقائع سيئة – على غرار الانقراض الكبرى التي حدثت نهاية عصر الأردوفيس؟. كيف جاءت المجلة باللغة العربية؟ الجمعية الجغرافية الوطنية (ناشيونال جيوغرافيك) ( National geographic)، تأسست في 13 جانفي 1888، بواشنطن تضم 33 عضوا من مختلف التخصصات العلمية (جغرافيون، مستكشفون، محامون، ضباط في الجيش، علماء أرصاد جوية، رساموا خرائط، علماء طبيعة، مصرفيون، مدرسون، علماء أحياء، مهندسون، ومخترعون)، من أجل مناقشة "إمكانية تأسيس جمعية تهدف لتوسيع ونشر المعرفة الجغرافية" وخدمة الشأن العام، يترأسها محام يدعى جاردينر جريني هابرد، ولنشر المعرفة الجغرافية، أصدرت الجمعية أول عدد من مجلتها تحت اسم "ناشيونال جيوجرافيك ماغازين" في أكتوبر 1888. واتسم هذا العدد بمستواه التقني العالي، إذ اقتصر توزيع العدد الأول منها على الأعضاء المائتين الأوائل من المؤسسين. وأصبحت تصدر بصفة شهرية بداية من جانفي 1896 ومن أجل بعث الحياة في المجلة وتشجيع الناس على الانخراط في عضويتها، تحولت من مجرد دورية تقدم حقائق جغرافية جافة إلى مجلة مفعمة بالعلوم والحقائق حول العالم، فحجزت لنفسها موقعاً مميزاً في عالم النشر، وبتقنياتها العالية في الإخراج الفني واستخدامها الصور الملونة، تربعت "ناشيونال جيوغرافيك ماغازين" على عرش الصحافة المصورة بكل جدارة، واعتباراً من أكتوبر 2010 تصدر "ناشيونال جيوغرافيك" باللغة العربية من أبوظبي، بعدما صدرت من قبل ب 32 لغة أخرى، لتكتمل بذلك حلقة مهمة في عقد الإعلام العلمي العربي.