يبحثون عن النجاح ويدفعون عنهم تهم الغش بكالوريا 2008 هي آخر بكالوريا لتلاميذ النظام القديم على مستوى المؤسسات التربوية، حيث وُضع هؤلاء السنة الماضية في أقسام خاصة مفصولة عن الأقسام التي شملتها الإصلاحات أو ما يعرف بالنظام الجديد، هذا الأخير الذي حقّق نتائجا إيجابية -حسب القائمين على القطاع- لم تحقق في ميدان التربية منذ الاستقلال والدليل هو نسبة النجاح التي بلغت 55.04٪ وإحصاء 120 ناجح ممن تتراوح معدلاتهم بين 16.62 و18.34 أغلبهم من شعبتي الرياضيات والعلوم التجريبية، هذه الأرقام التي دفعت إلى التشكيك فيها وفي الإصلاحات التي أدخلت واستحداث نظام جديد وإبعاد النظام القديم عن المؤسسات التربوية بل دفعت بالبعض إلى حد اتهام المسؤولين بتسهيل عملية التصحيح بالنسبة للنظام الجديد ليرتفع عدد الناجحين وليتأكد أن الإصلاح كان إيجابيا. ومن جهة أخرى، فإن النظام القديم حقّق هو الآخر العام الماضي نسبة نجاح قريبة من نسبة النظام الجديد إذ قدرت ب 50.22٪ وسجلت أعلى نسبة في ولاية تيزي وزو 64.54٪ تلتها الجزائر شرق ب 62.13٪ ثم معسكر ب 61.12٪، ورغم ذلك إلا أن هذا النظام استبعد تماما عن التعليم الأكاديمي ليبقى محصورا في نظام الأحرار لمدة لا تتجاوز 3 سنوات وما يأتي بعدها سيطبع بختم "غير صالح ل...". 17 تلميذا في قسم موازٍ ببناية مهجورة في قلب أحد الأحياء الشعبية بالعاصمة وبإحدى البنايات القديمة المهجورة بفعل التشققات التي خلفها زلزال 2003، التقينا مجموعة من الشبان والفتيات، عددهم 17، تتراوح أعمارهم بين 20 و30 سنة منهم 5 جامعيين، قاسمهم المشترك أنهم مترشحين لبكالوريا 2009 -نظام قديم- تجمع هؤلاء في إحدى الغرف ينتظرون مجيء الأستاذ لمراجعة دروس وحل تمارين الرياضيات، الفيزياء والكيمياء. سألناهم لماذا اختاروا هذا المكان الآيل للسقوط، فأجابوا بأنه لا يوجد مكان آخر يلتقون فيه للمراجعة، كما أنه أقل تكلفة لأنهم يدفعون 1500 دج في الشهر مقابل 3 مواد وأن الأستاذ يقدم لهم حصصا إضافية تتعدى الثلاث حصص في الأسبوع خاصة مع اقتراب موعد الامتحان، وكل ذلك دون مقابل. وفي دردشة جمعتنا بهم، فتح هؤلاء المترشحون قلوبهم ل"الأمة العربية"، إذ راحوا يتحدثون عن جملة من المشاكل المادية والتربوية وكذا حرمانهم من بعض الحقوق والامتيازات التي يتمتع بها نظراؤهم في النظام الجديد، ومن أهم هذه المشاكل مشكل إيجاد مكان للمراجعة الجماعية بحضور أستاذ أو بدونه، فبعد أن صُدّت في وجوههم أبواب الثانويات لم يبق أمام طلبة النظام القديم سوى الاستنجاد بالكتب والحوليات والمراجعة الجماعية في مكتبات البلديات ودور الشباب أو في أماكن أخرى التي تعرف "بالأقسام الموازية" كحال جماعتنا هذه أو تلك التي يرتادها بعض المرتاحين ماديا -وهم فئة قليلة- على مستوى المدارس الخاصة التي تقدم دروس الدعم في المواد الأساسية مقابل 