كشفت عملية الاستقدامات التي تمت خلال هذه الصائفة من طرف الأندية أن الأمور لا تزال تسير وفق الأهواء وبدون قانون واضح ينظمها رغم ان البطولة الجزائرية تدخل في عامها الثاني في عالم الاحتراف، حيث لا يعير رؤساء الأندية أي اهتمام للجانب التكويني الذي يعتبر من أهم أركان الإحتراف المعمول به في أوروبا، فالأجيال تتجدد بصفة دورية واللاعبين الذين يتقدمون في السن يركنون إلى الهامش تدريجيا حتى ولوحافظوا على إمكانياتهم لأن هذا العامل يعد شرطا أساسيا في تزايد قيمة الصفقة، غير أن المعادلة تسير في الإتجاه المعاكس عندنا، حيث أفرزت عملية الانتقالات هذا الصيف أن الكهول لا يزالون يسيطرون على السوق المالية باعتبارهم لا يجدون أمامهم منافسة من الشبان نظرا لغياب ثقافة التكوين القاعدي لدى الأندية وهوما زاد من جشع هؤلاء، إذ أصبحوا يتفاوضون من موقع قوي حتى أن رؤساء الأندية الكبيرة يدخلون في صراعات مريرة للاستفادة من خدماتهم وذلك لسبب واحد وهو أنهم يتمتعون بالخبرة الكافية. حداد لم يعتبر بما حدث لمنادي وسرار ولم يعتبر بعض الرؤساء من الوضعية التي آل إليها زملاؤهم الذين دخلوا سوق الانتقالات بقوة مالية كبيرة واستحوذوا على أغلب النجوم الذين انجبتهم البطولة المحلية، حيث يعتبر رئيس اتحاد العاصمة علي حداد المسيطر الوحيد هذه المرة على السوق وذلك بانتدابه لأحسن اللاعبين، ورغم ذلك فقد أبدى تخوفه من عدم تحقيق الأهداف المسطرة، مما يعني أنه لم يقم بهذه العملية بدراسة علمية معمقة بل استعمل فقط لغة الأموال، وكان رئيس اتحاد عنابة عيسى منادي قد فاجأ الجميع قبل مواسم باستقدامه لكوكبة من النجوم لكن النتائج كانت مخالفة للتوقعات، ولما استفاق وجد الفريق قد هجره كل هؤلاء دون أدنى فائدة، ونفس الأمر حدث مع الرئيس السطايفي عبد الحكيم سرار الذي استطاع تكوين فريق الأحلام، ولو انه حقق بعض النتائج، إلا أن عدم التخطيط على المدى الطويل والدراسة العلمية للاستقدامات عجلت بتبخر كل أحلامه، إذ لما انتهت الأموال رحل الجميع. رؤساء الأندية يشجعون اللاعبين على المزيد من الجشع والملاحظ أن ظاهرة الجري وراء لاعبين محددين، ولوكانوا متقدمين في السن، أصبحت مستفحلة لدى الأندية، حيث يجد الرؤساء أمامهم الفرصة للإستفادة من المواهب دون عناء صرف الأموال على التكوين القاعدي حتى أصبحت كرة القدم تتحكم فيها الأموال وقانون العرض والطلب، في وقت تشهد فيه الأندية الأوروبية تحركات مكثفة ولقاءات دورية لتقنين سوق الإنتقالات ومحاولة تحديد سقف الصفقات، فأصبحت الملايير هي اللغة الوحيدة التي تدخل في المفاوضات وهوما فتح شهية اللاعبين الأكثر طلبا مستغلين بذلك طمع الرؤساء في الربح السريع. لاعبوالملايير يقدمون مردودا بالدنانير هذه الظاهرة أفرزت واقعا كرويا مرا وهي أحد أهم الأسباب التي تؤدي إلى اندلاع أعمال الشغب في الملاعب، فالأنصار لا يقرؤون في وسائل الإعلام سوى عناوين لا تخلومن الملايير في الإنتدابات ولكن الأداء لا يعكس بتاتا تلك القيمة وهوما يحز في أنفسهم ويثير حفيظتهم، وقد أكد الكثير من اللاعبين القدامى أن وصول قيمة اللاعب المحلي إلى مليار وأكثر ساهم بشكل مباشر في تدني مستوى البطولة، لأنه لا يفكر في مصلحة فريقه وألوانه أكثر من الجري وراء ربح الأموال، وبالتالي فقد افتقد أغلب اللاعبين لحب أنديتهم التي ترعرعوا فيها، وفي هذا الصدد قال المدافع السابق للمنتخب الوطني فوضيل مغارية أنه من شدة تعلقه بألوان فريقه أولمبي الشلف فقد رفض عرض مغري جدا في ذلك الوقت من إدارة مولودية وهران، حيث وعده رئيسها آنذاك بفيلا وسط المدينة ومحطة البنزين. حناشي يحاول تشبيب فريقه وسط انتقادات لاذعة من الأنصار ويكاد يكون رئيس شبيبة القبائل محند شريف حناشي الوحيد الذي يحاول انتهاج سياسة التشبيب، حيث في كل موسم يقوم باستقدام عنصر أو أكثر من الأقسام السلفى وحتى من أدغال إفريقيا بمبالغ زهيدة ليقوم بعدها بتحويله بصفقات خيالية كما حدث مع عدة لاعبين على غرار بزاز، رحو، حيماني، شاوشي وديمبا، ولكن هذه السياسة لقيت هجوما عنيفا من طرف الأنصار، حيث يرون أن الشبيبة أصبحت بذلك كحقل للتجارب عوض أن تكون قبلة للنجوم، وبالتالي فإن هذه النقطة تعتبر من أهم العوامل التي ساهمت في تدهور العلاقة بين الرئيس وأنصار الكناري، وهذا الموسم تمكن من انتداب عنصرين من العيار الثقيل وهما حيماني ومترف وبولمدايس وكامارا، ومقابل ذلك ضيع العديد من الركائز على ذكر يحي شريف، حميتي، دويشر وغيرهم. مدة العقد أبرز خلاف بين الرؤساء واللاعبين ولعل أبرز نقطة خلاف بين رؤساء الأندية واللاعبين هي مدة العقد، حيث يريد الرؤساء ربط اللاعب بالنادي لمدة تزيد عن ثلاث سنوات وذلك للإستفادة ماديا من تحويله في حال وصلته عروض هامة، في حين فإن اللاعبين يفضلون الإمضاء علبى عقود لا تتعدى سنة واحدة، حيث وحتى لواضطروا إلى التنازل عن بعض الامتيازات ليجدوا أنفسهم أحرارا من أي التزام قانوني تجاه أنديتهم مع نهاية الموسم، مما يسمح لهم بإبرام صفقات أخرى سواء بتجديد العقد أوالانتقال إلى ناد آخر.
غياب الأموال تدفع الأندية إلى الاعتناء بأصنافها الصغرى وتبقى الحالة الوحيدة التي تحتم على الأندية التوجه إلى الإستثمار في الشبان هي تواضع القدرة المالية لديها، حيث عندما تجد نفسها غير قادرة على جلب النجوم أوإقناع الركائز بالبقاء تلجأ إلى الإستنجاد بعناصر الأقسام الدنيا والشبان، وهوما أقدم عليه وفاق سطيف الذي فقد هيبته، حيث لم يجد الأموال التي يعوض بها رحيل كل نجومه مما حتم عليه استقدام لاعبين من الدرجات السفلى.