تدل الأرقام على أن الظاهرة استفحلت في المجتمع الجزائري بكل طبقاته ومستوياته، ولم تعد ظاهرة تعاطي المخدرات في الأحياء الشعبية كما شاع بل توجد في أرقى الأحياء، وأن متعاطيها قد ينتمون إلى كبار العائلات الثرية. وأصبح المجتمع ككل مهددا بالانهيار وقد نصبت في الماضي لجنتان من طرف السلطات العمومية لدراسة آفة المخدرات والإدمان عليها، كانت الأولى في سنة 1971، والثانية في 1992، ولكن نشاطهما لم يفض إلى إرساء سياسة وطنية مدعمة بوسائل ملائمة، وهذا بسبب عدة عوامل في ظل التوسع الذي يشهده التراب الوطني ( 1200 كلم من السواحل و أكثر من 6000 كلم من الحدود البرية) أمام نقص وسائل مراقبة الحدود، مما يستوجب إعادة النظر في السياسة التي وضعتها الدولة الجزائرية، قدم الدكتور مسعود شيهوب، نائب المجلس الشعبي الوطني، في يوم دراسي حول ظاهرة الإدمان على المخدرات نظمته الفدرالية الوطنية لمكافحة الإدمان على الكحول والمخدرات، أمس الأحد، بالمسرح الجهوي قسنطينة تحت إشراف رئيسها الدكتور عبد الله بن أعراب الجانب القانوني في مكافحة ظاهرة الإدمان على المخدرات وما تضمنته المادة 15 من قانون 2004 الذي أعطى لمفتشي الصيادلة والمهندسين الزراعيين والقضاء الحق في تفتيش المساكن والمصانع والمخازن وكل الأمكنة التي يخبأ فيها أصحابها المخدرات والأقراص المهلوسة، كما أعطى القانون لوكلاء الجمهورية الحق في التفتيش حتى لو كانت القضايا خارج الاختصاص ليلا ونهارا. كما عرض الدكتور مسعود شيهوب النصوص التي تضمنها أول أمر يتعلق بقمع الاتجار في المخدرات أو ترويجها أو استهلاكها، وهو الأمر رقم 09/75 المؤرخ في 17 فيفري 1975، ولا يشمل الأمر حسبه المخدرات فقط، بل جميع المواد السامة التي تؤثر على الصحة العقلية، غير أنه ألغي وجاء مكانه نص قانوني جديد صدر في 1985، سمح فيه بوضع المدمنين في مصحات للعلاج، غير أنه لم يعف تجار هذه المواد السامة وأدرج نصوص ردعية صارمة. وباعتباره رجل قانون، أفاد شيهوب أن دور القانون يأتي في المرحلة الأخيرة بعد التدخل الطبي، النفسي وتدخل علماء الاجتماع والأطباء الأخصايين لاسيما النفسانيين منهم، ولحماية شبابها من هذا المواد السامة صادقت الجزائر يضيف الدكتور شيهوب في محاضرته عدة اتفاقيات دولية بدءًا من الاتفاقية الوحيدة للمخدرات والتي تم التوقيع عليها مع بداية استقلال الجزائر المؤرخ في 11 سبتمبر 1963، ثم اتفاقية الأممالمتحدة، ويأتي بعده البروتوكول المعدل للاتفاقية الوحيدة، صدر هذا الأخير في 05 فيفري 2002، ومن جهته كشف السيناتور كمال بوناح بعض الممارسات اللاقنونية التي يمارسها بعض المسؤولين الكبار الذين يتلقون رشاوي من تجار المخدرات، ولم تتوقف ألأمور كما فال عند هذا الحد فحسبن بل توسعت الظاهرة في الحملات الانتخابية، وهذا بسبب ضعف المراقبة داخل الصيدليات والمستشفيات، وهو أمر لا ينبغي السكوت عنه، كون خطر الإدمان كما قال الدكتور مسعود شيهوب لم يعد يمس مجتمعا أو دولة بعينها، وإنما أضحى مشكلة عالمية عرف تطورا مأساويا. فمن خلال الأرقام التي قدمتها مصالح الدرك الوطني والأمن يلاحظ حجم الخطر الذي بات يهدد الشباب من كل النواحي (الأمنية، الصحية، الاجتماعية، الاقتصادية، النفسية والعقلية، بما فيها الجانب الأسري و الأخلاقي)، لاسيما وهذه النواحي تحرم المجتمع من طاقاتهم الإنتاجية حيث يصبحون عالة على المجتمع الذي يعيشون في كنفه، حيث سجلت سنة 2009 أين تم تسجيل 64 طن من المخدرات على المستوى الوطني. أما بعاصمة الشرق، فقد سجلت فرق مكافحة المخدرات التابعة لأمن ولاية قسنطينة خلال السنة الفارطة (2010) أكثر من 07 كلغ مخدرات، و3510 قرصا مهلوسا، تورط فيها 230 شخص، مقارنة من سنة 2009 أين تم حجز 02 كلغ من المخدرات و 2197 أقراص مهلوسة. أما في السداسي الأول للسنة الحالية (2011)، فقد حجزت ذات المصالح أزيد من 04 كيلوغرام و حوالي 1000 قرص مهلوس.