1500 دج في الشهر للمادة الواحدة بمعدل حصة في الأسبوع مدتها ساعتين، أو الدروس الخصوصية التي يقدمها أساتذة -سامحهم الله- ويتقاضون 1000 دج في الشهر للمادة الواحدة بمعدل حصة في الأسبوع. وأعجاب واضح بالنظام الجديد حقوق التسجيل هي الأخرى اشتكى منها الطلبة الأحرار، فهي مرتفعة جدا مقارنة بالنظامين، فالمترشح الحر يدفع 3000 دج إذا كان راسبا ولم يحصل على الشهادة من قبل أما إذا كان ناجحا وحائزا على شهادة البكالوريا فإنه يدفع 5000 دج. أما مواضيع الامتحان، يقول عنها المترشحون، إن كثرة المواضيع الاختيارية عادت عليهم بالسلب في امتحان البكالوريا مثلما حدث العام الماضي، إذ يجد الطالب نفسه في حيرة ماذا يختار؟ فقراءة كل المواضيع والاختيار بينها يأخذ وقتا كبيرا من وقت الامتحان ويربك المترشح، كما أن برنامج النظام القديم مكثف مقارنة ببرنامج النظام الجديد -الخفيف- حسب تعبير الطلبة وليس هذا فحسب، فإن المسؤولين قرروا حذف جزء من دروس النظام الجديد لا تدخل في امتحان البكالوريا، وزيادة على هذا هناك امتيازات يتمتع بها مترشحو النظام الجديد بينما مترشحو النظام القديم محرومون منها مثل الحق في الإضراب والحق في دروس الدعم خلال العطلة الشتوية والربيعية. "لسنا غشاشين وتصريحات الوزير تضر بمصداقية المنظومة" أثارت تصريحات أبو بكر بن بوزيد، وزير التربية الوطنية، خلال الندوة الصحفية التي عقدها الأسبوع الماضي، سخط واستياء العديد من مترشحي البكالوريا الأحرار الذين اعتبرهم مصدرا للغش قائلا: "إن أغلب مشاكل الغش تأتي من هؤلاء"، وعليه، أمر الوزير بتشديد الحراسة على المترشحين الأحرار عن طريق تخصيص 5 أساتذة للحراسة في كل قسم، حيث يوضع حارسان في الأمام وحارسان في الخلف وواحد يقف وسط القسم، وقد عبر المترشحون الأحرار عن استيائهم من كلام الوزير ل"الأمة العربية" إذ قال محمد (22 سنة ويجتاز الامتحان للمرة الرابعة على التوالي) "لم يكفهم ما قاموا به بحجة الإصلاحات لكن فوق كل هذا يتهموننا بالغش، لو كنا نغش لكنت الآن في الجامعة على وشك التخرج، دعونا ندرس بسلام، لا تشوشوا علينا والامتحان لم يتبق له سوى أيام معدودة، سندرس جاهدين للنجاح لنريحكم منه وترتاحون كليا من كلمة النظام القديم"، أما شهر زاد (25 سنة) التي تعيد البكالوريا للمرة الخامسة كمترشحة حرة ترى بأن تصريحات الوزير تدفع إلى التشكيك في مصداقية المنظومة التربوية ومؤسسات التعليم عن بعد وهيئات أخرى وتتساءل ما الجدوى من تواجدها وما مصداقية عملها، في حين وجهت آمال (23 سنة) سؤالا لعميد الوزراء تقول فيه "لدي رغبة كبيرة في مواصلة الدراسة والحصول على شهادة البكالوريا ولو تطلب مني ذلك سنوات عديدة من حياتي، لكن ماذا عن مستقبلي يا معالي الوزير إذا لم أتحصل عليها في الفرص الثلاثة المتبقية التي حددتها للنظام القديم، فما هو مصيري عند ذلك؟"