أكد محمد ولد محمدي، مدير دائرة الترقية الصناعية بوزارة الصناعة والمؤسسات الصغيرة والمتوسطة، أمس، أن الحكومة بصدد بحث إقرار إجراءات جديدة تهدف إلى تنمية وتطوير محيط البحث العلمي والابتكار بما يخدم الباحثين الجزائريين الذين عبّروا في أكثر من مناسبة عن انشغالاتهم واستيائهم من غياب المتابعة والمرافقة والتحفيز، موضحا أن هذه الإجراءات تهدف بالدرجة الأولى إلى الحد من نزيف الكفاءات الجزائرية نحو الخارج، وبالتالي المساهمة في التنمية الاقتصادية الوطنية. وقال محمد ولد محمدي، أمس، على هامش افتتاحه لفعاليات الصالون الوطني الأول للابتكار الري على مدى يومين بقصر المعارض بالعاصمة، إن الكم الهائل من المؤسسات التي تشارك في هذه التظاهرة والمقدر عددها ب 80 مؤسسة، معظمها متكونة من إطارات شابة من خريجي الجامعات والمعاهد العليا المتخصصة، تكشف مدى الاهتمام والحرص الذي اصبح يوليه الباحثون الجزائريون لقضايا الابتكار والتنمية، برغم المشاكل والعقبات التي تعترض مسيرتهم وكانت محل انشغالات رفعت الى الوزارة الوصية والمؤسسات والهيئات المعنية بهذا القطاع، موضحا ان الحكومة تدرس حاليا حزمة من القرارات والاجراءات الرامية الى تشجيع المبتكرين والمخترعين الجزائريين. وقال ولد محمدي إن شعار هذه التظاهرة وهي الاولى من نوعها "الابتكار محرك التنافسية"، يعكس فعلا المقاربة التي تحاول الدولة إضفاءها على محيط الابتكار بشكل عام، وذلك بإقحام المبتكرين الجزائريين في معارك التنمية الاقتصادية. كما ستحرص الوزارة الوصية على إثراء النصوص التشريعية والتنظيمية المتعلقة بحقوق الملكية الصناعية ومهام المعهد الوطني الجزائري للملكية الصناعية وتطوير التنسيق بين البحث العلمي والعالم الاقتصادي، ناهيك عن ترقية التقييس كدعم للابتكار وتشجيع المؤسسات المتوسطة والصغيرة المبتكرة. المعهد الوطني للملكية الصناعية بصدد التحضير ل "بطاقية وطنية" للمبتكرين وكان المدير العام للمعهد الوطني للملكية الصناعية، عبد الحفيظ بلمهدي، قد أكد قبيل افتتاح الصالون في تصريحات للقناة الاذاعية الاولى، صباح أمس الثلاثاء، أن تنظيم الصالون الوطني للابتكار يأتي في ظل معطيات وتوجه سياسي جديد، ويتعلق الامر بالتوقيع على اتفاق بين وزارة الصناعة والمنظمة الدولية للملكية الفكرية، يقضي بالتعاون من اجل تطوير كافة المحاور المتعلقة بالملكية الفكرية، وأضاف ان وزارة الصناعة تعكف حاليا على وضع استراتيجية وطنية للملكية الفكرية من شأنها خلق روابط بين قطاع البحث العلمي والقطاع الصناعي والاقتصادي. وتطرق عبد الحفيظ بلمهدي، إلى أسباب فشل المبتكرين في الجزائر ونجاحهم خارجها، موضحا ان الامر يتعلق أساسا بالبيئة والظروف الداخلية للمخترع أو المبدع، إضافة إلى المحيط الاقتصادي العام بالجزائر، منتقدا التركيز ولعقود طويلة على الاقتصاد شبه الاحادي الذي يعتمد على الاستثمارات الثقيلة، وهو مناخ لا يشجع إطلاقا على دفع مثل هذه الابتكارات، لننتقل بعد ذلك إلى تطوير ودعم المؤسسات الخاصة، بينما لم يتم التركيز على المؤسسات الصغيرة والمتوسطة إلا خلال السنوات الأخيرة من خلال تشجيع الفكر الاقتصادي، أو ما يعرف باقتصاد المعرفة الذي يعتمد اساسا على افكار المبدعين والمخترعين. كما أكد ذات المسؤول أن المعهد الوطني للملكية الصناعية يقوم بإعداد قائمة وطنية لجميع المبتكرين والمخترعين، وقال إنها ضمت لحد الساعة 500 مخترع، فيما تم تسجيل 80 طلب براءة اختراع خلال السداسي الاول لسنة 2011، من بينها 34 طلبا لمخترعين مستقلين (غير حاملي شهادات جامعية) و13 طلبا لباحثين جامعيين، فيما تركزت مجالات الاختراع حول الميكانيك والإلكترونيك والكهرباء. وأوضح بلمهدي أن حماية المبتكرات الخاصة بالأفراد والمؤسسات على المستوى الدولي، لا تزال تشكّل عائقا أمام المبتكرين الجزائريين، سواء كأشخاص أو كمؤسسات، لارتفاع تكاليف الحماية وعدم قدرة الأشخاص خاصة على تحمّلها. فيما تطرق براهيتي عموري، المدير العام للمؤسسات المتوسطة والصغيرة، إلى الجائزة الوطنية للابتكار في طبعتها الثالثة لفائدة المؤسسات، والهدف منها مكافأة وتشجيع المؤسسات المبتكرة بغرض دعم الابتكار الذي يعد عاملا لتحسين التنافسية فيما بينها. "جائزة المنافسة" تهدف إلى تثمين البحث العلمي في محيط المؤسسات الصغيرة والمتوسطة وتمس المنافسة العديد من القطاعات كالنسيج والميكانيك والإلكترونيك والكيمياء، حيث تشارك فيها 21 مؤسسة صغيرة ومتوسطة، وسيتم الإعلان عن المؤسسات الفائزة بالمراتب الثلاث الأولى في حفل تسليم الجائزة الوطنية للابتكار لفائدة المؤسسات، وكذا الجائزة الوطنية لأحسن اختراع. ويتولى تقييم المؤسسات المشاركة في مسابقة نيل الجائزة، لجنة متكونة من شخصيات علمية معروفة وطنيا ودوليا ومسؤولي هيئات دعم المؤسسات المتوسطة والصغيرة المبتكرة وتثمين نتائج البحث العلمي والملكية الصناعية وخبراء. وتعتمد اللجنة في تقييمها على جملة من الشروط، كالمواصفات التقنية للابتكار، وأثره على المؤسسة من حيث رقم الأعمال والتشغيل والتصدير والتنافسية، وكذا على الاقتصاد الوطني ومدى استجابته لتطلعات الزبائن ومدى احترامه للبعد البيئي. وإلى جانب المبتكرين، تشارك جامعتا الشلف والبليدة إلى جانب 15 مؤسسة اقتصادية و55 مؤسسة مبتكرة، ويهدف هذا الصالون الذي تنظمه الجزائر لأول مرة تزامنا مع إحياء الذكرى الخامسة عشر لليوم الوطني للابتكار، إلى خلق فضاء للاتصال وتبادل الخبرات بين المبتكرين من أجل النهوض والمساهمة في التنمية الصناعية والتكنولوجية، وذلك حسب ما أكده.